أين يختبئ ماهر الأسد “الرجل الثاني في سوريا”؟: من قائد في الظل إلى شبح مطارد دوليا

ماهر الأسد، الرجل الثاني في سوريا، صاحب النفوذ الأكبر والسيرة الأكثر دموية في سوريا.

قيل عنه إنه “ظل بشار الأسد”، و”الرجل الخفي” الذي أدار عمليات القمع والاعتقال بقبضة حديدية.

ارتبط اسم ماهر الأسد بمفردات مثل القتل والإجرام والتعذيب، مما جعله أحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل في تاريخ البلاد الحديث.

منذ سقوط نظام بشار الأسد، تصدر ماهر الأسد قائمة المطلوبين، وأصبح أشبه بالشبح الذي تبحث عنه العيون ولا تراه.

كثرت التكهنات حول مصيره، بينما بقيت الإجابات شحيحة، تاركًا خلفه قصورًا وشبكة أنفاق صممت خصيصًا لتكون ممرات الهرب في لحظات الخطر.

لم يكن ماهر الأسد مجرد قائد عسكري، بل كان الحارس الشخصي لعائلة الأسد، والعقل المدبر الذي يُقال إنه كان يدير المشهد من وراء الكواليس.

أدار بيد من حديد الفرقة الرابعة في الجيش السوري، وترك بصمة لا تُمحى في تاريخ سوريا الحديث بقراراته المثيرة للجدل.

فيما تسعى العدالة الدولية لملاحقته، وتنتشر الشائعات حول مكان وجوده، يظل الغموض سيد الموقف.

هل ماهر الأسد ما يزال مختبئا في الظل؟ أم أنه يستعد للظهور في مشهد جديد؟

هذا الرجل الذي ظل لعقود محصنًا بنفوذه وشبكته الأمنية، أصبح اليوم الشبح المطارد.

لكن ماذا نعرف حقًا عن مسيرته.. من هو ماهر الأسد؟ وكيف تحول من رجل النظام القوي إلى المطلوب الأول للشعب السوري؟

لا تفوت قراءة: كواليس مثيرة تذاع لأول مرة: كيف هرب بشار الأسد من سوريا في 8 ديسمبر؟

عائلة الأسد في الطفولة

من هو ماهر الأسد: يُلقب بـ”صانع الموت في سوريا”

وُلد ماهر حافظ الأسد في دمشق عام 1967، في قلب عائلة الأسد التي حكمت سوريا لعقود، لكن ظهوره العلني لم يكن ملحوظًا حتى أواخر التسعينيات.

في عام 1999، أشارت تقارير إلى خلافات بين ماهر وصهره آصف شوكت، مما أسفر عن إصابة شوكت برصاصة من ماهر، وجرى نقله للمستشفى.

بعد حادث وفاة شقيقه باسل الأسد في 1994، كان الكثيرون يتوقعون أن يخلف ماهر والده حافظ الأسد في الحكم، لكن شخصيته المتقلبة جعلت بشار هو الخيار الأول.

مع ذلك، واصل ماهر تعزيز مكانته في النظام السوري، ففي يونيو 2000، جرى انتخابه عضوًا في اللجنة المركزية لحزب البعث.

وبعد وفاة حافظ الأسد في نفس العام، صعد ماهر بسرعة في الرتب العسكرية، من رائد إلى عقيد، ليصبح قائدًا للحرس الجمهوري ويكتسب نفوذًا كبيرًا.

مع تعاظم سلطته، بدأت رحلة ماهر الأسد التي وصفها السوريون بأنها “أرعبت” البلاد، فماذا تضمنت هذه الرحلة المظلمة؟

ماهر الأسد: أسطورة التعذيب في سجن صيدنايا

ماهر الأسد، الذي ارتبط اسمه بالعديد من الأحداث الدموية في سوريا، تواصل صورته كأحد أقطاب التعذيب والقمع في البلاد.

في عام 2005، ورد اسمه في تقرير ميليس الذي حقق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ما جعل اسمه يحضر في سياقات مشبوهة دوليًا.

وفي عام 2008، ظهر اسم ماهر الأسد مجددًا خلال قمع اضطرابات سجن صيدنايا، حيث سيطر السجناء على الوضع واحتجزوا 1250 جنديًا رهائن.

وأسفرت الحملة عن مقتل 25 سجينًا من بين 10 آلاف معتقل، إضافة إلى 30 من الجنود الرهائن.

