المشكلة فين: ليه كل سنة بنسمع أخبار عن انتحار طلاب بسبب نتيجة ثانوية عامة؟
قبل ظهور نتيجة الثانوية العامة، بيكون في حالة من الذعر والخوف وكإن الطلبة والأهالي مستنيين خبر حياة أو موت، وبعد ظهورها، بيكون البعض سعيد ومتباهي بالدرجات العالية اللي هتؤهله لحياة ومستقبل كريم، وفي شريحة تانية بيكون يوم ظهور النتيجة بالنسبه لهم كارثة وصدمة بتدمر المستقبل اللي كانوا رسمينه في خيالهم لنفسهم. وللأسف، تقريبًا كل سنة عقب ظهور النتيجة بنسمع نفس الخبر.. “انتحار طالب/طالبة من ثانوية عامة” بسبب رسوبهم في أحد المواد أو تحصيلهم لمجموع في نظرهم مش كافي.
من كم يوم ظهرت نتيجة الثانوية عامة، ونفس السيناريو بتاع كل سنة اتكرر. الأوائل فرحانين وبيحكوا عن كيفية انجازهم وتحقيقهم المجموع الكبير، والبعض التاني اللي ماجابش مجموع كبير أوي لكنه راضي، وللأسف برضه سمعنا أكتر من خبر عن انتحار طلاب ثانوية عامة. انتحر 4 من الطلاب والطالبات بسبب رسوبهم في أحد المواد.. لو احنا مش حابين نسمع خبر مماثل لده السنة اللي جاية.. يبقى لازم نقف واقفة ونناقش الملف ده، علشان نعرف المشكلة الأساسية أو الـ root cause اللي بيسبب في حصول كارثة زيّ دي بييجي منين.
لو رجعنا لورا وفكرنا في الكلام اللي بيتقال للطلاب في بداية ثالثة ثانوي، هنلاقي إن كل الحاجات اللي بتتقال لهم سواء من الأهل أو المعارف هو أهمية تحصيل أعلى الدرجات علشان يكون ليه قيمة في المستقبل ويقدر يدخل “كليات القمة”. تحصيل مجموع ثانوية عامة مش بس بيقف عند قيمة الشخص من الناحية العملية، لكن كمان متصل “برفع راس أو خذلان الأهل” وده أسوأ نوع من أنواع الضغط اللي ممكن شخص عمره 18 سنة يتحط فيه، خصوصًا مع علمه إنه هيتحط في مقارنات لا نهائية مع الأقارب والأصدقاء وحتى الجيران.
أحد أهم مشاكل وأسباب إقدام البعض على الانتحار بسبب النتيجة بيرجع للعقليات الرجعية والضغط المبالغ فيه اللي للأسف بعض الأهالي وأفراد المجتمع بيحطوه على الطلبة، واللي بيخليهم فعلًا يحسوا إن إخفاقهم أو عدم تحقيقهم لمجموع كبير في الثانوية هو فعلًا نهاية العالم وإنه سبب كافي بالنسبة لهم إنهم ينهوا حياتهم ببساطة لإنها فعلًا انتهت.. بالنسبة للناس، هما كده جابوا العار لأهلهم ومستقبلهم أبعد ما يكون عن السعادة أو النجاح.
النوع ده من التفكير هو اللي بيخلي بعض الناس يكبر بمعتقدات مشوهة، وهنا الأهل ليهم دور مهم جدًا. لازم ياخدوا بالهم من الكلام اللي بيستخدموه في الحوار لإن في بعض الكلام بيخلي أولادهم في حالة نفسية مزرية طول السنة من خوف وقلق وأحيانًا الاكتئاب. لإن كم الضغط اللي بيبقوا محطوطين فيه بجانب الضغط الدراسي بيكون فوق قدرة تحملهم. وبعد سنة من التعب والمشقة لما بيلاقوا النتيجة غير مرضية للأهل والناس أو حتى نفسهم، بيصيبهم حالة من الحزن والإحباط بتدفع للأسف البعض للانتحار.
حل المشكلة دي بيكمن في تغيير نمط التفكير ونظرتنا للأمور. مفيش حاجة اسمها كليات قمة وإن الدخول في شيء غيرهم معناه إن الإنسان فشل إنه يكون مميز أو ناجح. المبدأ ده مش موجود حتى عند أكثر الدول تقدمًا، ببساطة لإن قيمة الإنسان بتتحدد في ذاته، ولإن كل الكليات مهمة والنجاح بيتحقق لما الشخص يكون شغوف ومحب للي هو بيدرسه. طبعًا الدراسة شيء مهم جدًا والنجاح فيه مطلوب، لكن الإخفاق أو عدم تحصيل مجموع كبير مش نهاية العالم.
لازم الأهل يحرصوا على تعزيز أفكار سوية ومنطقية بالنسبة للموضوع ده، لازم يهيأوا لأولادهم مناخ هادي ومريح يقدروا فيه إنهم يجتهدوا وينجحوا من غير ما المخاوف والمقارنات تحبطهم. وحتى في حالة رسوبهم لأي سبب، لازم يدركوا كويس إنها مش نهاية العالم، وإن ده مش بيقلل من قيمتهم أو قيمة أهلهم.. وإن ببساطة مفيش شيء في الدنيا يستدعى إن حد ينهي حياته بسببها.