بدايات التمثيل وحكايات من تاريخ “المشخصاتية”
مصر عرفت التمثيل مع الحملة الفرنسية وكان الغرض منه الترفيه عن جنود الحملة. تعالوا نعرف تاريخ “التشخيص” أو التمثيل في مصر بدأ ازاي؟ ومين أبطاله؟
أول “مسرح” في مصر
دكتور سيد إسماعيل في كتابه “تاريخ المسرح في العالم العربي” قال إن أول مسرح اتأسس في مصر هو “مرسح الجمهورية والفنون” على إيد اتنين من البعثة الفرنسية العلمية كانوا من الموسيقيين الكبار اسمهم ريجل وفيلوت، وكان لفظ “مرسح” هو البديل بتاع لفظ المسرح لسنين طويلة، المسرح ده قدم روايات لفولتير وموليير.
أما على المستوى الشعبي في مصر، فكانت بداية التشخيص أو التمثيل فيه سنة ١٨٣٣ فرقة اسمها “المحبوظون”، وهما مهرجين وبيقدموا فقرات في المناسبات العامة زيّ الأفراح ومناسبات في بيوت الناس المهمة، وبحسب كتاب “عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم” لإدوارد وليم لين، كانت الفرقة كلها من الرجالة وحتى أدوار الستات كان بيقوم بيها ولد متنكر.
في كتب تانية زي “قهاوي الأدب والفن في القاهرة” لعبد المنعم شميس اتكلمت عن ناس اسمهم “أولاد الرابية” و”بتوع رمز”، وهما عبارة عن بهلوانات بيزينوا وشهم بألوان وبيمثلوا أدوار أو بيشخصوا زي ما كان بيتقال عليهم، وكانت العروض دي في القهاوي الشعبية.
النظرة للمشخصاتي
دايمًا بنسمع إن زمان مهنة الممثل أو المشخصاتي هي مهنة حقيرة وده ليه سبب تاريخي وهو إن أول “مشخصاتية” كانوا مهرجين وقرداتية، وبحسب “موسوعة تراث مصري” لأيمن عثمان، كانت مش بتتقبل شهاداتهم قدام المحاكم، إلا إنهم كانوا شاطرين في الارتجال وفي التمثيل قدام الجمهور.
بداية النهضة وسليم نقاش
بدايات النهضة في التمثيل والمسرح في مصر بدأت مع وصول فرقة السوري “سليم خليل نقاش” لمصر في أواخر نوفمبر ١٨٧٦ وكان اسم الفرقة “فريق الروايات العربية“، وقدمت عروض في مصر وإسكندرية اللي أطلق فيها “تياترو زيزينيا” وكانت كلها روايات مترجمة، وحضر الخديوي إسماعيل واحد من عروضه، إلا إن الكلام وقف بسبب فتوى للسلطان العثماني بتحريم التشخيص.
يعقوب صنوع
واحد من أبرز الأسامي في تاريخ التمثيل المصري والعربي هو يعقوب صنوع وكان بيعرض مسرحيات غنائية كوميدية في حديقة الأزبكية، والافتتاح كان تاريخي بعد ما حضره الخديوي إسماعيل وقال كلمة لقب يعقوب صنوع فيها بـ “مولير مصر”، وكان نصها “نحن مدينون لك بإنشاء مسرحنا الوطني.. إن كوميديتك الغنائية قد أوضحت للشعب ما هو الفن المسرحي، وفي وسعي أن ألقبك بمولير مصر”.
العلاقة بين الخديوي المعروف عنه دعمه للفن في محاولاته لتحديث مصر مافضلتش في أحسن أحوالها بعد ما هاجم صنوع الخديوي لرفضه دخول جمهور الشعب مسرح الأوبرا في مجلة كان بينشرها اسمها “ابو نظارة“، وهو اللي أغضب إسماعيل وكان السبب في صراع شهير بينهم انتهى إنه نفاه لباريس.
بداية الفرق المصرية
في نفس الوقت ده، وهو عصر الخديوي إسماعيل، بدأت الفرق المصرية تظهر على الساحة وخدت روح التجديد من الفرق السورية مع الحفاظ على الطابع القديم لفن التمثيل المصري وأصوله، وظهرت أشهر فرقة متجولة كان صاحبها الشيخ أحمد الشامي، وفرقة الفنان أحمد فهيم الفار اللي كان عنده عادة دمج المتفرجين مع الممثلين في العروض.
والتحول الكبير اللي كان ليه رد فعل في الجرايد كان فرقة عبدالرحمن رشدي المسرحية، وسبب رد الفعل والجدل إنه كان محامي ساب مهنته عشان يتجه للمسرح والفن، وده خلى في اتهامات زيّ الإساءة للمحاماة اللي سابها علشان شغلانة “وضيعة” زي دي، بحسب المفاهيم الموجودة ساعتها.
رواد المسرح في مصر
أسس سلامة حجازي فرقته سنة ١٩٠٤ وقدم مسرحيات تاريخية كانت مشهورة، وهنا أبدى الخديوي عباس حلمي التاني رغبته إنه يتفرج على “تشخيص” مصري لإنه كان بيحاول يتقرب من الشعب وطلب يشوف فرقة سلامة حجازي، إلا إن رجال السرايا شافوا إن ده نزول للخديوي من عظمته بسبب حقارة مهنة التشخيص وأقنعوا الخديوي إنه يغير رأيه.
بعد كده طلب سلامة حجازي إنه يعرض مسرحياته في دار الأوبرا، إلا إن طلبه اترفض بسبب إنه كان بيلبس عمة وقفطان وكان ممنوع دخول الزي ده للأوبرا، كمان كانت الدار بترفض دخول أي فرقة مصرية من الأساس.
الفنان الكبير جورج أبيض كان بيدرس فن التمثيل في باريس في نفس وقت لمعان سلامة حجازي في القاهرة وتألقه وبعت جواب طلب من الحكومة المصرية فتح الأوبرا الملكية للفرق المصرية، إلا أن طلبه اترفض، ولما رجع اشتغل في الأوبرا كان بيمثل بالفرنساوي بس وده ضايقه فاستقال وأسس فرقته المعروفة.
وفي سنة ١٩١٢ وعلى مسرح كان اسمه “الشانزلزية” قدم الفنان أمين صدقي عروضه، وهو واحد من أهم الفنانين اللي طوروا فن التمثيل في مصر علشان رواياته كانت بتتمثل باللغة المصرية والكلام الشعبي العادي، بحسب موسوعة “تراث مصري”، وكانت فرقته فيها أسامي زي نجيب الريحاني.