في سباق دولي نحو قيادة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، يبرز اسم الدكتور خالد العناني كمرشّح يجمع بين الخبرة والرؤية.
يتميّز العناني بمسيرة أكاديمية ثرية امتدت لسنوات من البحث والتعليم في مجال الآثار والتراث المصري.
كما شغل مناصب تنفيذية رفيعة مكّنته من المزج بين الفكر العلمي والإدارة الثقافية الحديثة.
وبفضل إنجازاته في حماية التراث وإحياء الهوية الثقافية المصرية، بات مرشّحًا عربيًا يحظى بتقدير عالمي.
إن ترشّح خالد العناني لا يمثل مصر وحدها، بل يجسّد طموح المنطقة العربية في قيادة حوار الثقافات عبر منصة اليونسكو.
لا تفوّت قراءة: ما حقيقة الأسعار المتداولة للحج السياحي 1447هـ/ 2026 في مصر؟ وزارة السياحة توضح
من رُوضة النيل إلى العالمية.. كيف بدأت حكاية خالد العناني مع التراث؟

وُلد الدكتور خالد أحمد العناني عز عام 1971 في حيّ الروضة العريق بقلب القاهرة، وسط أسرة مصرية متوسطة الجذور.
كان والده مهندسًا ميكانيكيًا من دلتا النيل، ووالدته معلمة للأدب الفرنسي، فجمع بين دقّة العلم ورقّة الثقافة.
بين أزقة الحي القديم تشكّلت شخصيته المتفتحة، وتعمّق شغفه بالتراث والقصص التاريخية التي كانت تملأ ذاكرته منذ الصغر.
ورغم رغبة والده في أن يصبح مهندسًا، اختار العناني طريقه الخاص، مدفوعًا بحبّ التاريخ والسياحة الثقافية.
التحق بكلية السياحة والفنادق في جامعة حلوان، حيث بدأ مسيرته الأكاديمية والعملية بخطوات واثقة نحو عالم الآثار.
وبشغفه باللغات، عمل مرشدًا سياحيًا يتقن الفرنسية، يروي للزوار من مختلف الدول قصص الحضارة المصرية في المعابد والمتاحف.
لا تفوّت قراءة: قطر تقتنص 5000 فدان بالساحل الشمالي.. مشروع سياحي عملاق على شاطئ مصر الذهبي بـ4 مليارات دولار
البدايات والتكوين العلمي للدكتور خالد العناني
- 1971: وُلد الدكتور خالد أحمد العناني علي عز.
- 1992: حصل على بكالوريوس الإرشاد السياحي (القسم الفرنسي) من كلية السياحة والفنادق، جامعة حلوان، وبدأ مسيرته المهنية كمرشد سياحي.
- 1996: نال درجة الماجستير في علم المصريات حول معابد النوبة من الجامعة نفسها.
- 1998: حصل على دبلوم الدراسات العليا (DEA) في علم المصريات من جامعة بول فاليري – مونبلييه 3 في فرنسا.
- 2001: نال درجة الدكتوراه في علم المصريات من الجامعة ذاتها، جامعة بول فاليري – مونبلييه 3.

كيف جمع خالد العناني بين الأكاديمية والقيادة الثقافية؟
شغل الدكتور خالد العناني سابقًا منصب وزير السياحة والآثار في مصر، ويعمل حاليًا أستاذًا لعلم المصريات بجامعة حلوان منذ أكثر من ثلاثين عامًا.
يركّز في تدريسه على حضارة مصر القديمة وآثارها ونقوشها، مقدّمًا خبرته في جامعات مصرية ودولية مرموقة.
كما أسهم في تأهيل آلاف الطلاب والباحثين من مصر وخارجها، عبر إشرافه الأكاديمي وخبراته المتنوعة في مجالات التراث والسياحة الثقافية.
ومن خلال مشاركاته العلمية ومحاضراته في أكثر من عشرين دولة، دعم النقاش الأكاديمي العالمي وشجّع الحوار بين الثقافات.
إلى جانب ذلك، تعكس إجادته العربية والفرنسية والإنجليزية قدرته على التواصل الفعّال، وهو ما عزّز دوره في تعزيز التعاون الدولي الثقافي.
من المرشد السياحي إلى قاعات الجامعات.. كيف صاغ خالد العناني مسيرته الأكاديمية؟

بفضل تفوقه الأكاديمي، نال خالد العناني منحة للتدريس في جامعة حلوان، حيث بدأت ملامح مرحلة جديدة في حياته العلمية.
هناك التقى بزوجته، ووجد في بيئة الجامعة ما يعزّز شغفه بالتخصص الدقيق في علم المصريات ودراسة التراث الفرعوني.
نال درجة الماجستير من جامعة حلوان، ثم تابع دراسته العليا في فرنسا، ليحصل على الدكتوراه من جامعة مونبلييه العريقة.
وبعد عودته إلى القاهرة، بدأ مسيرته الأكاديمية المرموقة باحثًا في أبرز المؤسسات الثقافية.
كان انضمامه إلى المعهد الفرنسي للآثار الشرقية عام 2002 محطة فارقة، جمع فيها بين البحث الميداني والإدارة الأكاديمية المتخصصة.


