التسويق الشبكي.. مهنة بيع الوهم في “أزايز”
إيطالي هاجر إلى الولايات المتحدة يدعى تشارلز بونزي، جنى الملايين من خلال خداع الناس بالاستثمار في كوبونات الطوابع البريدية، عن طريق شرائها من بلد عملتها ضعيفة وبيعها في بلد لها عملة قوية، مما يعني ربح بأكثر من 50%، وبدأ كثيرون يقبلون على شراء الكوبونات، ولكن لأنه لم يكن هناك كميات كافية من الطوابع لتغطي عدد الراغبين في الاستثمار، فبدأ يقنعهم بضرورة جلب مستثمرين جدد لقائمتهم حتى تكون نسب العمولات والربح أكبر، وبدأ يسدد الربح للمستثمرين من خلال استخدام أموال المستثمرين الجدد دون وجود فعلي للمنتج الذي يستثمرون أموالهم به..
هذه كانت قصة بونزي صاحب خدعة التسويق الهرمي أو الشبكي منذ أكثر من قرن، ليصبح بعدها أحد أكبر المحتالين في العالم، ورغم كشف وفضح خدعة التسويق الهرمي منه، إلا أنها تعود للظهور مجددًا في كل مرة لتجد من تجنده للقيام بمهمات البيع الوهمي، لنصبح في حلقة مفرغة من زبائن يجذبون زبائن أخرين ضمن منظومة احتيال.
ليست كل الجرائم عنيفة
وفقًا لأيمن صلاح، خبير ومتخصص التسويق والمحاضر ببعض الجامعات في القاهرة، إن الخلاف في المسمى بين كونه تسويق شبكي أم هرمي هو خلاف من حيث الشكل بينما يظل المضمون واحد.
وتكمن الفكرة في الأساس هو جذب أكبر عدد من المشتركين، بينما يكون المستفيد الأكبر هو المتربع على رأس الهرم، ولدراسة حالة على أرض الواقع سنذكر لك مثال عن منصة ظهرت مؤخرًا تحت اسم sgo استطاعت أن تنهب نصف مليار جنيه من المصريين بسبب مراهنات الكرة وسوقت لنفسها على أنها شركة للاستثمار في الأحداث الرياضية عبر الإنترنت والمراهنات الرابحة، كانت تقوم بإلقاء محاضرات عن الاستثمار، وتعرض خططها المستقبلية وأعمالها الخيرية.
دخول أي شخص للاستثمار في الشركة يكون عن طريق دعوة من قبل شخص يسمي “الوكيل” أو “قائد الفريق”، بمجرد أن يقوم الشخص بإدخال أعضاء جدد للمنصة (أو ما تسميهم الشركة بـ”مرؤوسين”) يكون الشخص قد أصبح “وكيلاً” للشركة و”قائدا لفريق” فتبلغه الشركة أنه بات لديه مسؤولية لتكبير وتنمية فريقه، وبعد دعوة شخص إلى الشركة يقوم هذا الأخير باستثمار مبلغ 500 جنيه، وكلما زاد عدد “المرؤوسين” من المستوى الأول، زاد عدد المرؤوسين من المستوى الثاني والثالث الذين يمكن جلبهم ويحصل “قائد الفريق” على 8% من أرباح مرؤوسي الدرجة الأولى، و5% من أرباح مرؤوسي الدرجة الثانية، و3% من أرباح مرؤوسي الدرجة الثالثة.
وقامت الشركة الوهمية بالفعل بإرسال أرباح رمزية في البداية للمودعين. وبعد حصد أموال أكبر منهم، تم إغلاق المنصة وعدم الرد على استفسارات المودعين، ليتعرض حوالي نحو 70 ألف مشترك مصري للنصب، حسب حصر مبدئي للضحايا.
وفقًا للمادة 336 من قانون العقوبات، “يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات دين أو سندات مخالصة أو أي متاع منقول وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها إما باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمى فيعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة”
ولكن برغم العقوبة لا يهدأ أصحاب البيع الوهمي ولا الذين يقعوا في هذا الفخ من صفوف الأشخاص الذين يحلمون بالغنى الفاحش السريع والسهل، يقعوا بدون أن يعلموا أنه في حالة إنه قرروا العمل بمجال التسويق يجب عليهم التأكد من عروض الشركات والتحقق منها والتواصل مع من عملوا بالفعل بتلك الشركات، والتأكد من وجود مقار وهياكل وظيفية محددة معلومة الأطر والمهام، وكذلك البحث عن المنتجات وعلاماتها التجارية ومنشأها ومقارنتها مع نظيرها قبل قرار الشراء حتى لايصبحوا ضحية لبيع الوهم وليتذكروا أنه “ليست كل الجرائم عنيفة أو تشوبها مشاهد دامية وآلات عسكرية وجنود ودول عظمى”.