حين يتحوّل الألم إلى لحن، ويصبح الحنين نغمة تهزّ القلوب… تنبعث من غزة أصوات لا تُنسى، تُغني للأرض والهوية والصمود.
من قلب الحصار والجراح، خرجت أغانٍ فلسطينية صادقة حملت وجع الناس، ونقلت للعالم صدى الحنين والكرامة. بعض من غنّوا لم يكونوا مطربين محترفين، لكنهم صنعوا من الكلمات والألحان صرخة مقاومة ومشاعر إنسانية لا تُنسى.
هنا، نرصد أبرز الأصوات التي وثّقت المعاناة الفلسطينية بأغانٍ تجاوزت حدود الجغرافيا، ووصلت إلى كل من يحمل ذرة ضمير.
لا تفوّت قراءة: 6 مشاريع عمرانية عملاقة جديدة.. كيف يلهم التاريخ مشروعات مصر الحديثة؟
غصن الزيتون – إليانا
قدمت المغنية الفلسطينية التشيلية إليانا أغنية بعنوان “غصن الزيتون”. الأغنية من كلمات إليانا وفراس وعبير مرجية، وألحان وتوزيع فراس مرجية.
غنتها للمرة الأولى في حفل افتتاح مهرجان الجونة السينمائي في دورته السادسة، تقول كلماتها: “خلص الحكي شو بعد بقول خلص البكي والقلب مجروح بعيدي هيك وعم صلي ليك وابعت سلام بغصن زيتون”.
من الاستفتاءات إلى الستوريز.. أشهر محطات الخلاف بين تامر حسني وعمرو دياب عبر السنوات
ديرة – سانت ليفانت وإم سي عبدول
تعاون المغني الفلسطيني ابن القدس والذي ولد في لحظة الانتفاضة الثانية سانت ليفانت مع إم سي عبدول في أغنية جديدة تحمل اسم “ديرة”، استلهمها من فندق الديرة في غزة وعلاقته الشخصية به.
تم تصوير الأغنية في الأردن، وتعامل سان ليفانت مع الموضوع بأداء فني يتشابك مع جذوره الفلسطينية والجزائرية.
إضافة إلى الرابر الفلسطيني إم سي عبدول ذو الخمسة عشر عامًا، ضخت عمقًا عاطفيًا في المسار، خصوصًا عندما يغني: “حتى لو أسافر كل العالم، مش ملاقي زي فلسطين”.
لا تفوّت قراءة: الناشئ حسن نجم البنك الأهلي الصاعد.. حلمه ريال مدريد وخطاه تشبه محمد صلاح
وينك يا إنسانية – صالح الجعفراوي
عمل مؤثر يقدمه المصور الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي من وسط الدمار في غزة، هو لم يكن يومًا على نهج المطربين أو من نجوم فلسطين ويقدم الأغاني ولكن ظروف الحرب أجبرته أن يخرج الصورة للعالم خلال الحرب على غزة.
هي أغنية من كلمات الشاعر مصطفى مطر وأداء المنشد صالح الجعفراوي، يبث الفيديو مشاهد من مباني مهدمة ومواقف الانقاذ والصدمة الشعبية في واقع الكارثة.
كلمات الأنشودة:
يا حسرة العين والدمِع
يا جراحنا المنسية
والعالم الّ شاف وسمِع
حسّوا بوجعنا شوية
شدوا بعضكم يا أهل فلسطين – صوت مرأة مسنة مع زين دقة
ترنّمت امرأة مسنَة معروفة في أنحاء فلسطين بـ”الحاجة أم العبد” بكلمات شعبية فلسطينية قديمة مع الطفل الفلسطيني زين دقة تقول
شدوا بعضكم يا أهل فلسطين
شدوا بعضكم
ما ودعتكم رحلة فلسطين
على ورق صيني لا كتب بالحبر على ورق صيني
رغم أن الأغنية قد تكون من التراث الشعبي الفلسطيني، إلا أن أداء الحاجة العفوي مع الطفلة والمزيكا والنغمات في بداية الحرب على غزة 2023 لمست القلوب وأصبح الجميع يبحث عن مغننيها ومنهم.
انتشرت الأغنية بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على منصات اليوتيوب لـ 48 مليون مشاهدة ورددها الناس في الدول العربية، ووصل عدد مشاهداتها إلى الملايين.
تفاعل معها الفنانون أيضًا، حيث قدم أحدهم ثنائيًا معها، وآخرون غنوها مع فرقهم الموسيقية، أبرزهم المغني الأوبرالي البحريني فيصل الأنصاري الذي قدمها بأسلوب أوبرالي مؤثر، معبرًا عن تفاعله مع معاناة الفلسطينيين.
لا تفوّت قراءة: زياد الرحباني كما لم يروَ من قبل.. محطات خفية في حياة الموسيقي الثائر
أغنية “لو مرة بس” – بيج سام
قدمها مغني “الهيب هوب” الفلسطيني “بيج سام” في 2024 واحد من أبناء مدينة غزة الباسلة، جسد أغنية “لو مرة بس” حالة وجدانية عميقة تجاه المجازر والدمار في غزة.
