تعريب مناهج الطب والصيدلة في جامعة الأزهر: ما الأسباب وما مراحل تطبيق المشروع؟

في قلب النقاش الأكاديمي والثقافي الدائر، يبرز قرار تعريب مناهج الطب والصيدلة والهندسة في جامعة الأزهر كخطوة جريئة تستهدف استعادة مكانة اللغة العربية في مجال التعليم الجامعي.

هذا القرار أثار جدلاً واسعًا بين من يرونه استنهاضًا للهوية الثقافية للأمة، وبين من يخشون أن يعوق التقدم العلمي ويحد من التنافسية الدولية للخريجين.

فهل يمكن أن تصبح اللغة العربية جسراً للنهضة العلمية أم أن التحديات الحالية تجعل من هذا الحلم عبئًا يصعب تحقيقه؟

ين التأييد والاعتراض، تتجلى معركة حول دور اللغة في رسم مستقبل التعليم العربي.

بيان جامعة الأزهر: تعريب مناهج الطب والصيدلة

أصدر المركز الإعلامي لجامعة الأزهر بيانًا رسميًا في 11 يناير الجاري، أعلن فيه أن الجامعة تدرس بشكل شامل إمكانية تعريب مناهج الطب والصيدلة وطب الأسنان والهندسة.

وفي هذا السياق، أوضحت الجامعة أن الهدف الرئيسي من هذه الدراسة هو تقييم الأبعاد الأكاديمية والتقنية للمشروع، لضمان توافقه مع المعايير العالمية للتعليم الطبي.

وأضاف البيان أن الجامعة تعمل على إجراء مناقشات علمية مكثفة لضمان اتخاذ قرارات دقيقة ومبنية على أسس علمية متينة.

وأكدت أن أي قرارات نهائية بشأن تعريب مناهج الطب والصيدلة ستصدر بعد استكمال هذه المناقشات، بما يضمن تحقيق التوازن بين الهوية الثقافية ومتطلبات التعليم الحديث.

يأتي هذا الإعلان في إطار جهود جامعة الأزهر لتعزيز مكانة اللغة العربية في المجال الأكاديمي، مع الحفاظ على مستوى تعليمي عالمي يلبي احتياجات الطلاب والأسواق المحلية والدولية.

لا تفوّت قراءة: كواليس مشاجرة طالبات مدرسة “كابيتال” الدولية بالتجمع: كسر بالأنف وألفاظ نابية

أصدر المركز الإعلامي لجامعة الأزهر بيانًا رسميًا في 11 يناير الجاري، أعلن فيه أن الجامعة تدرس بشكل شامل إمكانية تعريب مناهج الطب والصيدلة وطب الأسنان والهندسة.

مراحل مشروع تعريب العلوم الطبية

يمر مشروع تعريب مناهج الطب والصيدلة بعدة مراحل مدروسة لضمان نجاحه دون التأثير على جودة التعليم أو كفاءة الخريجين:

  1. دراسة الجدوى والتخطيط:
    • يتم تقييم إمكانية تطبيق التعريب دون التأثير على المستوى العلمي للطلاب.
    • يُقترح تنظيم حركة ترجمة واسعة لمصادر العلوم الطبية الأجنبية لدعم المحتوى باللغة العربية.
  2. الاستفادة من التجارب السابقة:
    • يتم تحليل تجربة سوريا في تعريب التعليم الطبي، مع دراسة مزاياها وأي جوانب قصور للاستفادة منها.
  3. التطبيق التدريجي:
    • البدء باختيار ثلاث مواد من العام الدراسي الأول في إحدى الكليات لتجربة التعريب وقياس تأثيره على الأداء التعليمي.
    • يُقترح تصميم الكتب الدراسية بحيث تحتوي على نصوص ثنائية اللغة (عربية وإنجليزية)، مع الإبقاء على المصطلحات اللاتينية بنسبة لا تتجاوز 3%، لضمان استيعاب الطلاب للغات الثلاث.
  4. التقييم والتطوير:
    • يتم قياس نجاح التجربة بشكل دوري، مع اعتماد التدرج في التنفيذ لتفادي أي عواقب سلبية وضمان تحقيق النتائج المرجوة.

التجارب السابقة للتعريب الطبي في الشرق الأوسط

رغم أن مشروع تعريب العلوم الطبية لم يُطبق بشكل كامل في مصر حتى الآن، إلا أن هناك تجارب مهمة تُسلط الضوء على إمكانية تحقيق هذا الهدف.

قام مركز ترجمة وتعريب العلوم الصحية في الكويت بترجمة علوم ومناهج كلية الطب بجامعة عين شمس إلى اللغة العربية.

ومع ذلك، لم يجرى التطبيق الفعلي لهذه المناهج، حيث لا يزال المشروع ينتظر الموافقة النهائية للعمل عليه.

