انتحار بنت في سيتي ستارز: هل كان ممكن الواقعة دي ماتحصلش لو كان في تعاطف أكبر من الناس؟
اتقلبت السوشيال ميديا بعد تداول خبر مفجع ومحزن عن انتحار بنت من الدور السادس في مول سيتي ستارز، ووفاتها. لما بيظهر النوع ده من الأخبار، دايمًا بتنقسم التعليقات ونظرات الناس للموضوع. إما في مهاترات “هتدخل الجنة ولا النار” اللي ملهاش معنى أو فايدة، أو غضب كبير بيخيم على عقول الكتير اللي بيحسوا إن اللي حوالين الشخص المنتحر عليهم مسئولية كبيرة وإنهم لو كانوا قدموا الدعم الكافي وأبدوا اهتمامهم للشخص اللي بيعاني من اكتئاب أو ظروف صعبة، كان ممكن يفضل معانا دلوقتي ومنكنش بنكتب عن خبر انتحاره.
مفيش حد يقدر يجزم بملابسات اللي حصل وظروف البنت اللي خليتها تقدم على الانتحار. حاجات كتير زى حالتها العقلية، وظروفها الخاصة وحقيقة تفكيرها في الانتحار وإذا كان مخطط له ولا حصل في حالة يئس مفاجئة، هتخلينا مش قادرين نحكم بالظبط على سبب انتحارها. ولكن تأكيدًا لازم تخلينا نفكر لو كان لينا دور كأفراد في المجتمع وإذا كان الدور ده ممكن يكون قوي كفاية إنه يغير رأى شخص غريب في إنه ينهي حياته.
بعض الناس على وسائل التواصل الاجتماعي قالوا إن البنت كانت متواجده في أحد الكافيهات بالمول وكانت بتبكي بالساعات ولكن محدش أخد من وقته 10 دقايق علشان يتبادل معاها أطراف الحديث ويشوف مالها. شيء غريب جدًا إننا اتعودنا نشبع إحساسنا بالفضول عن مواضيع زى الفنانين بيجيبوا مقتنياتهم بكام ومين مصاحب أو فركش مع مين والفٌرجة بالساعات على خناقات في الشارع منعرفش منهم أى شخص.. ولكن لما بيجي الموضوع لشخص غريب بيبكي وباين عليه احتياجه للمساعدة، فجأة البعض بيتبنى مبدأ “مالناش دعوة”.
اتهم البعض الشخصيات المقربة للبنت اللي انتحرت “بالغباء” لكونهم غير مهتمين أو ملاحظين للبنت اللي كانت تأكيدًا بتمر بحالة نفسية سيئة. وبدأ الحديث عن أهمية إعارة الناس اللي حوالينا الاهتمام الكافي اللي يخليهم يحسوا بالأمان والراحة في الكلام من غير ما يقابلوا سيول من كلمات “المعلش” أو السخرية من المشاكل أو كمان اتهامهم إنهم attention seekers عايزين بس مجرد الاهتمام من الناس.
لكن صديقة مقربة للفتاة اللي اتوفت قالت إنها كانت بتمر بظروف شخصية وإن صديقتها دي كانت موجودة معاها بالفعل وكانوا بيتكلموا لكن صديقتها غادرت لما طلبت البنت منها ده علشان كانت عايزه تقعد لوحدها شوية. وقالت كمان صديقتها إن مكانش ظاهر على البنت أى ميول انتحارية. يمكن في القصة دي فعلاً مكانش في تقصير من ناحية الناس المقربيين، بس هل كان في تقصيير من الناس؟ أحيانًا بيكون تأثير الغرباء أقوى تأثيرًا من الناس المقربة، لإن لما شخص غريب يقرر يغير طريقه للحديث معاك والسؤال عن احوالك، بيحسس الشخص بتعاطف حقيقي ومشاعر صادقة بالاهتمام مش مجرد كلمات بتتقال من شخص مقرب بس لإنه مضطر يقولهالك لإنك موجود في حياته.. الاهتمام من غريب بيجدد إيماننا في وجود الإنسانية.. إيمان أحيانًا بيكون مؤثر أكبر مما نتخيل، بالرغم من بساطته.
يمكن لو كان شخص غريب أخد من وقته شوية علشان يتكلم مع البنت، مكانتش حسيت إن الدنيا ضيقة أوي وإن المفر الوحيد منها هو الموت. يمكن لو كان ناس أكتر من المقربين منها أظهروا دعم أكبر وأخدوا حزنها على محمل الجد، كانت فضلت موجودة.. ويمكن لأ. المهم هنا مش التساؤل عن الواقعة دي بالذات لإن للأسف إحنا خلاص فقدنا البنت وكمان أهلها وأصدقائها محتاجين خصوصيتها في وقت صعب زى ده. ولكن الواقعة دي تفكرنا من تاني بأهمية دورنا كأفراد -سواء قريبين أو غرباء- اللي ممكن يكون فارق في تقليل محاولات الانتحار بسلاح بسيط جدًا.. “الإنسانية” اللي ممكن تنقذ أرواح كتير.