أسرار تذاع لأول مرة: الموساد يكشف خطة البيجر في لبنان “أكبر عملية في تاريخ التجسس”
في مقابلة مثيرة بثتها شبكة “سي بي إس” (CBS) نيوز الأمريكية، خرج اثنان من عملاء الموساد السابقين عن صمتهما ليتحدثوا للمرة الأولى عن أسرار وخفايا البيجر.
ظهرا ملثمان من الموساد وبأسماء مستعارة، ليكشفا عن أسرار تذاع لأول مرة بشأن عملية تفجيرات “البيجر” في لبنان.
هذه العملية، التي وصفت بالأكبر في تاريخ التجسس، هزت لبنان في سبتمبر الماضي.
وأسفرت عن مقتل نحو 40 شخصًا، بينهم أطفال، وأوقعت آلاف المصابين بجروح خطيرة.
العملاء كشفوا النقاب عن أسرار تذاع لأول مرة الخطة الأولية، التي وُضعت قبل 10 سنوات بسرية تامة.
خطة عملية البيجر التجسسية حولت جهازا بسيطا إلى أداة قتل جماعي في لحظات، في يومي 17 و18 سبتمبر الماضي في 2024.
انفجرت أجهزة البيجر بشكل متزامن في مناطق متفرقة بلبنان، تاركة الجميع في صدمة. فما الأسرار الخفية التي كشف عنها الموساد؟
ما هو جهاز البيجر؟
هناك نوعان رئيسان من هذه الأجهزة:
- أجهزة بيجر المستقبِلة: ويمكنها أن تستقبل الرسائل أو الإشعارات من جهات إرسال معينة، دون إرسالها.
- أجهزة بيجر المستقبِلة والمرسِلة: ويمكنها إرسال واستقبال الرسائل النصية، على الرغم من محدودية قدراتها، مقارنة بالهواتف الذكية اليوم.
أجهزة البيجر: كيف جرى تسويقها في لبنان؟
كشف عملاء الموساد، “مايكل” و”غابرييل”، تفاصيل جديدة عن خطة تسويق أجهزة “البيجر”.
تحدثا بأصوات مشوهة ووجوه مخفية، عن كيفية إنشاء شركات وهمية لتوزيع تلك الأجهزة عالميًا.
الموساد أسس شركة وهمية في المجر، خدع من خلالها شركة “جولد أبولو” لتصنيع الأجهزة.
الأجهزة، التي بدت عادية، كانت بالكامل من تصميم المخابرات الإسرائيلية.
لم يكتفِ الموساد بذلك، بل عيّن “وكيلة مبيعات” ضمن الشركة الوهمية لتسويق الأجهزة المطورة.
هذه الخطوة ضمنت تغلغل الأجهزة في السوق دون أي شكوك.
لا تفوت قراءة: بعد هروب بشار الأسد: من هم “رجال أحمد الشرع” وزراء الحكومة السورية الجديدة
لدينا إمكانيات هائلة لإنشاء شركات أجنبية لا تُربط بإسرائيل.. نحن ننشئ عالماً متخيلاً… نحن المخرجون، المنتجون، والممثلون، والعالم بأسره هو المسرح
أحد عملاء الموساد
خطة الموساد: كيف أخفت إسرائيل المتفجرات داخل أجهزة البيجر؟
لم تكن أجهزة الاتصال الأنيقة التي تنتجها “جولد أبولو” مناسبة لخطة الموساد. الحجم الصغير لم يسمح بإخفاء المتفجرات داخلها.
لذلك، في عام 2022، شرع الموساد في تعديل التصميم كليًا. أنتج أجهزة استدعاء أكبر حجمًا، لتتمكن من حمل المتفجرات بسهولة ودقة.
هذا التغيير كان أساسيًا لتنفيذ العملية، حيث تحولت الأجهزة من أدوات اتصال إلى أسلحة مميتة.
وأوضح أحد عملاء الموساد أن السعر لم يكن منخفضا حتى لا يثير الريبة.
أفضل منتج بالعالم: كيف روجت إسرائيل لأجهزة البيج؟
لإضفاء الشرعية على المنتج، لجأ الموساد إلى حملة ترويجية مزيفة عبر موقع يوتيوب.
الإعلانات المصممة بدقة أبرزت مزايا الجهاز، مثل مقاومته للماء والغبار، وقوة أدائه، وعمر بطاريته الطويل.
وفقًا لأحد عملاء الموساد، كانت الحملة ناجحة بشكل لافت. وأضاف: “التسويق المزيف جعل الناس العادية تتهافت على شرائه. لقد أصبح أفضل منتج في مجال أجهزة النداء في العالم”.
هذا الترويج الخادع كان جزءًا من خطة محكمة لتغطية الأهداف الحقيقية للجهاز.
الموساد يكشف تفجير البيجر: التخطيط بدأ منذ 10 سنوات
كشف العملاء، خلال مقابلتهم مع شبكة “سي بي إس” نيوز، أن التخطيط للعملية بدأ منذ 10 سنوات.
وكانت البداية مع تفخيخ أجهزة الاتصال اللاسلكية “ووكي توكي”.
وأشاروا إلى أن تفخيخ بطاريات الأجهزة جرى داخل منشأة سرية تابعة للموساد في إسرائيل.
هذه الاستعدادات طويلة الأمد عكست مدى دقة العملية وسرية مراحلها المختلفة.
مرحلة ما قبل التفجير: مرحلة التجربة على الدمى
كشف “غابرييل”، أحد العملاء الملثمين للموساد، عن إجراء تجارب دقيقة باستخدام الدمى لضمان إصابة الأهداف المحددة بدقة.
وقال: “فحصنا كل شيء مرتين وثلاث مرات لضمان عدم إيذاء الأبرياء. حتى أننا اختبرنا نغمات رنين مختلفة لتحسين كفاءة التشغيل إلى أقصى حد”.
توضح هذه التجارب حجم الدقة التي حرص الموساد على تحقيقها في تنفيذ خطته.