لا تعود الحياة بعدها كما كانت: لحظات فاصلة في حياة أصحابها
“في حياة كل إنسان لحظة لا تعود الحياة بعدها كما كانت قبلها” هي لحظة، ثواني معدودة أو أكثر.. شعرة بين إحساسين متناقضين كليًا، لحظة تغير مجرى حياتك، ربما تقلبها رأسًا على عقب وربما تتسبب في أن تعيد ترتيب أولوياتك بعدها، وربما تغير نظرتك في قيمة ومكانة ومعنى الحياة بأكملها، وربما تعيد لك الأمل من جديد بعد سلبه، ربما وربما ولكن الأكيد أنك لن تعود بعدها كما كنت.
ولإن هناك لحظات فاصلة في حياتنا لم يكونوا كأي لحظات مرت علينا من قبل، جمعنا لكم بعضًا منها …على لسان أشخاص من وطننا العربي عاشوها ولم تمر عليهم أبدًا كمرور الكرام.
عندما يتحول كل شيء حولك لمجرد ركام
“لحظة وقوع الزلزال هي لحظة بين تبدل الإحساس من الأمان لعدم الإحساس بالأمان، من ثواني معدودة كنت تحت سقف بيتك تفعل ما اعتدت عليه يوميًا، غير مكترث لأي لحظة قادمة، تحسب أن ما تفعله مع أسرتك أو حتى بمجرد مشاهدة التلفاز هو أمر روتيني ممل ومتكرر، ولكن بعد وقوع تلك اللحظة تكتشف أن حتى الأشياء التي أعتدت عليها كانت رزق ونعمة ” تلك الكلمات وصفت لنا بها عبير من المغرب لحظة وقوع الزلزال، الذي ضرب البلاد من أسابيع قليلة بعد أن وجدت نفسها بلا بيت أو مأوى بسبب لحظة غضب من الطبيعة، ذكرياتها في ثواني معدودة أصبحت ركام وفتات.
لحظة إدراك بأنك أصبحت في “حياة الكبار”
أدركت إنني نضجت عندما احترفت فنون الصمت
لم يقصد عاصم النضج بمعنى زيادة في عدد سنوات العمر بل النضج في التعامل مع المواقف، فيقول ” لحظة النضج كانت عندما أدركت أنني دخلت وبدون سابق إنذار لما يسمونها بـ”حياة الكبار”، هي ليست لحظة بالتحديد ولكنها لحظات متتالية كانت سببها في وصولي إلى لحظة إدراك، أصبحت أكثر هدوءًا في التعامل مع الأشياء التي تحدث من حولي، أصبحت أجيد فن الصمت، تغيرت معايير سعادتي فجأة بعد أن قابلت مخاوفي في الحياة، وبعد أن أسلمت أن كل شيء ليس بالضرورة يكون على ما يرام” تلك اللحظات جمعها عاصم ووصلت به للحظة الإدراك أنه نضج وفجأة.
لحظة مجيء هدية من السماء
” لمدة 15 عام ذهبت فيهم لعشرات الدكاترة واتجهت لعمل أطفال أنابيب ورغم ذلك لم يحدث حمل أو بمعنى أصح “لم يأتي النصيب بعد”، وبعد ما يأست وبعد ما نصحني الكثير من الدكاترة أن انسى الموضوع نهائيًا لأن من وجهة نظر الطب “مفيش أمل”، تقبلت الأمر الواقع ومضيت في حياتي، وفي يوم أتذكر كل تفاصيله شعرت ببعض التعب بسبب تأخر الدورة الشهرية، وظننت أن سن اليأس قد حان وتلك علاماته..فذهبت لطبيب النساء والتوليد الذي أعتدت الذهاب لديه لسنوات طويلة أثناء محاولاتي المستمرة للإنجاب”
“وقتها طلب أن يكشف بالسونار ليرى إذا ماكانت أي مشاكل .. وفي تلك اللحظة أصيب الطبيب بالذهول ووجدته يقول لي بدون سابق إنذار “اسمعي كده” لم استوعب لحظتها ماذا حدث وبعد ثواني معدودة قال لي “ده نبض الجنين.. مبروك” لحظة سماع نبض الجنين ذلك الذي لم اختبره قط، أصابني بحالة من الذهول وبكيت من هول اللحظة لدرجة أن الطبيب قال لي “أنتي علمتيني ماقولش لأي واحدة تاني إنها مش هتخلف”” كانت تلك لحظة أمل ورحمة وسعادة عاشتها هناء عندما حصلت على هدية من السماء.
لحظة غيرت نظرتك في كل شيء
“لحظة واحدة كفيلة بأن تغير نظرتك بكل شيء” هذا ما عاشته روان الفتاة الفلسطينية التي احتفلت بمولودتها منذ شهرين وكتبت وقتها احتفالًا بها”أعدك بإنكي لن تندمي على قدومك لهذة الدنيا” وبعد شهرين اندلعت أحداث غزة من خراب ودمار واستهداف للمدنيين وللمستشفيات، ظهرت روان مرة أخرى وقت قصف بيتها في قطاع غزة وكتبت بلهجتها الفلسطينية عن اللحظة التي غيرت في أعينها معنى الحياة ” تكسر البيت فوق روسنا ما عرفت كيف شلت بنتي جوا حضني وصرت تحت البيت بغمضة عين، شلتها ومشيت فيها تحت الضرب ماشية ومش شايفة قدامي غير إني بدي ألزق فيها، أشم ريحتها لآخر نفس وأحك وشي بوشها، وأنا كل شيء جواتي بيقول ياريتك ما إجيتي على هالدنيا .. ”
لحظة ذوبان الجليد
“دائمًا ما كانت تربطنا علاقة أنا ووالدي غريبة، كانت جافة بعض الشيء، أتذكر في المرحلة الإبتدائية عندما كنت انتهي من يومي الدراسة، كنت أنتظره على باب المدرسة كثيرًا، وفي المقابل أشاهد أهالي أصدقائي وهم يستقبلونهم بالأحضان، أما أنا عند وصول والدي، لم يكن حتى يلتفت لي أو ينظر إلى عيني، كان يكتفي بمسك يدي ليس إلا لتعدية الطريق..”
ويستكمل” تمر السنين ونحن على هذا الحال من البرود وكإن بيننا جبل من الجليد، حتى وصلت للجامعة ويوم حفلة تخرجي ولأول مرة أسمع منه كلمة تحسسني معنى الأبوة الحقيقية “أنا فخور بيك يا علي” لم أكن أتخيل إنني سأسمعها” .. علي لم يكن يعلم لماذا قال والده تلك الكلمة ولماذا اختار هذا الوقت، ولكن ومن تلك اللحظة التي سمع فيها الكلمة قد تبدل كل شيء… وذاب الجليد بين أب وابنه.