الأطباء ووصمة العار ضد المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسبة HIV في مصر، لحد إمتى؟
فيروس نقص المناعة المكتسبة HIV هو فيروس بيصيب خلايا الدم البيضاء CD4 المسئولة عن المناعة والدفاع عن الجسم ضد أي أجسام غريبة بتدخل. في حالة الإصابة بالفيروس بيدخل جوا الخلايا دي وبيدمرها وفي النهاية الجسم بيبقي معندوش أي مناعة تحميه ضد الأجسام المرضية المحيطة بيه، وبالتالي بتبدأ كل الأجسام المرضية تدخل الجسم وتسبب كل أنواع الأمراض الفيروسية والبكتيرية اللي بتقتل الجسم في النهاية وده اللي بنسمية متلازمة نقص المناعة المكتسبة AIDS.
طرق الإصابة بالفيروس بتكون من خلال التواصل المباشر مع دم مصاب أو سوائل جنسية مصابة. يعني نقل دم ملوث أو وصول سوائل جنسية مصابة للجسم هو اللي بينقل المرض. لمس المريض والتعامل المباشر معاه مش بينقل المرض.
تاريخ مرض نقص المناعة المكتسبة HIV
في نظريات كتير عن تاريخ الفيروس وطريقة ظهوره في العالم. رغم إن أول معرفتنا بالمرض كانت في أوائل التمانينات، لما أنتشر بقوة في الولايات المتحدة والإعلام بدأ يتكلم عن وباء الـ HIV اللي أنتشر جدًا في المجتمعات الفقيرة والمهمشة في أمريكا، زي الأمريكيين من أصل أفريقي والمثليين والعاملين بالجنس التجاري.
تاريخ المرض بيرجع للحرب العالمية التانية، وصلنا تقارير طبية من أفريقيا عن ناس كانت مصابة بمرض فتاك، وكانت الأعراض المذكورة في التقارير تشبه أعراض متلازمة الأيدز. رغم إننا مش متأكدين من إنه كان HIV فعلًا بس الإحتمال الأكبر أن دي كانت أول حالات مسجلة في التاريخ للمرض.
النظرية الطبية المؤكدة حاليًا بتقول أنه مرض أفريقي، لأنه في فيروس يشبه نقص المناعة مكتسبة بيصيب القرود في أفريقيا وبيتطور معاهم لمتلازمة الأيدز بالفعل، والدراسات بتقول أن الفيروس ده هو نفس الفيروس اللي بيصيب البشر وحصله تحورات بسيطة خلته يقدر يعيش داخل مضيف بشري.
فيروس نقص المناعة المكتسبة HIV أفريقي الأصل ومش بعيد عننا خالص
في 34 مليون إنسان مُتعايشين النهاردة مع فيروس نقص المناعة المكتسبة، منهم 69% في جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا. يعني 23.8 مليون شخص في أفريقيا عندهم الفيروس.
91% من الأطفال اللي بيتولدوا مصابين بالفيروس موجودين في أفريقيا.
بسبب الإنتشار الكبير جدًا للفيروس في أفريقيا، معظم الناس مش بيقدروا يشتغلوا أو يتعلموا وده آثر بشكل سلبي علي الإقتصاد الأفريقي، ومع صعوبة وصول أدوية الـ HIV للدول الأفريقية الأزمة بتكبر وبتشكل قنبلة موقوتة للعالم كله.
المرض مش مُعدي لو كان المريض بيتعالج كويس
المرض كان يعتبر حكم بالموت لحد أواخر التمانينات، لكن مع بداية ظهور مضادات الفيروسات القهقرية Anti-retroviral المرض أتحول من مرض قاتل لمرض مزمن Chronic disease وحاليًا مريض الـ HIV اللي بياخد أدويته في وقتها وبيتابع علي صحته بشكل دوري بيعيش حياة طبيعية جدًا ودمه بيبقي خالي من الفيروس، يعني مش بيبقي معدي حتي لو نقل دمه لشخص تاني.