وقال نقيب أطباء الأسنان في مصر إيهاب هيكل، إن هذه الخطوة فعلتها سوريا، وأثبتت فشلها وندمت عليها.

وأضاف أن تعريب مناهج الطب يمنع الخريج من مواكبة أحدث الدراسات والتطورات في مجال الطب بسبب حاجز اللغة.

فيما علق عضو مجلس نقابة الأطباء المصرية، الدكتور إبراهيم الزيات، على القرار قائلا إنها فكرة جيدة لكن يجب أن تجرى على خطوات، وأن تجارب مماثلة لم تحقق نجاحا في العديد من الدول.

وأضاف أنه يجب البدء بتعزيز الإنتاج العلمي والبحثي ليصبح لدينا تغيير حقيقي في علوم الطب يقود الآخرين، منوها بأن التعليم يجب أن يكون على لغة صاحب العلم، وكل التطورات الطبية الحديثة مصدرها دول ناطقة باللغة الإنجليزية.

ماذا قال عميد كلية الطب بالأزهر عن تعريب مناهج الطب والصيدلة؟

أوضح الدكتور حسين أبو الغيط، عميد كلية طب البنين بجامعة الأزهر بالقاهرة، أنه لا توجد نية لتحويل مقررات الكلية من اللغة الأجنبية إلى اللغة العربية.

وأشار “أبو الغيط” إلى أن المواد التي تدرَّس في كليات الطب تعتمد على مصطلحات علمية وطبية ذات أصل لاتيني، مما يجعل من الصعب ترجمتها بالكامل إلى اللغة العربية.

وأضاف أن خريجي الكلية يشاركون في مؤتمرات علمية داخل وخارج مصر، وهي غالبًا تعقد باللغة الإنجليزية.

وأكد على ضرورة الإلمام بالمصطلحات الطبية باللغة الأجنبية للمشاركة الفعّالة في هذه الفعاليات، وكذلك للاندماج في المجتمع الطبي العالمي.

دوافع جامعة الأزهر: ما الهدف من تعريب مناهج العلوم الطبية؟

انطلقت الدعوة لتعريب مناهج العلوم الطبية في جامعة الأزهر خلال احتفالية اليوم العالمي للغة العربية التي أُقيمت في 18 ديسمبر 2024.

وفي هذه المناسبة، ألقى الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس الجامعة، كلمة أوضح فيها أن مجلس الجامعة اتخذ خطوة تاريخية بتشكيل لجنة متخصصة لدراسة إمكانية تعريب علوم الطب والصيدلة والهندسة.

وأكد الدكتور داود أن هذا القرار ينبع من إيمان الجامعة العميق بدور اللغة العربية في التأسيس العلمي والطبي.

واستشهد بالعلماء المسلمين الأوائل، مثل ابن سينا، الذين قدموا للعالم أسس العلوم الطبية باللغة العربية قبل أن تُترجم أعمالهم إلى لغات أخرى.

وهذه الخطوة، بحسب الجامعة، تأتي ضمن رؤية تهدف إلى إحياء اللغة العربية في المجالات الأكاديمية، مع التأكيد على إمكانية الجمع بين الهوية الثقافية ومتطلبات التعليم الطبي وفق المعايير العالمية.

تصريحات المستشار الإعلامي لجامعة الأزهر حول تعريب علوم الطب

أكد الدكتور أحمد زارع، المستشار الإعلامي لجامعة الأزهر، أن هناك نقاشًا داخليًا مستمرًا داخل الجامعة بشأن مشروع تعريب علوم الطب.

وأشار إلى وجود توافق عام على هذا القرار، مع تأكيده أن الجامعة تسعى لأن تكون رائدة في هذا المجال.

الرد على الانتقادات

ردًا على الانتقادات الموجهة للمشروع، أوضح الدكتور زارع أن جميع الدول التي أحرزت تقدمًا كبيرًا في المجال الطبي، مثل اليابان وفرنسا، تعتمد في تدريس العلوم الطبية على لغتها الأصلية.

مراحل اتخاذ القرار

شدد زارع على أن القرار ما يزال قيد الدراسة والتجربة، ولم يجرى البت فيه بشكل نهائي حتى الآن.

وأوضح أن جامعة الأزهر ستقوم برفع توصياتها إلى مشيخة الأزهر، وبدورها ستعرض القرار على رئيس الجمهورية ليصدر القرار النهائي.

من يتولى مسؤولة التعريب في الأزهر؟

في منشور على منصة فيسوك، تبين أن محمود صديق نائب رئيس الجامعة للدراسا العليا يتولى الإشراف على لجان التعريب.

وأضاف أن المشرف على تعريب مناهج الطب النفسي، هو الدكتور محمود حمودة، أستاذ الطب النفسي ورئيس القسم الأسبق.