وتقدّم رؤية إنسانية تنبع من مشاعر الفقد والارتباط بالأرض، يبدأ بيج سام أغنيته بأسى وحزن بالغين.
متحدثًا عن النزوح، الشهادة، والخوف من الموت، ويرثي غزة وأحيائها المنكوبة كحي الرمال الذي دمر بالكامل، موثقًا المأساة بصوته.
واختم الأغنية بعبارة: “باقون صبًّا كنهر الغيظ”، مؤكدًا على الصمود الفلسطيني رغم كل شيء.
لا تفوّت قراءة: التين الشوكي كما لم تتذوقه من قبل.. 6 وصفات لذيذة ومبتكرة لا تُفوّت
صوت ريم بنا وصوت المقاومة الفلسطينية
كرست الفنانة الراحلة ريم بنا صوتها ومسيرتها الفنية لمحاكاة واقع الاحتلال الإسرائيلي والحرب والحصار، وجسدت معاناة الشعب الفلسطيني من خلال أعمالها الغنائية.
كونت قالبًا غنائيًا مميزًا، قاومت عبره الاحتلال، سواء من خلال كلمات الأغاني التي غالبًا ما كانت تكتبها بنفسها، أو من خلال الألحان التي تفرّدت بها.
في ألبومها “مرايا الروح”، قدمت تجربة غنائية تتناول أوضاع الأسرى والمعتقلين داخل سجون الاحتلال، كما تناولت ذات الموضوع في عمل آخر بعنوان “صرخة من القدس”.
حرصت ريم على مخاطبة الأجيال الجديدة وتعزيز وعيهم بالقضية الفلسطينية. وخلال مسيرتها التي بدأت في التسعينيات، أصدرت 13 ألبومًا، أصبحت بها أيقونة غنائية وصوتًا مقاومًا مدافعًا عن فلسطين.
لا تفوّت قراءة: مطاعم تُذهلك بابتكاراتها.. أكلات غريبة وحلويات مدهشة بانتظارك
سناء موسى وحكاية ” طلت البارودة”
من قلب التراث الفلسطيني، انطلقت المطربة سناء موسى في مشروعها الغنائي الذي أحيى الأغاني الفلكلورية المحمّلة بقصص المقاومة، خاصة تلك التي كانت تردّدها النساء في القرى كنوع من المقاومة الثقافية.
غنت سناء “إشراق”، “يما ودعيني”، “طلت البارودة”، وهي أغاني ارتبطت بفترة الاستعمار البريطاني لفلسطين.
وأشهرهم “طلت البارودة” التي تحكي عن مشهد استقبال النساء للرجال العائدين من الحرب، وعن طقس تسليم سلاح الشهيد إلى ابنه أو زوجته.
الأغنية توثق اللحظة الحزينة التي تقتل فيها المقاومة، وتصف كيف كان دم المحارب يلطخ فوهة البارودة:
«طلّت البارودة والسّبع ما طل، يا بوز البارودة من دمو مبتل”.
هذا الإرث الغنائي ينسب إلى منطقة قراوة بني زيد (قضاء رام الله)، ويعتقد أنه نشأ خلال الثورة الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني بين 1936 و1939، عندما كانت النساء ينتظرن عودة الثوار من الجبال بخوف وأمل.
“أنا دمي فلسطيني”.. صوت محمد عساف يتحول إلى أيقونة
منذ اندلاع الحرب على غزة في 2023، ولا سيما عقب عملية “طوفان الأقصى”، برزت أغنية “أنا دمي فلسطيني” كنشيد يتردد بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، دعمًا لفلسطين.
الأغنية صدرت عام 2015 بصوت الفنان الفلسطيني محمد عساف، ومنذ ذلك الحين أصبحت شعارًا وجدانيًا للقضية.
كتب كلمات الأغنية سليمان العساف، ولحنها ووزعها وائل الشرقاوي، وتميزت بعباراتها القريبة من الوجدان الفلسطيني، وألحانها التي تهز المشاعر وتدفع المستمع إلى التماهي مع الحلم بالتحرير.
الأغنية انتشرت كالنار في الهشيم بين الشباب، حيث استطاعت بكلماتها البسيطة أن تحفر مكانتها كرمز للمقاومة الثقافية والفنية.
“فلسطيني”.. رسالة طوني قطان لأهله
غناها الفنان الفلسطيني الأردني طوني قطان دعمًا للشعب الفلسطيني وما يعيشه من معاناة إنسانية. تقول في كلماتها:
فلسطـــيني فلسطــــيني
أنا اللي إسمــي يكفيني
أنا الصامد على أرضي .. أغاني نجوم من فلسطين "طوني قطان"
معروف عن طوني قطان أنه مطرب وملحن وموزع موسيقي أردني من أصل فلسطيني من بلدة بيت جالا، موهبته الموسيقية ولدت معه، إذ إنه في سن الثامنة، بدأ بتعلم آلة الجيتار بالإضافة إلى آلة البيانو.
يذكر أن قطان سبق وأن قدم عددًا من الأغاني الوطنية الموجهة لفلسطين، منها “فلسطيني” و”وهبوا الفلسطينية”، مما يعكس استمرارية التزامه الفني تجاه القضية.