انتحار معلم حرقا بسبب التنمر.. ظاهرة عنف التلاميذ ضد الأساتذة تتفاقم في تونس
أقدم مدرس على الانتحار بإضرام النار في نفسه داخل منزله، بعد تعرضه لضغوط نفسيه يعتقد أن لها صلة بقضية تنمر مدرسي.
وقعت الحادثة، التي أثارت الرأي العام، في منطقة الشابة الواقعة في شرق تونس.
وأعلنت الناية العمومية فتح تحقيق عاجل لكشف ملابسات الحادثة وتحديد المسؤولية، وسط دعوات لتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للعاملين في قطاع التعليم، ولتفعيل آليات الوقاية من التنمر في المدارس.
وأفادت مصادر محلية أن المدرس كان قد واجه مشكلات مرتبطة بتعاملاته مع بعض زملائه أو طلابه، ما دفعه إلى اتخاذ هذه الخطوة المأساوية.
ماذا حدث مع فاضل الجلولي؟
شهدت تونس حادثة مأساوية، أثارت جدلًا واسعًا بعد تعرض مدرس تربية إسلامية لحملة تنمر إلكتروني قاسية انتهت بانتحاره.
بدأت الواقعة بنشر صور ومقاطع فيديو قصيرة على منصة فيسبوك، تُظهر المدرس في موقف محرج، بعد أن حاول التصدي لاستفزاز مجموعة من التلاميذ.
ووثق مقطع الفيديو ملاحقة التلاميذ له في الطريق العام، مع توجيه الإهانات والشتائم، قبل أن يحاول الدفاع عن نفسه برمي الحجارة على أحدهم، مما استُغل لتشويه صورته.
الفيديو نُشر تحت عنوان ساخر: “آخر ما صدر.. أستاذ يركض وراء تلميذ بالحجارة”، ما أثار موجة غضب ضده، وجرى اتهامه بممارسة العنف ضد الطلاب.
الأمر تفاقم عندما قدمت والدة أحد التلاميذ شكوى قضائية تتهمه بالاعتداء على ابنها.
استُدعي المدرس للتحقيق، لكنه وجد نفسه محاطًا باتهامات متزايدة، دون أي دعم أو دفاع من محيطه المهني أو الاجتماعي.
ومع اشتداد الضغوط النفسية والشعور بالعزلة، أقدم على الانتحار، لتتحول الواقعة إلى صدمة عميقة، تكشف آثار التنمر والعنف الإلكتروني.
إنتحار أستاذ تربية إسلامية بسبب تنمر التلاميذ عليه
يعني الفروخ الاوباش هرسلوه وأكثروا من التنمر عليه حتى وصل وضعية نفسية محطمة وإنتحر حرقا
جيل فاسد تافه ومنحط لا خير فيهم ولا في والديهم pic.twitter.com/FhlX3e8iAX— القيسي 🇹🇳 (@al_kaissi_) November 29, 2024
ماذا يقول علم النفس؟
تتعدد التفسيرات النفسية حول حادثة انتحار المدرس في تونس، مما يسلط الضوء على تعقيدات الظاهرة وتأثيرها النفسي العميق.
أشار الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، إلى أهمية البحث في التاريخ الطبي للمدرس.
وشدد على احتمال تعرضه للتنمر في طفولته، مما قد يكون أعاد إحياء ذكريات مؤلمة عند الكبر.
كما لفت الدكتور فرويز إلى احتمالية وجود إصابة عضوية في المخ أثرت على قدرته على ضبط انفعالاته أمام الطلاب، مؤكدًا أن الاكتئاب الشديد الذي دخل فيه بعد الحادثة كان عاملًا رئيسيًا في قراره بالانتحار.
التنمر قد يدفع إلى الانتحار!
من جهة أخرى، أوضحت الدكتورة أميرة حسن، رئيسة القسم النفسي بمركز تطوير الطفل، أن التنمر يختلف عن السلوكيات السلبية الأخرى بثلاثة معايير: التعمد، التكرار، واختلال القوة بين المتنمر والضحية.
وأكدت الدكتورة أميرة حسن أن التنمر يتسبب في مشكلات نفسية عميقة كالاكتئاب، والانطوائية، وحتى الانتحار، حيث تشير الدراسات إلى زيادة حالات الانتحار المرتبطة بالتنمر.
وأضافت أن الضحايا غالبًا ما يعانون من العزلة الاجتماعية والسلوك العدواني، مما يجعلهم عرضة للتحول إلى متنمرين أو أشخاص عنيفين مع مرور الوقت.
الحادثة تفتح نقاشًا مهمًا حول ضرورة توفير دعم نفسي للمدرسين والطلاب، بالإضافة إلى تعزيز الجهود للتصدي للتنمر في المدارس والمجتمع.
