النقوط والجمعيات.. حيل كل بيت عربي لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي

هي في الأصل عادة مستحبة، تأتي عند الزواج أو الولادة أو أي من المناسبات السعيدة، وحتى عند المرض، ولعلك شاهدت كثير من المصريين يعرفون رحلة الممثل محمد سعد في شخصية “اللمبي”، للبحث عن الكراسة الصفراء التي دوّن فيها والده كل قرش دفعه للعرسان والأمهات، أو ما يعرف في مصر بالـ”نقوط” لأصدقائه ومعارفه، والتي أقام بسببها اللمبي فرحه على “نوسة” ليسترد ما دفعه والده من نقود.

فجاءت “النقطة” سبيل للمساندة وتخفيف العبء أو المجاملة، أو نوع من أنواع تحقيق مبدأ التكافل بين الناس، حتى وصل الأمر عند بعض الناس أنهم يقومون بمجاملة أشخاص غير قريبة على المستوى الشخصي، لأنه في اعتقادهم أن فلوسهم محفوظة “متشالة” ستعود إليهم عند اللزوم.

حتى أصبح بمثابة عُرف وتقليد اتبعه المصريون والعرب منذ عقود، لم تعرف متى بدأ على وجه الخصوص ولكنه تغلغل وسط المجتمعات حتى أصبح يشير إلى مبدأ التكاتف الاجتماعي والإحساس بالمسؤولية، خصوصًا في الأوساط الشعبية والريفية، التي اعتاد أفرادها تقديم مبالغ مالية في المناسبات المختلفة.

حيث يزور الشخص الجيران والأقارب والأصحاب وأهل البلد لتقديم المباركات المصحوبة، ومعها النقوط التي عادة ما تكون مبالغ مالية غير محددة القيمة، فكل شخص وقدرته المادية، ليتلقى صاحب المناسبة المبلغ أيًا كانت قيمته، ويقوم أحيانًا بتدوينه لأن منهم من يعتبرها دين عليه ورده “واجب”.

ومثلما تتجمع مبدأ التكافل في شكل النقوط، جاءت “الجمعية” التي لا يكاد بيت عربي يخلو منها، في شكل آخر من أشكال التكافل، بين من يسعى لتجهيز منزل الزواج، وآخر يتطلع لدفع أقساط الجامعة الخاصة لنجله، لذلك تعتبر الجمعيات الملاذ الآمن للحصول على متطلبات لا يمكن اقتناؤها في الموازنة الشهرية للأسرة، فيقرر أن يجتمع الناس ليسدوا احتياجاتهم بمؤازرة بعضهم.

حتى إنه تم نقل فكرة “الجمعية الشهرية” إلى عالم الإنترنت، فأصبحت هناك تطبيقات إلكترونية لما يعرف بـ”الجمعية الإلكترونية”، تنفذ الفكرة التقليدية نفسها، من خلال نظام “أون لاين” يعمل على تسهيل عمل الجمعية، بمبالغ متفاوتة، حتى يستطيع الشخص اختيار الجمعية التي تناسب دخله.

فمهما مر عليك من أزمات، فتش في دفاترك القديمة ربما قد يكون لديك بعض المجاملات التي قدمتها في يوم وحان الوقت أن تستردها، وإذا لم تجد حاول أن تكون رقم في جمعية من الجمعيات فستجد من يشترك فيها خصيصًا ليسد احتياجاتك المالية.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: في ذكرى وفاة نجيب محفوظ: أعمال لم تنل شهرتها لأديب نوبل

تعليقات
Loading...