الجندي المجهول في القصة: هل للكتابة تأثير فعال في مناقشة وحل قضايا المجتمع؟
في نهار كل يوم لما بييجي الوقت للبحث عن موضوع مهم للكتابة عنه، وفي كل مرة صفحات السوشيال ميديا بتتملي بالمنشورات اللي تخص حدث ما مهم، دايمًا السؤال ده بيطرق على الباب.. “هو الكتابة هتعمل حاجة”؟ إحنا بنكتب ليه؟ علشان الكتابه هواية أو طريقة بنعبر بيها عن أفكارنا، ولا علشان جزء من العمل مهمته بتقتصر بس على إخطار الناس بأهم المستجدات.. ولا هى حاجة أكبر من كده؟ كوني من أكتر الناس إيمانًا بـ the power of writing أو قوة الكتابة، حسيت بأهمية طرح السؤال ده والتعمق أكتر في تفاصيله. إزاى بيأثر على وجهات النظر، المشاعر، والسلوكيات؟
الكتابة مش مجرد مصدر رزق أو أحد طرق وسائل الإعلام المستخدمة لتناقل الأخبار.. الكتابة سلاح وجندي خفي في حالة استخدامه بالطريقة الصح وللأهداف اللي ليها قيمة، ممكن بالفعل يسلط الضوء على قضايا ومشاكل مهمة بيعيشها آلاف من الناس، ويقدر يـ spark مناقشات مكانش ممكن أبدًا نشوفها مطروحة في مجتمعتنا.. لو مكانش في كتاب عندهم الجرأة الكافية لفتح النقاش والكلام عنها.
بس المهم في الموضوع هو كيفية استخدام الكتابه كسلاح نواجه بيه المشاكل اللي الناس بتقابلها، اختيار المواضيع الهادفة وتحديد أهداف ذات قيمة ومعنى، نقدر من خلالها الارتقاء بالعقول وتسليط الضوء على المواضيع اللي تستحق الكلام عنها والدفاع عن من يستحق الدفاع عنه.. لإن الكتابة زيها زى أى سلاح في الدنيا.. ذو حدين.
المحتوى اللي بيتم مؤخرًا الكلام وتسليط الضوء عنه بقى معظمه “user generated” بمعنى إن الناس العادية بقيت تتكلم وتعبر عن أفكارها والمشاكل اللي بتمر بيها عن طريق السوشيال ميديا. ولما البوستات دي يعاد نشرها والكلام عنها من قبل ناس كتير وتـ go viral بيبدأ الإعلام يتكلم عنها.. ومن هنا يمكن تكون جات الطفرة والاختلاف في المواضيع اللي بقى بيتم تناولها في المجتمع.. الأشخاص العادية باهتماماتهم ومشاكلهم، بقوا هما مصدر الاهتمام الإعلامي.. والشيء اللي بيتكتب عنه، بيتحول لشيء مهم بيحظى باهتمام الجميع، وبيوصل بطريقة أو بأخرى للحلول المطلوبة.
قضايا التحرش
بالرغم من وجود التحرش في مجتمعاتنا من قديم الأزل، كان دايمًا في label على النوع ده من القضايا على إنه “تابو” ومحظور على أى حد الكلام عنه ولو حصل وتم الحديث عن واقعة، فنتيجة النقاش ده دايمًا بيتم فيها أدوار الجاني والمجني عليه، وبيكون الرد المعتاد هو إلقاء اللوم على البنت بسبب لبسها أو مشيها لوحدها في الشارع واتهامها بخدش الحياء بس لطرحها الموضوع.
بدأنا نشوف تغيير جذري في ملف التحرش (رغم استمرارية حدوثه) تقريبًا بعد واقعة أحمد بسام زكي. بقى في تثقيف أكبر عن أنواع التحرش، وبقى في جرأة أكبر عند البنات إنهم يبلغوا عن الجريمة دي وكمان بقى في نقاشات دينية ومجتمعية بتصلح المعتقدات وأفكار الناس المغلوطة زى إن البنت هى السبب وإن الحديث عن التعرض للتحرش “وصمة عار” هتلتصق بالبنت بقيت عمرها. كل التغييرات والتطورات اللي حصلت كان بسبب إن صفحات على انستجرام قررت تكسر حلقة الصمت وتكتب عن الواقعة، ومن بعدها المواقع والمجلات بدأت تدي اهتمام للقضية.
