أم كلثوم: مسحت بمنديلها الحريري دموع النكسة وساندت المقاومة بصوتها العذب
بمنديلها الحريري وأغانيها الدافئة، زرعت أم كلثوم الرومانسية في قلوب أجيال. لكن خلف هذا الدفء، كان هناك وجه وطني.
فصاحبة “أنت عمري” و”رجعوني عينيك”، لم تكتفِ بنثر الحب، بل كانت رمزًا للمجهود الحربي والمقاومة الفلسطينية خلال أوقات الشدة.
في ستينيات القرن الماضي، خصصت حفلاتها لجمع التبرعات لدعم المجهود الحربي. كانت أغانيها تلهم الأمل في زمن الانكسار.
عبر صوتها العذب، نسجت أم كلثوم رابطًا عاطفيًا وطنيا مع جمهورها، حيث غنت للمقاومة بحماس لا يقل عن أغاني الحب.
وهكذا، لم تكن أم كلثوم مجرد كوكب للأغنية، بل كانت شمسًا أشرقت على دروب الأمل والكرامة العربية.
كيف دعمت أم كلثوم المجهود الحربي؟
الباحث المصري الشاب كريم جمال ألقى الضوء على جانب وطني من حياة أم كلثوم في كتابه “أم كلثوم وسنوات المجهود الحربي”.
بدأت أم كلثوم جولات غنائية عربية وعالمية لدعم المجهود الحربي بعد النكسة. خصصت عائداتها لدعم الجيش المصري.
في باريس نوفمبر 1967، جمعت 14 ألف جنيه إسترليني، تلتها 36 ألف درهم من المغرب في مارس 1968.
أما في ليبيا عام 1969، جمعت 176 ألف جنيه مصري بحفل ضخم حضره 10,000 مستمع، بينهم وزراء ودبلوماسيون.
بين الجماهير، تواجد عبدالله عابد السنوسي، أحد أقرباء ملك ليبيا، في مشهد يعكس تأثيرها العربي والدولي.
تجمع بنفسها التبرعات
لم تقتصر جهود أم كلثوم على تخصيص إيرادات حفلاتها لدعم الجيش، بل قامت بحملة شخصية لجمع التبرعات.
جابت بنفسها مكاتب الشخصيات العامة والمشاهير، طالبة الدعم المالي لمصر في تلك المرحلة الحرجة.
كانت تجمع التبرعات من رجال الأعمال والقيادات السياسية، متوجهة إليهم بوجهها الوطني وإصرارها على تقديم كل ما يمكن لمساعدة الوطن.
لم يكن هذا مجرد عمل خيري، بل كان تعبيرًا عن التزام عميق بقضية مصر الكبرى في مرحلة ما بعد النكسة.
راجعين بقوة السلاح
استعدادًا لمعركة أكتوبر، أطلقت أم كلثوم الحماس في نفوس المصريين من خلال حفلات غنائية للجنود على الجبهات.
سجلت أغنيتها الوطنية “راجعين بقوة السلاح”، إضافة إلى نداءات حماسية كانت تهدف إلى رفع معنويات الجنود في المعركة.
من بين النصوص التي نقلها مؤلف الكتاب عن مجلة الكواكب: “أخي في وقفتك من أجل الملايين، أخي في كبريائك من أجل حقها في الحياة”.
كما وجهت تحية من القاهرة وكل شبر من أرض العرب: “أنت حيث أنت، من أجل العرب”. كانت كلماتها بمثابة مسح لدموع النكسة وجراح الهزيمة.
أم كلثوم وفلسطين
لأم كلثوم جانب خفي تجاه المقاومة الفلسطينية، جانب أظهر مكانتها الكبيرة في قلوب الفلسطينيين.
هذا الجانب كشفه محلل الميادين ناصر اللحام، الذي أشار إلى أولى هذه اللحظات في زيارة أم كلثوم لفلسطين عام 1931.
كانت تلك الفترة قبل النكبة، “عندما كانت يافا يافا وحيفا حيفا”، كما وصفها اللحام.
غنت أم كلثوم في القدس، حيث قيل إن الفلاحين الفلسطينيين باعوا الطحين ليتمكنوا من السفر إلى المدن للاستماع إلى أغانيها، وهو تعبير عن دعمهم لها.
الأسرى في سجون الاحتلال
الجانب الآخر والأهم في علاقة أم كلثوم بالمقاومة الفلسطينية كان تواجدها في سجون الاحتلال، حيث كانت أغانيها النافذة الوحيدة على العالم للأسرى.
في كل صباح، كان يجرى بث أغنياتها لمدة ساعة كاملة، وكأنها تمنح الأسرى العرب لحظة أمل وسط القهر.
كانت أغانيها تُعتبر امتيازًا، فإذا اندلع إضراب أو عصيان من الأسرى، كان يُقطع البث عن أم كلثوم، ويُحرَم الأسرى من تلك اللحظة.
لكنها في الوقت نفسه كانت تهدئة لأوجاعهم، وصبرًا وصمودًا في حجرات الزنازين التي كانت تثقل القلوب.
آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: شائعات موسم الرياض: 4 تريندات مزيفة تثير الجدل!