أهرامات السودان .. رحلة استكشاف جرت لها الخراب وأصبحت بلا رؤوس

تحتضن صحراء السودان أضخم تجمع للأهرامات بمنطقة جغرافية واحدة في العالم، ما لا يقل عن 220 هرم يقف شامخًا على عُمق حضارة كوش.

فامتداد النوبة جنوبًا من أسوان بمصر إلى الخرطوم بالسودان، قد أدت إلى ظهور واحدة من أقدم الحضارات في إفريقيا، التي غزا ملوكها مصر عام 747 قبل الميلاد، وحكموا المنطقة الشاسعة لما يقرب من قرن من الزمان.

حكاية أول هرم

مثل المصريين القدامى، شرع حكام النوبة المتأثرين بهم في تصميم وبناء أهراماتهم الخاصة كمواقعٍ للدفن، والتي كان يستغرق بناؤها أكثر من عام، وبالفعل بني الهرم الأول عند حوالي عام 700 قبل الميلاد في مدينة الكرو لتكون مقبرةً لخليفة ألارا، كاشتا، وابنه، بيا.

ومن بعدها أصبحت الأهرامات مدافن ملكية لأعظم الملكات بالسودان، وعلى رأسهن الملكتان أماني شخيتي وأماني تيري، وتضمنت أيضَا أعظم حكام مملكة كوش مثل خامس ملوك الأسرة الخامسة والعشرين، الملقب بـ(سيد الأرضين)، لتصبح الأهرامات ضاربة في جذور التاريخ بين حضارات العالم القديم، ولن هل تمر الأمور مرور الكرام؟

لم تكتمل فرحة الأهرامات

لم تكتمل فرحة الأهرامات فمنذ 200 عام قدم صائد الكنوز الإيطالي جوسيبي فرليني للسودان مع طلائع الغزو التركي المصري في عام 1821، بصفته طبيبًا عسكريًا ومستكشف آثار، ولكن لم تكن نيته ولا هدفه الطب أو الاكتشاف ولكن الذهب والكنز.

وأثناء بحثه عن الكنز حطم عشرات الأهرامات بمنطقة البجراوية الأثرية الشهيرة، وهدم أي شيء يقف في طريقه حتى لو كان أثرًا تاريخيًا.

فبعد عمليات بحث وهدم العديد من الأهرامات الأثرية، عثر أخيرًا على مبتغاه بأحد الأهرامات الشمالية بالمدينة الملكية في البجراوية بالتحديد في مدفن الملكة السودانية أماني شخيتي، فتناثرت من حوله القطع الأثرية والكنوز والنفائس والزجاج والأحجار الكريمة التي كانت على شكل سلاسل وتعاويذ ونقوش وزخارف.

وما عثر عليه جر الخراب على الآثار هناك، إذ اعتقد الرجل أن بقية المدافن ستضم أيضًا كنوزًا فقام بتدمير عدد كبير من قمم الأهرامات مستخدمًا أصابع الديناميت، فأصبحت أهرامات بلا رؤوس حيث امتدت عملياته التخريبية لأكثر من 40 هرمًا وفر بعدها اللص هاربًا.

لم تكن هذه الحادثة الوحيدة التي قصمت ظهرور الأهرامات فظلت تعاني من الإهمال وزحف الرمال، ووقوعها في مناطق في الصحراء السودانية، بعيدة عن الفنادق والمطاعم والمرافق الحديثة الأخرى، مما حد من عدد الزائرين الذين يخوضون الرحلة لرؤيتها على عكس مثلًا أهرامات الجيزة.

كما أدت الحروب الأهلية، التي ابتلي بها السودان في السنوات الأخيرة، إلى إبعاد العديد من السياح عن اكتشاف سحرها، بالإضافة للرياح والرمال التي تسببت في تآكل الأهرامات النوبية، ولا تزال هذه العناصر الطبيعية تشكل تهديدًا إلى اليوم، إلى جانب ارتفاع منسوب مياه الفيضانات من نهر النيل.

قبل الحرب في السودان كانت قد اتخذت السلطات هناك إجراءات من شأنها الترويج للسياحة بالمنطقة، باعتبارها رافدًا مهمًا للاقتصاد بعد عقود من العزلة والتضخم المفرط، ولكن ألقت الحرب ظلالها وخرابها ولا تعلم متى وأين ستنتهي.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: بسبب التنميط.. حصر النجوم في أدوار معينة يهدد مستقبلهم المهني

تعليقات
Loading...