هل خرج النبي موسى من مصر؟ جدل مستمر بين علماء الآثار ورجال الدين والمفكرين

بين الحين والآخر، يستمر الجدل حول خروج النبي موسى من مصر، ويثير النقاش بين علماء الآثار والمفكرين ورجال الدين.

مؤخراً، عاد هذا الموضوع للواجهة مع تصريحات الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار ووزير الآثار الأسبق، الذي أكد عدم وجود أثر مادي يؤكد خروج النبي موسى من مصر في الاكتشافات الأثرية الحالية.

رغم ذلك، يظل هناك توافق شعبي وديني واسع على أن سيدنا موسى عليه السلام عاش في مصر وخرج منها بمعجزة شق البحر للنجاة من فرعون وجنوده.

وعلى الرغم من أن دار الإفتاء المصرية حسمت الجدل أكثر من مرة بفتاوى تؤكد صحة الرواية الدينية، تبقى هناك روايات مختلفة بين من يؤكد صحة القصة ومن يرفضها، مما يعزز استمرار النقاش وتعدد الآراء حول هذا الموضوع التاريخي والديني المعقد.

ماذا قال زاهي حواس في تصريحاته الأخيرة؟

خلال استضافته في برنامج حبر سري، تحدث الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار ووزير الآثار الأسبق، عن الهجوم الكبير الذي تعرض له في إسرائيل بعد تصريحاته حول عدم وجود دليل أثري لخروج النبي موسى من مصر.

وقد أعرب عن استغرابه مما وصفه بالردود القوية من علماء الدين، قائلاً: “وعلماء الدين هنا نزلوا عليا نزلة”.

وأوضح حواس أنه لا يوجد أي ذكر لخروج النبي موسى في الآثار الحالية، مؤكدًا في الوقت نفسه أن هذا لا يعني بالضرورة تكذيبه للدين.

وقال: “لكن مش معنى ده، إني بكذب الدين، لأن من ضمن مقومات الملك عشان يبقى إله، لازم يهزم أعداء مصر”.

وأضاف أن التسجيلات التاريخية للملوك لا تتضمن هزائمهم، مما يوضح سبب عدم وجود آثار توثق لهذه الأحداث.

وأشار إلى أن الدين والآثار شيئان مختلفان، حيث أن الدين يمثل حقائق ثابتة، بينما تظل الآثار محكومة بتوجهات الملوك وأهوائهم؛ فبعض الأمور قد يجرى تسجيلها وأخرى لا.

وفي سياق متصل، أشار حواس إلى تصريح سابق له قال فيه: “حتى الآن 30% من آثارنا قد اكتشفناها، بينما ما تزال 70% تحت الأرض، وهناك احتمال كبير في وجود نقش يتحدث عن الخروج”.

قصة شق سيدنا موسى البحر الأحمر غير صحيحة

منذ بداية الجدل، دافع الدكتور وسيم السيسي، الباحث في تاريخ مصر القديمة، عن زاهي حواس مؤكدًا أن العلم والدين يمثلان مجالات بحثية مختلفة.

وقال إن “العلم يبحث في الموجودات، بينما الدين يبحث في الغياب”، مشددًا على أن كلا المجالين له ميدانه الخاص.

وأضاف السيسي أنه لا يوجد دليل تاريخي يؤكد أن “اليهود كانوا داخل مصر حتى يخرجوا منها”.

كما أشار إلى أن “قصة شق سيدنا موسى البحر الأحمر غير صحيحة”.

خروج بني إسرائيل من مصر حدث في عهد الملك منفتاح

أشار كتاب “تاريخ سيناء والعرب” للكاتب نعوم شقير إلى بعض الروايات التي تطرقت إلى تاريخ خروج بني إسرائيل من مصر.

وقد ذكر شقير أن هناك آراء متنوعة بين علماء التوراة والمؤرخين حول هذا الموضوع، ولفت إلى أن من أبرز هذه الآراء أن خروج بني إسرائيل من مصر حدث في عهد الملك منفتاح بن رعمسيس الثاني.