تطبيق قرار التعريب في يد مَن؟

وكشف الدكتور محمود صديق نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا، أن قرار تعريب العلوم الطبية بجامعة الأزهر ما يزال “تحت الدراسة والمناقشة”.

وأكد أن اتخاذ قرار بتعريب العلوم الطبية هو “قرار دولة”. كذلك لفت إلى أن القرار المتداول “لم يعرض عليه حتى الآن”.

الدكتور محمود حمودة، كان له بصمة واضحة في تعريب هذه المناهج منذ الثمانينيات.

كان أول من نادى بتعريب المناهج في مصر، الدكتور محمد شعلان مؤسس قسم الطب النفسي بكلية طب الأزهر، لتعريب مجال الطب النفسي في السبعينيات.

كانت الرسائل العلمية في القسم تكتب باللغة العربية لفترة طويلة، مع ملخصات وافية باللغة الإنجليزية.

وبعد ذلك، تحولت الرسائل إلى الإنجليزية في السنوات الأخيرة، تماشيا مع المعايير الأكاديمية في الجامعات المصرية.

تعريب المناهج الطبية في الأزهر: ما الخطوات نحو تطبيق ذلك؟

تسعى جامعة الأزهر إلى تعزيز دور اللغة العربية في التعليم العالي من خلال خطوات مدروسة ومتكاملة، تتضمن:

1. تشكيل لجنة علمية متخصصة

بادرت الجامعة إلى تشكيل لجنة متخصصة لدراسة جميع الأبعاد الأكاديمية والتقنية المرتبطة بتعريب المناهج الطبية.

وتهدف هذه اللجنة إلى ضمان أن يجرى تنفيذ المشروع بما يتماشى مع أعلى معايير التعليم الطبي العالمي، مع الحفاظ على جودة المحتوى الأكاديمي.

2. فتح كليات جديدة في المناطق النائية

وفي إطار جهودها لتوسيع نطاق التعليم العالي، افتتحت الجامعة، بدعم من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، عددًا من الكليات الجديدة في المناطق النائية، خصوصًا في محافظات الصعيد.

ويهدف هذا التوسع إلى توفير فرص تعليم متساوية لجميع الطلاب، مع التركيز على تحقيق التكامل بين التعليم المحلي والمعايير الأكاديمية العالمية.

3. التركيز على الجودة الأكاديمية

وحصلت كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات في سوهاج على شهادة الاعتماد من هيئة ضمان الجودة.

وهذا الإنجاز يعكس التزام الجامعة بتطوير التعليم وضمان استيفائه لمتطلبات الجودة الشاملة، وهو ما يعزز قدرة الجامعة على تطبيق مشروعات مثل تعريب المناهج دون الإخلال بالمستوى التعليمي.

ما التحديات التي تواجه تعريب المناهج الطبية في الأزهر؟

رغم الأهداف الطموحة لجامعة الأزهر في مشروع تعريب المناهج، إلا أن هناك عددًا من التحديات التي تواجه هذه الخطوة، ومنها:

1. الحفاظ على جودة التعليم الطبي

أحد أبرز التحديات التي تواجه الجامعة هو ضمان أن تعريب المناهج لا يؤدي إلى تراجع مستوى التعليم الطبي.

لذلك، أكدت الجامعة أن المشروع سيخضع لدراسة دقيقة لضمان تحقيق التوازن بين استخدام اللغة العربية وتوفير محتوى علمي متقدم يتماشى مع التطورات الحديثة في المجال الطبي.

2. مواجهة التغريب اللغوي

وأشار الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر إلى ضرورة تقويم اللغة العربية لدى الطلاب منذ الصغر، لمواجهة ظاهرة التغريب اللغوي.

وشدد على أهمية تضمين النصوص الأدبية وآيات القرآن الكريم في المناهج الدراسية لتعزيز مكانة اللغة العربية، بما يمكّن الطلاب من استخدامها بشكل فعال في المجالات العلمية.

لا تفوّت قراءة: صفقة الأسرى بين حماس وإسرائيل: من هم القادة المفرج عنهم ولماذا تحفظت إسرائيل على آخرين؟

تعريب العلوم الطبية في الأزهر: جدل على السوشيال ميديا

على منصات التواصل الاجتماعي، انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، إذا يرى مؤيدون أنها استعادة لتاريخ العرب ودورهم في العلوم الطبية.

بينما يعترض آخرون على ذلك، مبررين أن العلوم الطبية والهندسة على مستوى العالم يجرى دراستها باللغة الإنجليزية ولغات أخرى، تماشيا مع سوق العمل.

كما أكدوا على أن هذه الخطوة ستكون بمثابة فصل الطبيب المصري عن علوم وأبحاث الطب في العالم الحديث.

لا تفوّت قراءة: لولا مصر ما تحققت الهدنة: كيف ساهمت القاهرة في وقف إطلاق النار في غزة؟

تعليقات
Loading...