رأس شقير على ساحل البحر الأحمر كنز يعاد استكشافه.. ما أهميتها وما الصكوك السيادية؟

في أقصى شمال البحر الأحمر، حيث تلتقي الرمال الذهبية بزرقة المياه الصافية، تنبض رأس شقير على ساحل البحر الأحمر بقصة جديدة تتجاوز تاريخها كمنطقة نفطية هامشية.

فهنا، بين الطبيعة البكر والموقع الجغرافي الفريد، تُعاد كتابة فصول من الاقتصاد المصري، مع تحوّل هذه البقعة النائية إلى ركيزة استراتيجية في خريطة الاستثمار السيادي للدولة.

القرار الجمهوري رقم 299 لسنة 2025 لم يكن مجرد خطوة إدارية، بل علامة فارقة في استخدام الأصول الوطنية غير المستغلة كضمانة لإصدار صكوك سيادية تهدف إلى تقليل الدين العام وتعزيز ثقة المستثمرين.

لكن، ما الذي يجعل رأس شقير محط أنظار صنّاع القرار والممولين؟ وما طبيعة الصكوك السيادية التي باتت أداة تمويلية مبتكرة في يد الحكومة؟ وكيف يمكن لرقعة أرض أن تُصبح مفتاحًا لفرص اقتصادية واعدة في مجالات الطاقة المتجددة والاستثمار طويل الأجل؟

لا تفوّت قراءة: مغامرة لا تُنسى في السماء: استكشف أجمل مواقع القفز بالمظلات في مصر

كيف أصبحت رأس شقير جزءًا من خريطة الاستثمار السيادي في مصر؟

بمجرد صدور القرار الجمهوري رقم 299 لسنة 2025، دخلت رأس شقير خريطة الاستثمار من أوسع أبوابها بتخصيص 174.4 مليون متر مربع لوزارة المالية.

يمثل هذا القرار خطوة غير مسبوقة نحو تفعيل أدوات التمويل البديلة، من خلال نظام التصكيك المعتمد على أصول حقيقية كضمانات استثمارية آمنة.

ويهدف هذا التخصيص إلى تقليل تكلفة الاقتراض العام، مع توفير أدوات جذب للمستثمرين في مشروعات إنتاجية وتنموية دون التخلي عن الأصول الوطنية.

صورة من القرار الجمهوري الخاص برس شقير

وتجدر الإشارة إلى أن النظام المعتمد يمنح حق الانتفاع فقط في رأس شقير على ساحل البحر الأحمر ، دون نقل “حق الرقبة”، مما يضمن بقاء ملكية الأرض بالكامل للدولة المصرية.

وتستخدم الأرض الواقعة في رأس شقير كضمانة لإصدار الصكوك السيادية، دون بيعها أو التصرف بها، وفق نموذج تمويلي حديث وآمن.

ومن المهم التوضيح أن “الصك” لا يعني نقل الملكية، بل يمنح فقط حق الانتفاع المؤقت خلال مدة الصك، مع انتهاء هذا الحق تلقائيًا.

وفي السياق نفسه، سيجرى تصميم الصكوك وفق معايير الشريعة الإسلامية، ما يعزز جاذبيتها أمام المستثمرين من دول الخليج والأسواق الإسلامية.

هل تعد صكوك رأس شقير على ساحل البحر الأحمر تجربة أولى من نوعها في مصر؟

الصكوك السيادية ليست جديدة على المشهد التمويلي المصري، بل تعد إحدى الأدوات المستحدثة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية لدعم الاقتصاد.

تستخدمها وزارة المالية لجمع السيولة، سواء عبر الأسواق الدولية بالعملة الأجنبية أو من خلال السوق المحلية عبر الجنيه المصري.

وتستعد مصر خلال عام 2025 لإصدار أول صكوك سيادية محلية بالجنيه المصري، بهدف تنويع مصادر التمويل وخفض الاعتماد على أدوات الدين التقليدية.

وكانت الحكومة قد أصدرت في عام 2023 صكوكًا سيادية بقيمة 1.5 مليار دولار، بضمان أرض تابعة للعاصمة الإدارية الجديدة.

ويعزز ذلك من التأكيد أن استخدام الأصول العقارية كضمانات لإصدار الصكوك ليس خطوة جديدة، بل جزء من استراتيجية مالية مستمرة.

لا تفوّت قراءة: الاستثمار في السبائك.. كيف تفرق بين الذهب الأصلي والمغشوش؟

كيف تساهم الصكوك السيادية في تقليل أعباء الدين العام بمصر؟

تسعى وزارة المالية إلى خفض الدين العام إلى 80% من الناتج المحلي بنهاية يونيو 2027، ضمن خطة إصلاح مالي متدرجة وطموحة.

وقد انخفض الدين من 96% في يونيو 2023 إلى 89% في يونيو 2024، وفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة المالية المصرية.

ومن المتوقع أن يسهم تخصيص أصول مثل رأس شقير على ساحل البحر الأحمر في جذب استثمارات تُقدّر بتريليون جنيه، تُستخدم لسداد مديونية الدولة تدريجيًا.

كما تعتمد هذه الاستراتيجية على تنويع مصادر التمويل، وتقليل الاعتماد على القروض المباشرة مرتفعة التكلفة من الأسواق المحلية والدولية.

رأس شقير.. جنة بحرية عند ملتقى الجغرافيا والنفط

تقع رأس شقير على بعد 350 كيلومترًا جنوب شرق القاهرة، على الساحل الغربي للبحر الأحمر، قرب الطرف الجنوبي لخليج قناة السويس.

تتميّز بتنوع طبيعي فريد يشمل شواطئ رملية، خلجانًا هادئة، وشعابًا مرجانية كثيفة تعد من الأجمل على السواحل المصرية.

كما تعد رأس شقير من أكبر مناطق إنتاج النفط البحري في مصر، بإنتاج يومي يقدّر بنحو 100 ألف برميل.

ويمنح هذا الموقع توازنًا نادرًا بين الثروات البيئية والاقتصادية، مما يعزز جاذبيته كموقع استراتيجي للاستثمار المستدام.

لماذا تعد رأس شقير موقعًا مثاليًا للاستثمار في الطاقة المتجددة؟

تحوّلت رأس شقير مؤخرا إلى نقطة جذب لمشروعات الطاقة المتجددة، بفضل سرعة الرياح التي تتراوح بين 8 إلى 10 أمتار/الثانية.

توفر المنطقة ظروفًا مثالية لإقامة مشروعات طاقة الرياح، ومحطات الطاقة الشمسية، إضافة إلى مشاريع الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.

وفي إطار التوجّه الحكومي نحو الاقتصاد الأخضر، جرى توقيع عقود لإنشاء محطة للهيدروجين الأخضر باستثمارات تبلغ 7 مليارات دولار.

تندرج هذه المشروعات ضمن خطة مصر للتحول إلى مركز إقليمي لإنتاج الطاقة النظيفة على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا.

ورغم شهرتها التاريخية كمنطقة نفطية، لا سيما مع وجود شركات كبرى مثل “جابكو”، فإن رأس شقير اليوم تسير نحو مستقبل أخضر مستدام.

ويعزّز الربط بين التمويل السيادي والطاقة المتجددة من فرص التنمية الخضراء، ويعيد تشكيل دور رأس شقير كمحور اقتصادي متجدد.

لا تفوّت قراءة: استمتع بعطلتك الصيفية.. أفضل الفنادق والمنتجعات في العلمين والساحل الشمالي

تعليقات
Loading...