دلوقتي بقى في إيجابية تجاه الموضوع، مبقاش في حد بيسكت عن حقه، والناس المحيطة بدأت تظهر دعم للضحايا وتدافع عن حقوقهم، الدولة مش بتتهاون أبدًا مع المتحرشين وتم تشديد العقوبات لردع النوع ده من الجرائم.. ووسط كل الجنود اللي بيساهموا وبيحاربوا في القضية دي، كانت للكتابة دور قوي ومؤثر، حتى لو مكانش ظاهر بطريقة مباشرة، بقى في كتابة مستمرة عن حوادث التحرش من غير ملل، علشان نساهم في اقتلاع الظاهرة من جذورها.
دعم ذوى القدرات الخاصة
للأسف كان بيواجه كتير من ذوي القدرات الخاصة التهميش والتقليل من قبل بعض الأفراد في المجتمع، كانوا بيتحرموا من أبسط حقوقهم في الحياة اليومية بسبب خوفهم من نظرة الناس. ولكن بالوقت عن الحديث بأهمية دمجهم في المجتمع، ومع جهود الدولة لتوفير الدعم والاهتمام للشريحة دي، بدأنا نشوف تقدم وتحسن. بدأ ناس كتير يغيروا فكرتهم عن ذوى القدرات الخاصة وعدم فايدتهم للمجتمع لمجرد وجود صعوبات معينة بيواجهوها. الكلام عن أهمية دورهم وحقوقهم، ساعد كتير في تغيير حياتهم للأحسن ونشر شعور بالطمأنينة في قلوبهم وقلوب عائلتهم.
الدفاع عن الحريات وتقبل الآخر
زمن التدخل في حياة الآخرين بطريقة فجة وصريحة بقى ورانا دلوقتي. برغم طبعًا وجوده وعدم اختفائه بصورة كاملة، ولكن على الأقل بقى في تحسن، وبقى في استحياء في إصدار الأحكام على الآخرين بشكل صريح، لإن بقى في كتابات ودفاع مستميت عن الحريات الشخصية، بما فيهم اللبس، وارتداء الحجاب وغيرهم من المواضيع. بقى في تقبل أكتر من الأشخاص، سواء تجاه نفسهم وتجاه الآخرين. لإن دلوقتي بقى في دعم كبير بالكتابه عن أهمية تقبل النفس والجسم بكل أشكاله.. بقى في حث صريح على أهمية عدم إصدار الأحكام أو التدخل في اختيارات الناس.. والكتابة المستمرة عن النوع ده من المواضيع بدأ يخلق pattern مختلف وإيجابي أكتر في التفكير.
دعم المؤسسات المهمة
في مؤسسات كتير سواء خيرية أو مستشفيات بتعالج الأطفال بالمجان أو shelters بتأوى الحيوانات، بيكونوا محتاجين للدعم وتسليط الضوء عليهم علشان يقدروا يستمروا في مساعدة الآخرين. وعن طريق كتابات البعض على الفيسبوك بخصوص الظروف اللي بيمر بيها مؤسسات مختلفة زى مستشفى أبو الريش وملجأ hope للحيوانات وغيرهم من الأماكن. الكتابات دي سعدت في نشر الوعى عن وضعهم وتسليط الضوء عليهم، علشان يقدر الآلاف يتبرعوا لهم أو حتى يساعدوهم في نشر المقالات والبوستات اللي بتتكلم عن احتياجاتهم.
مهم جدًا أثناء عمل أى حاجة في حياتنا، إننا نفكر في كيفية استخدام الحاجة دي كأداة نقدر بيها مساعدة الناس والمجتمع. وبما أن شغلنا هو الكتابة، فحبينا نفكر نفسنا بقوة وأهمية الكتابة في مساعدة وتغيير كتير من الحجات في مجتمعنا. الكتابة سلاح مهم ومقدس لازم يتم استخدامه بالأسلوب الصح وللأسباب الصح، علشان يستمر في مساعدة ملايين الناس حول العالم سواء بتسليط الضوء على مشاكلهم، الدفاع عن حقوقهم، محاولة مساعدتهم، أو على الأقل إعطاء شعور مطمآن للناس إنهم متشافين، وإنهم مش لوحدهم.