وصمة العار والخوف من المجتمع أقسي من المرض
الحياة دلوقت بقت طبيعية جدًا للمتعايشين مع الفيروس وبيقدروا يتجوزوا ويخلفوا وشركائهم وأولادهم بيكونوا في أمان ومفيش فرصة للعدوي.
خوف المريض من أن الناس تعرف عنده أيه بتخليه عايش حالة من الرعب والضغط الإجتماعي وكراهية الذات واللي بيخلي المريض حزين جدًا، وعلشان كده نسبة الإكتئاب ما بين المتعايشين مع الفيروس بتكون أعلي بكتير من الناس التانية.
جهل الأطباء وتعنتهم في التعامل مع مرضي فيروس نقص المناعة المكتسبة
المرضي بيوصلوا للعلاج بسهولة جدًا في مصر والتعامل معاهم في المستشفيات الحكومية مش أسوء حاجة، رغم أنه ممكن يكون فيه تقبل وتعامل أفضل بكتير. لكن المرعب أكتر هو إزاي الأطباء في مصر بيتعاملوا مع المرضي.
الطبيب اللي أقسم أنه يرعي مصالح المريض وينقذ حياته بشتى الطرق بيخاف يتعامل مع مريض الـ HIV في مصر. مع تجاهل تام لمعرفته الطبية اللي بتقوله أن مفيش أي خطر في التعامل مع المريض، بيختار أنه يستسلم لعنصريته وكراهيته الداخلية للأفراد دول ويتجنب تقديم الخدمة اللي من واجبه يقدمها ليهم.
سألنا تلات متعايشين مع الفيروس عن تجاربهم مع الأطباء في مصر وحكولنا حكايات تخوف.
ذكر، 33 سنة، متعايش مع فيروس نقص المناعة المكتسبة، فضل ميذكرش أسمه
كان عندي مشكلة جلدية بسيطة ورحت لدكتور علشان يشوف في أيه. قالي إنها مشكلة بسيطة وهاخد مضاد حيوي وهبقي كويس، سألني إذا كان عندي أي مشاكل في المناعة لإن الدوا اللي هيكتبه ممكن يأثر علي مناعتي فقررت أني أقله إني متعايش مع فيروس نقص المناعة من عشر سنين وإن تحاليل المناعة بتاعتي كويسة.
أول ما قلت كده طريقته اتغيرت معايا ولما كلمت العيادة بعد أسبوعين علشان أعيد الكشف قلولي إن الدكتور مش عايز يشوفني تاني.
حسام (اسم مستعار)، 18 سنة
كنت بعمل تحليل علشان أعرف نسبة الفيروس في الدم، وده تحليل دورى بعمله كل فترة علشان اتأكد إن الدوا شغال والفيروس مش موجود في الدم.
الدكتورة اللي بتاخد عينة الدم كانت متعصبة جدًا وفضلت تقول: أستغفر الله العظيم. ربنا يخلصنا من القرف ده.
الصدمة كانت إني سمعت الكلام ده من طبيبة المفروض إنها متفهمة وعارفة. واللحظات دي كانت صعبة جدًا عليا وبعدها فضلت مش قادر أتعامل مع أي حد لفترة طويلة جدًا وفكرة إني انتحر زادت جدًا.
رغد (اسم مستعار)، 27 سنة
كنت بعمل منظار في مستشفي كبير في المعادى وأنا بجهز مع دكتور التخدير سألني إذا كنت باخد أدوية معينة وقلتله أني باخد أدوية HIV وشه اتغير وسابني ومشي وبعد كدا مرضيش يدخل المنظار كطبيب تخدير واضطرينا نأجل كام يوم وده سببلي ضغط كبير وبقيت من وقتها بخاف جدًا وأنا بتعامل مع أي دكتور.
في النهاية عايزين نقول إننا لما نفهم ونبطل نحكم ونوفر مساحة أمنة للناس هنلاقي الناس بتعمل تحاليل أكتر وبتوصل لعلاجها أسهل وهنعرف نعالج المشكلة كلها ومع الوقت ممكن نقدر نقضي علي فيروس نقص المناعة المكتسبة تمامًا. بس نتفهم ونحب الناس وندعمهم.