باية محي الدين: أيقونة التشكيل الجزائري وملهمة بيكاسو
لم يكن أحد يتنبأ لفتاة جزائرية عاشت طفولة صعبة، في زمن الاحتلال الفرنسي، أن تتحول إلى واحدة من أيقونات الفن الحديث، فهي التي دخلت هذا العالم بفطرتها بدون اتباع أي مسار دراسي فني، وقد قال عنها الرسام الفرنسي جان دوبوفي إن أعمالها تمثل “المادة الخام للفن”.
فاطمة حداد أو باية محي الدين التي ولدت سنة 1931 في منطقة برج الكيفان، إحدى ضواحي الجزائر، بعد أن تيتمت في عمر الخامسة انتقلت للعيش مع جدتها التي كانت تعمل في حديقة تملكها سيدة فرنسية، وفي عام 1942، زارت الرسامة ومؤرخة الفنون مارغريت كامينا بن حورة حديقة أختها، فأعجبت بباية وعرضت عليها تبنيها والانتقال للعيش معها في الجزائر العاصمة.
وعندما أصبح عمرها 13 سنة، علمت نفسها بنفسها ورسمت الفتاة عددًا من اللوحات وصنعت منحوتات فكانت رسوماتها تخلوا من الرجال وتمتلئ بالنساء والطبيعة والحيوانات، رأى أعمالها الفنان الفرنسي إيمي مايخت حتى أقام معرضًا لها بالأعمال الإبداعية.
وأقيم لها معرض منفرد في “معرض غاليري مايخت للفنون”، وخصصت مجلة (Derriere le miroir) الفنية (وراء المرآة) عددًا لها، وفي يوم من الأيام دعيت إلى ورشة مادورا للفخار في فالوريس، والتقت بالفنان العالمي بابلو بيكاسو، الذي كان مجاورا لها في الورشة.
فكانت الفتاة الجزائرية وهي عمرها 16 عامًا لفتت أنظار كبار فناني المدرسة السريالية، مثل بابلو بيكاسو وهنري ماتيس، ألهمت بيكاسو لرسم مجموعة لوحات تسمى “نساء الجزائر”، التي حطمت الرقم القياسي كأغلى لوحة في العالم على الإطلاق بـ179 مليون دولار في مزاد كريسيتي.
كما وصلت أيضَا العديد من لوحات باية إلى أسعار خيالية، فلوحتها المشهورة “راقصات وعازفات” التي رسمتها سنة 1976 وصل ثمنها في المزاد العلني إلى 30 ألف يورو، فيما اشترى ثري فرنسي لوحة المرأة الطائر بـ21 ألف يورو، ووصل لتصبح هكذا من اكثر الرسامات محققة للإيرادات في تاريخ الرسم الجزائري.
وبعد 6 سنوات من هذه البداية القوية، عادت باية إلى الجزائراية وامتنعت عن الرسم بعد اندلاع ثورة التحرير الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي وتزوجت من موسيقار جزائري وأنجبت له 6 أبناء.
وفي عام 1963، اشترى المتحف الوطني الجزائري أعمالها السابقة. وعادت للفن ولكن هذه المرة للفخار، وتوفيت أيقونة التشكيل الجزائري في بلدها بعد أن كانت ملهمة للكثير.
آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: أصحاب ظهور استثنائي: نجوم وجودهم بيحلي العمل الفني