الكتابة عمل شاق.. معاناة مستمرة من عصر المصريين القدماء إلى الآن

أجريت دراسة علمية من 5 باحثين بقسم علم المصريات بجامعة “تشارلز” التشيكية والمتحف الوطني بالعاصمة “براغ” ونشرت الخميس الماضي في دورية “ساينتفيك ريبورتس” الدورية العلمية الشهيرة والتابعة لمجلة “نيتشر” البريطانية، تحت عنوان “الكتبة المصريون القدماء، وتحديدًا علامات المخاطر المهنية في الهيكل العظمي” ، وأجريت الدراسة على البقايا العظمية لمومياوات 69 ذكرًا من الكتبة المصريين الموجودين في مقبرة “أبو صير” بالجيزة، والمثير فيما تم اكتشافه ليس كون أن المعاناة المتكررة تتم بنفس الأوضاع، بل في الماضي كانت في ثلاثة أوضاع فقط “القرفصاء والركوع والوقوف” وبرغم اختلاف ذلك عن الأوضاع التي يكتب بها الكُتّاب الآن إلا الإصابات الناتجة من عملية الكتابة نفسها واحدة تقريبًا من آلام الفك حتى آلام الرقبة والعمود الفقري، ليفتح هذا بدوره باب لتأمل فكرة العمل عمومًا والكتابة خصوصًا في العصر الحديث.

في كتابه البديع “مياومة هايكو عامل معاصر” يصور الصحفي والقاص “محمد فرج” أزمة العمل المعاصر بشكلٍ شعري عبر كتابة تتجاوز الأجناس الأدبية المفروضة على شكل الكتابة الأدبية في العالم العربي، وعبر الكتابة يحلل هذه الأزمة هكذا: “مع انفتاح العين في الصبح، تتكدس بسرعة أوجاع الأمس التي ظنّ أنه تركها وابتعد عنها أثناء النوم، لكنها تحشدُ نفسها مع أول ضوء يدخل العين، كي تذكّر الواحد بضرورة سرعة انقضاء اليوم. في العمل، يرى نفسه كماكينة عملاقة ينمو عليها الصدأ ببطء، يغزو أطرافها، يكمن في مفاصلها. كان يتهاوى واقفًا في نفس المكان، بلا حركة تسقط أجزاؤه في هدوء، بلا صخب، فقط صوت ارتطام الأجزاء الساقطة يحدث ضجة مكتومة، بعدها يسود الصمت”.

ليعبر عبر هذه الكتابة عن مأزق العمل عمومًا والكتابة خصوصًا، وعبر هذا الكتاب ربما يمكن الالتفات إلى مأزق “العمل” نفسه، أي عمل يحول البشر إلى ماكينات كما هو الحال مع الكتبة القدامى وأصحاب الياقات البيضاء الذين يعملون على كراسي ومكاتب من المفترض أنها مريحة ولكن لم ينجوا هم أيضًا من آلام الفك والعظام والمفاصل، وربما يتحفز البعض بعد قراءة بحث “نيتشر” وكتاب “فرج” للمطالبة بحقوقهم الصحية قبل المادية في العمل.

تعليقات
Loading...