لا خير في أمة يهان فيها معلم
طلاب في مدينة "الشابة" التونسية تشاجروا مع معلم التربية الإسلامية "فاضل الجلولي" الذي يبلغ من العمر 50 عام وصوروا المشاجرة بالفيديو فأرادوا الانتقام منه بعمل حملة تنمر قاسية ضده في وسائل التواصل بنشر المقطع والسخرية منه واستمرت عملية التنمر مدة طويلة شارك فيها طلاب من أماكن… pic.twitter.com/zeliSyoT3C
— إياد الحمود (@Eyaaaad) November 30, 2024
ما الذي يدفع أستاذ شريعة ودين إلى الانتحار؟
أثارت حادثة انتحار المدرس غضبًا تربويًا واسعًا، حيث تحولت إلى قضية رأي عام أعادت فتح النقاش حول الأزمات العميقة في المنظومة التعليمية بتونس.
في المنطقة التي وقعت فيها الحادثة، دخلت المؤسسات التربوية في إضراب شامل احتجاجًا على ما اعتبره البعض “جريمة تؤشر على انهيار المنظومة التعليمية”.
نعمان محمدي، خبير تربوي، طرح تساؤلًا لافتًا: “ما الذي يدفع أستاذًا تخرج من كلية الشريعة وأصول الدين إلى الانتحار حرقًا؟”.
وشدد نعمان على أن القضية تتجاوز مجرد الاحتجاج إلى إعادة النظر في المنظومة القيمية داخل العائلة التونسية التي تعاني من التفكك.
وفي تعليق آخر، اعتبر أحد التربويين أن ما حدث يمثل نهاية لعصر الاحترام التقليدي للمعلم، قائلًا: “نعيش أزمة أخلاق حقيقية.. الرد يجب أن يتجاوز الكلمات إلى إجراءات جذرية.”
من زاوية أخرى، طالب البعض بدراسة سوسيولوجية معمقة لهذه الواقعة، محذرين من تكرارها إذا لم تُشخَّص الأسباب الحقيقية.
وأشار آخرون إلى التغير في طبيعة العلاقة بين التلميذ والمعلم، حيث قال أحدهم: “كانت علاقة إجلال وخشوع، لكنها اليوم أصبحت مادية بحتة في منظومة أشبه بالحوانيت.”
انتحار مدرس بسبب تنمر تلامذته عليه إنذار خطير للجميع ب: 1. ان العائلة مستقيلة تماما من تربية الأبناء 2.ان المدرسة فقدت دورها التربوي. 3. ان المجتمع فاقد تماما لاي بوصلة أخلاقية. 4. ان استمرار الضبابية والتخبط في الشأن العام سينتج المزيد من الاجيال المعاقة وفوضى المجتمع.
— 🔻نذير بن عمّو (@nbenammou) November 29, 2024
ليست الأولى في تونس
حادثة انتحار المدرس حرقًا ليست سوى فصل جديد من سلسلة وقائع العنف المتزايدة داخل المؤسسات التعليمية التونسية.
في عام 2021، تعرض أستاذ مادة التاريخ والجغرافيا في أحد معاهد منطقة الزهراء إلى اعتداء مروع على يد تلميذ.
طعن تلميد أستاذه بسكين وهاجمه بساطور، ما تسبب له بجروح خطيرة في الوجه والرأس والكتف.
الحادثة كانت صادمة، حيث خضع المدرس لعملية جراحية دقيقة لإنقاذ حياته.
حادثة أخرى هذا العام
شهدت مدرسة المنجي سليم اعتداءً هستيريًا من والدة أحد التلاميذ على معلمة داخل الفصل.
انهالت والدة أحد التلاميذ على المعلمة بالاتهامات وفرضت على الإدارة أن يجلس ابنها في الطاولة الأولى، قائلة: “لكي يصبح مثلي”.
ظاهرة العنف في المدارس التونسية أصبحت مقلقة بشكل عام، مع تزايد حالات الاعتداء الجسدي والنفسي على المدرسين.
ووفقًا لتصريحات رئيسة الإدارة الفرعية للوقاية الاجتماعية، جرى تسجيل 2231 قضية عنف مدرسي في تونس خلال عام 2023 فقط.
هذه الأرقام والوقائع تعكس خللًا متجذرًا في العلاقة بين التلاميذ والمدرسين، وتدعو إلى تدخل شامل لإعادة بناء الثقة والقيم في البيئة التعليمية.
آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: من أحمد رفعت إلى محمد شوقي: ما الذي يتسبب في توقف عضلة القلب أثناء الرياضة؟