وأوضح شقير أن مدينة رعمسيس التي انطلق منها الإسرائيليون هي الخرائب المعروفة اليوم بتل المسخوطة في مديرية الشرقية، وأنهم عبروا البحر الأحمر بالقرب من مدينة السويس.

وأضاف أن المسيرة بعد عبور البحر قادتهم إلى جبل موسى، مشيرًا إلى أن جبل الصفصافة هو الموقع الذي وقف عليه موسى لتلقي الوصايا العشر.

النبي موسى لم يخرج بشعبه من مصر

ادعى الكاتب العراقي فاضل الربيعي في العديد من المرات أن النبي موسى عليه السلام لم يخرج بشعبه من مصر، بل من اليمن.

وأشار إلى أن رواية خروج بني إسرائيل من منطقة دلتا النيل ليست صحيحة، وأن هذه القصة ليست سوى حدث ديني مرتبط بما يسمى “الحج الموسوي الأول”، والذي كان مسرحه بلاد اليمن وليس مصر.

وأكد الربيعي أنه لا يوجد أي دليل تاريخي أو أثري يدعم وقوع هذا الحدث في مصر.

وأوضح الربيعي ذلك في كتابه “بنو إسرائيل وموسى لم يخرجوا من مصر”، حيث ناقش فيه هذه القضية بشكل موسع، مؤكدًا أن الرواية الشعبية والتاريخية التي تربط خروج موسى من مصر بحاجة إلى إعادة نظر.

النبي موسى خرج من سيناء

رغم أن الأدبيات الإسرائيلية تتفق على أن خروج بني إسرائيل كان من مصر، إلا أن هناك اختلافات حول الوجهة التي سلكوها بعد مغادرتهم.

بينما يرى الغالبية أن المسار كان عبر سيناء، طرحت دراسة جديدة وجهة نظر مختلفة.

نشر موقع “والا” الإسرائيلي دراسة تفيد بأن بني إسرائيل عبروا البحر الأحمر من منطقة نويبع، مرورًا بخليج العقبة، ثم تابعوا رحلتهم حتى وصلوا إلى جبل اللوز في السعودية.

هذه الدراسة أثارت جدلاً واسعًا، حيث تقدم صورة جديدة ومغايرة للتفسير التقليدي لمسار الخروج، مما يفتح المجال لمزيد من البحث والنقاش الأكاديمي حول هذه القضية التاريخية.

رواية شمعون المصري

رواية اوراق شمعون المصري عن أسامة الشاذلي

تقدم رواية “أوراق شمعون المصري” للروائي الدكتور أسامة الشاذلي تفسيرًا جديدًا لخروج بني إسرائيل من مصر، مستندة إلى الوقائع التاريخية والخرائط الداعمة، مدعومة بالمصادر والخرائط.

تدور أحداث الرواية في فترة الخروج، متناولةً تلك المرحلة من خلال مخطوطات كتبها شاب عبري ولد من أب إسرائيلي وأم مصرية.

بني إسرائيل تحركوا من الدلتا مع موسى

أكد محمد عبدالمقصود، الأمين السابق للمجلس الأعلى للآثار، أن بعض البعثات التي درست مسار الخروج قد وضعت عدة سيناريوهات محتملة.

وأوضح أن الثابت تاريخيًا هو أن بني إسرائيل تحركوا من منطقة الدلتا مع نبي الله موسى، إلا أن الطريق الذي سلكوه للوصول إلى فلسطين لا يزال مجهولًا.

وأضاف أن الاحتمالات تشير إلى أن بني إسرائيل قد يكونون قد اختاروا طريق الشمال الذي يمر عبر القنطرة شرق ثم غزة، أو قد عبروا سيناء من منتصفها، أو ربما سلكوا الطريق الجنوبي بعد عبورهم الإسماعيلية.

لا تفوت قراءة: مقاهي مصرية تاريخية عليك زيارتها في “الويك إند”: رحلة بين التاريخ والثرثرة

تعليقات
Loading...