في عالم الموسيقى الكلاسيكية، حيث تمتزج الروح بالفن، برزت أسماء مصريات أصبحن رموزًا عالمية في سماء الأوبرا، نجمات رفعن اسم مصر عاليًا.
أصوات حملت ملامح مصر إلى أعظم المسارح الأوروبية، مثبتات أن الفن المصري قادر على تجاوز الحدود الثقافية وإعادة تعريف الحضور العربي في الأوبرا العالمية
فاطمة سعيد، فرح الديباني، وأميرة سليم، فاطمة سعيد، وغيرهم أصوات خرجت من قلب مصر إلى أهم المسارح الأوروبية، لترسم حضورًا فنيًا يليق بتاريخ مصر وثقافتها المتجذرة.
لا تفوّت قراءة: فساتين السيدة انتصار السيسي.. أناقة ملكية بأيادٍ مصرية في جميع المناسبات
نبيلة عريان.. صوت الريادة وبداية الأوبرا المصرية

كانت نبيلة عريان أول مصرية تؤدي “لا ترافياتا” في دار الأوبرا المصرية عام 1964 قبل احتراقها عام 1971، كما كانت أصغر سوبرانو تجسّد شخصية فيوليتا، وقدمتها بلغة عربية نالت الإعجاب لصعوبة نطقها الغنائي.
واصلت الأداء طوال شهر كامل في ذلك العام، وقدّمت العرض كل موسم على مدى عشرين عامًا متواصلة، بعد احتراق الأوبرا القديمة بسبعة عشر عامًا، أحيت عروضًا في قاعة إيوارت بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.

استمرت عروضها حتى افتتاح دار الأوبرا الحالية عام 1988، لتصبح رمزًا لاستمرارية الفن الأوبرالي المصري، درست نبيلة عريان الدكتوراه في جامعة ميريلاند، وكتبت رسالتها عن الموسيقى القبطية في مصر.
بدأت مسيرتها الأوبرالية عام 1960، وقدّمت جولات دولية في عروض أوبرالية متعددة، كرّمها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في عيد العلم عام 1964 بعد أشهر من أدائها في “لا ترافياتا”.
بهذا الإنجاز، أرست نبيلة عريان مكانتها بين نجمات الأوبرا المصرية العالمية اللواتي حملن صوت مصر إلى المسارح الدولية
لا تفوت قراءة: من شريهان إلى فريدة عثمان.. نجوم الفن والرياضة يلتقيان في المتحف المصري الكبير
رتيبة الحفني.. رائدة الأوبرا وسيدة الموسيقى العربية

ولدت رتيبة الحفني في 2 ديسمبر 1931 بالقاهرة وسط أسرة موسيقية عريقة، كان والدها محمود أحمد الحفني أول من أدخل الموسيقى إلى المدارس المصرية، وله أكثر من 45 كتابًا في الموسيقى.
جَدّتها كانت مغنية أوبرا في ألمانيا، ما ورّثها عشق الغناء منذ الصغر، بدأت عزف البيانو في الخامسة من عمرها، ونمت موهبتها خلال مراحل تعليمها الأولى.
درست الموسيقى في برلين وميونيخ، ونالت الدكتوراه ودبلوم الغناء الأوبرالي العالي عام 1955.
عادت إلى القاهرة، وشاركت في المقاومة الشعبية إبان العدوان الثلاثي عام 1956، قدّمت عام 1961 أوبريت “الأرملة الطروب”، أول عمل أوبرالي مترجم إلى العربية.

أدت دور البطولة في “أوبرا عايدة” لفيردي بباريس، وقدمت نحو 500 عرض أوبرالي حول العالم.
عام 1988 أصبحت أول امرأة تتولى رئاسة دار الأوبرا المصرية حتى عام 1990، ثم مستشارًا فنيًا لها.
ترأست المجمع العربي للموسيقى بجامعة الدول العربية، وأسست مهرجان الموسيقى العربية عام 1992.
رحلت عن عالمنا في 16 سبتمبر 2013 بعد رحلة عطاء استثنائية، وبرز اسمها كواحدة من أهم نجمات الأوبرا المصرية العالمية.
لا تفوت قراءة: من مرمر حليم إلى مي جلال وإيلي صعب.. من وراء تصميم فساتين حفل افتتاح المتحف المصري الكبير؟
شيرين أحمد.. الحلم المصري على مسارح برودواي
برز اسم شيرين أحمد طارق كأول مصرية أمريكية تؤدي دور إليزا دوليتل في “My Fair Lady” على مسرح برودواي.
نال أداؤها إشادة واسعة، وأصبحت أول امرأة مصرية تصل إلى هذا الإنجاز التاريخي في المسرح الأمريكي.
حصدت ترشيحًا من دائرة نقاد المسرح في لوس أنجلوس لجائزة التميز المسرحي، دعيت للأداء في البيت الأبيض بدعوة من الرئيس الأمريكي جو بايدن احتفالًا بالذكرى الثمانين ليوم النصر.
اختيرت ضمن قائمة “40 تحت 40” لأكثر العرب الأمريكيين تأثيرًا من قبل مؤسسة “Arab America”.
تشغل منصب سفيرة عالمية لمنظمة “التعليم من أجل التوظيف”، الداعمة لتدريب الشباب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
في واحدة من أكثر اللحظات الفنية المهيبة، أبهرت المصرية شيرين أحمد طارق الحضور خلال حفل افتتاح المتحف المصري الكبير.