ومع بداية المظاهرات السورية عام 2011، تولى ماهر الأسد دورًا محوريًا في قمع الاحتجاجات.

نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز مقاطع فيديو يُعتقد أنها تظهره وهو يطلق النار على متظاهرين عُزل في حي برزة بدمشق.

كما قاد ماهر الأسد حملات اعتقال عشوائية عنيفة، حيث قوبل عشرات الآلاف من السوريين بعنف “الفرقة الرابعة” التي كانت تحت قيادته، في دمشق وريفها.

هذه الأحداث تجعل من ماهر الأسد أسطورة من التعذيب والقمع، إذ سطر اسمه في تاريخ سوريا كأحد أكثر الشخصيات إجرامًا، حيث ارتبط بترويع المواطنين وقمع أي صوت معارض.

ماهر الأسد: جزار درعا

وصفت وسائل الإعلام ماهر الأسد بـ”جزار درعا” بسبب دوره البارز في قمع الاحتجاجات الوحشية التي اندلعت في المدينة عام 2011، والتي خلفت العديد من الضحايا.

وفي رد فعل دولي على تصرفاته، أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أبريل 2011 أمرًا تنفيذيًا بتجميد ممتلكات ماهر الأسد في الولايات المتحدة، في خطوة لفرض المزيد من الضغط على نظام الأسد.

كما توصلت تحقيقات “وحدة جرائم الحرب الألمانية” إلى أن ماهر الأسد كان المسؤول عن الهجوم الكيميائي في غوطة دمشق عام 2013، الذي استخدم فيه غاز السارين، وهو من الأسلحة المحرمة دوليًا.

وبحسب التقارير، كان الهجوم بتفويض من شقيقه بشار الأسد وأسفر عن مقتل ما يقرب من 1200 شخص، في واحدة من أكثر الحوادث دموية في الحرب السورية.

لا تفوت قراءة: بعد هروب بشار الأسد من سوريا: موجة شائعات تغزو منصات السوشيال في دمشق

رحلة تجارة مخدر الكبتاجون في سوريا

بدأت رحلة تجارة مخدر الكبتاجون في سوريا عام 1961، حيث استُخدم في البداية كعلاج للتعب، خاصة للجنود البقاء مستيقظين.

إلا أن ظهور أعراض خطيرة للكبتاجون دفع إلى تصنيفه كمخدر خطر، وجرى توقيف إنتاجه من قبل الشركات عام 1986.

في السنوات الأخيرة، وقبل أشهر من سقوط نظام بشار الأسد في 2024، كشف برنامج “المتحري” على منصة الجزيرة عن تورط عائلة الأسد في تصنيع وتجارة الكبتاجون.

وقد أشار التحقيق الاستقصائي إلى دور عائلة الأسد في تسهيل هذا النشاط غير المشروع في سوريا.

في أبريل 2023، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أفراد وشركات مرتبطة بماهر الأسد بسبب تورطهم في جرائم حرب وتعذيب وتجارة مخدرات غير مشروعة.

أوضح الاتحاد الأوروبي أن نظام الأسد كان “الفاعل الرئيسي” في تسهيل تهريب الكبتاجون إلى الموانئ الأوروبية، مما ساهم في انتشاره بالمنطقة.

شبح ماهر الأسد: أين هو الأن؟

شبح ماهر الأسد يثير التساؤلات حول مكانه الحالي، حيث كشف مدير المرصد السوري تفاصيل هروبه وكيفية انتقاله.

أفاد رامي عبد الرحمن بوجود أنباء عن وجود ماهر الأسد في روسيا بعد نقله من العراق بواسطة طائرة مروحية.

لكن وزارة الداخلية العراقية نفت تمامًا هذه الأنباء، مؤكدة أنه لا يوجد أي دليل على وجوده داخل الأراضي العراقية.

أما عن عائلته، فقد دخلت زوجته ونجله لبنان، وغادرا عبر المطار بشكل شرعي، حسبما أكد وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي.

وأشار وزير الداخلية اللبناني إلى أن أي شخصية غير مطلوبة يمكنها دخول لبنان والمغادرة بشكل قانوني.

ورغم هذه المعطيات، يبقى مصير ماهر الأسد مجهولًا، ويظل اسمه يطارد الأذهان كما في مسيرته المظلمة.

لا تفوت قراءة: ماذا يريد أردوغان بعد سقوط الأسد؟ خطط أنقرة للتوغل في سوريا

تعليقات
Loading...