لا تفوت قراءة: فستان زهرة اللوتس يسرق الأضواء.. منى الشاذلي تبهِر الحضور في ليلة المتحف المصري الكبير
فاطمة سعيد.. من العالمية إلى افتتاح المتحف المصري الكبير
وُلدت السوبرانو فاطمة سعيد في القاهرة، وسرعان ما بدأت رحلتها الاستثنائية من مصر إلى أرقى دور الأوبرا العالمية.
كانت أول مصرية تدرس في أكاديمية تياترو ألا سكالا في ميلانو، حيث لفتت الأنظار بسرعة بفضل صوتها المضيء وأدائها الآسر.
اليوم، تُعد من أبرز سوبرانو جيلها، إذ تجمع بين التميز في الأوبرا الكلاسيكية، والغناء الكنسي، وفن الأغنية الألمانية (Lied).
أشادت محطة SWR Kultur بقدرتها الفريدة على “إحياء هذا الفن في عصرنا الحاضر بقلب وإحساس وموسيقية عالية”.
ومن إصداراتها لعام 2025، أوبرا “ديدو وأينيس” لبورسل إلى جانب المغنية جوي دي دوناتو، ومشروع “Mozart & Mevlana” الذي جمع بين قداس موزارت وعمل جديد لفاضل صاي.

كما تحيي حفلات مع فاضل صاي في قاعتي كونزرتهاوس برلين ودورتموند، شملت مشاركاتها السابقة عروضًا مع برلينر فيلهارمونيكر، وأوركسترا بوسطن وكليفلاند.

بعيدًا عن المسرح، كرّست فاطمة جزءًا من نشاطها لقضايا إنسانية، ومثلت مصر في الأمم المتحدة بجنيف.
وشاركت في Global Citizen Live مع إلتون جون وإد شيران، حصلت على جائزة الثقافة الأوروبية وجائزة رفيق الحريري للتميّز الفني.
وفي ليلة رمزية، أبهرت فاطمة سعيد العالم في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، بصوتٍ حمل الفخر والهوية المصرية.
لا تفوت قراءة: من الأقدم على وجه الأرض إلى “الأسود الذهبي”.. فستان السيدة انتصار السيسي ينير افتتاح المتحف المصري الكبير
فرح الديباني.. صوت مصري أبهر رؤساء العالم
ولدت فرح الديباني عام 1989 في الإسكندرية، وهي من أبرز الأصوات النسائية في الأوبرا العالمية، بدأت دراسة البيانو في سن العاشرة قبل أن تتجه إلى الغناء.
تلقت تعليمها في مصر، ثم واصلت دراستها في أكاديمية هانس آيسلر للموسيقى في برلين، وحصلت على بكالوريوس وماجستير في الغناء الأوبرالي.
قدّمت أعمالًا كلاسيكية بارزة مثل “Stabat Mater” لبيرغوليزي و”Requiem” لموزارت، وشاركت في تسجيل العمل المصري “كتاب الموتى” لشريف محيي الدين، الذي أُدي باللغة الهيروغليفية.
أداؤها لدور “كارمن” في برلين منحها جائزة مجلة Opernwelt لأفضل موهبة أوبرالية صاعدة، حصلت على جائزة “Prix Lyrique de l’AROP” ووسام “فارس الفنون والآداب” من فرنسا.
تعد أول عربية تفوز بجائزة “أفضل مغنية أوبرا شابة” من أوبرا باريس، وذاع صيتها عالميًا بعد مشاركتها الوفد الفرنسي برئاسة إيمانويل ماكرون خلال زيارته لمصر.

سبق أن غنّت النشيد الوطني الفرنسي أمام ماكرون وزوجته عقب فوزه بالانتخابات، وفي نهائي كأس العالم 2022 في قطر، أدّت النشيد ذاته.
كرمها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال منتدى شباب العالم، كما منحتها السفارة الفرنسية بالقاهرة وسام الفنون والآداب.

لا تفوّت قراءة: من هي شيرين أحمد طارق؟.. الصوت المصري الذي أبهر العالم في المتحف الكبير
أميرة سليم.. الصوت الذي أعاد صدى التاريخ
تعد السوبرانو أميرة سليم من أكثر الأصوات المصرية تأثيرًا على الساحة الأوبرالية الدولية، ولدت في بيت يتنفس الفن.
فهي ابنة عازفة البيانو مارسل متى والفنان التشكيلي أحمد فؤاد سليم، بدأت دراسة البيانو والباليه في سن السادسة، ثم درست الغناء الإيطالي في إيطاليا.
تخرّجت من كونسرفتوار القاهرة، ثم حصلت على دبلومة متقدمة في أداء الحفلات من باريس، فازت بالمركز الأول في المسابقة الدولية في أورفيتو بإيطاليا.
على الساحة الأوروبية، أدّت أدوارًا رئيسية في إيطاليا (مسرح مانشينيلي في أورفيتو) وأدوارًا في فرنسا، مثل دور “Lakmé” في أوبرا رين.
غنت في عشر عروض من “Carmina Burana” في Palais des Congrès في باريس، وأدت دور “Ophélie” في “هاملت”
خلال موكب المومياوات الملكية، أبهرت أميرة العالم بأدائها لأغنية باللغة المصرية القديمة في أنشودة إيزيس، لتعيد صدى التاريخ.
رغم أن لغات أغانيها قد لا تفهم من الجميع، فإنها تلامس الأرواح وتستحضر الحنين إلى الماضي العظيم.

تواصل أميرة سليم استكشاف آفاق دون أن تقتصر على نوع موسيقي واحد، وفي أغنيتها”بنحب المصرية”، كرّمت المرأة المصرية.
الأغنية تعد أول تجربة باللهجة العامية لمغنية أوبرا مصرية، وتحمل رسالة تأكيد قدرة مغني الأوبرا على التواصل مع جميع الفئات.