المسيرة الأكاديمية والإدارية للدكتور خالد العناني
- 1993: عُيّن معيدًا بكلية السياحة والفنادق، جامعة حلوان.
- 2002 – 2016: عمل باحثًا مشاركًا وخبيرًا في علم المصريات وعضوًا في المجلسين الإداري والعلمي للمعهد الفرنسي للآثار الشرقية (IFAO).
- 2006- 2023: شغل منصب أستاذ زائر بجامعة بول فاليري – مونبلييه 3 ثماني مرات لمدة إجمالية بلغت 18 شهرًا.
- 2011: يشغل منصب أستاذ علم المصريات بكلية السياحة والفنادق، جامعة حلوان.
- 2011- 2012: أصبح رئيسًا لقسم الإرشاد السياحي في الكلية نفسها.
- 2012-2013: تولّى وكالة الكلية لشؤون التعليم والطلاب.
- 2010 – 2012: أدار مركز التعليم المفتوح بجامعة حلوان.
لا تفوّت قراءة: حولن الألم إلى أمل.. 6 سيدات ملهمات تركن بصمة وردية في قلوب محاربات سرطان الثدي
حارس الحضارة المصرية.. كيف أعاد خالد العناني للآثار بريقها العالمي؟

تولّى الدكتور خالد العناني وزارة الآثار عام 2016، ثم جمع بين حقيبتي السياحة والآثار حتى عام 2019، في مرحلة دقيقة من تاريخ مصر الثقافي.
واجه تحديات كبرى، أبرزها التراجع الاقتصادي وتداعيات جائحة كوفيد-19 على قطاع حيوي يشغّل ملايين المصريين.
ورغم الصعوبات، تمكّن من تحويل الأزمات إلى فرص، مقدّمًا نموذجًا في الإدارة الثقافية المرنة.
كان أبرز إنجازاته تنظيم موكب المومياوات الملكية في أبريل 2021، حين انتقلت 22 مومياء ملكية من المتحف المصري إلى متحف الحضارة بالفسطاط.
تحوّل الحدث إلى احتفال عالمي، أعاد لمصر مكانتها في المشهد الثقافي والإعلامي الدولي.
وفي نوفمبر من العام نفسه، أشرف على إعادة افتتاح طريق الكباش في الأقصر، الرابط بين معبدي الكرنك والأقصر، وسط احتفاء عالمي واسع.
بهذه الإنجازات، رسّخ العناني صورته كـ”حارس للحضارة المصرية” وسفيرٍ لقوتها الناعمة أمام العالم.
المناصب الوزارية والإنجازات الوطنية للدكتور خالد العناني

- 2016 – 2019: عُيّن وزيرًا للآثار في مصر.
- 2019: ترأس المؤتمر الدولي الثاني عشر لعلماء المصريات.
- 2019: أصبح وزيرًا للسياحة والآثار بعد دمج الوزارتين.
- 2021: أشرف على موكب المومياوات الملكية التاريخي الذي نقل 22 مومياء ملكية إلى متحف الحضارة بالفسطاط.
- 2021: نظّم احتفال إحياء طريق الكباش في الأقصر الذي تابعه الملايين حول العالم.



لا تفوّت قراءة: لماذا تعتبر الشهور الشتوية المنتهية بالـBer أفضل وقت في السنة؟ اكتشف الأسباب
ثقافة للجميع.. كيف جعل خالد العناني التراث المصري أقرب إلى الناس؟

آمن الدكتور خالد العناني بأن الثقافة ليست حكرًا على النخبة، بل حقّ لكل فرد يعيش على أرض مصر.
انطلاقًا من هذا المبدأ، عمل على جعل المواقع الأثرية والمتاحف متاحة للجميع، بما فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة.
اتخذ خطوات عملية لتسهيل الزيارة وخفّض أسعار التذاكر للمصريين، دعمًا للسياحة الداخلية ونشر الوعي الثقافي.
كما قاد جهودًا تشريعية بارزة، شملت تعديل قوانين الآثار والسياحة في عامي 2018 و2021 لتعزيز الحماية والحوكمة المستدامة.
بهذه المبادرات، نجح العناني في تحويل الثقافة إلى تجربة شعبية جامعة تُعيد للمصريين صلتهم بتراثهم العريق.
المناصب الثقافية والمتاحف للدكتور خالد العناني

- 2014 – 2016: شغل منصب المشرف العام على المتحف القومي للحضارة المصرية.
- 2015 – 2016: تولّى الإشراف العام على المتحف المصري بالقاهرة.
- 2015: كان عضوًا مراسلًا في المعهد الأثري الألماني ببرلين.
- 2016: أصبح عضوًا فخريًا في الجمعية الفرنسية لعلم المصريات.
دبلوماسي الثقافة.. كيف جمع خالد العناني بين الفكر والعلاقات الدولية؟

يمتلك الدكتور خالد العناني مزيجًا فريدًا من العمق الأكاديمي والحضور الدبلوماسي، ما جعله جسراً بين الثقافة والسياسة العالمية.
يُعرف بشبكة علاقاته الدولية الواسعة التي تمتد من الأكاديميين إلى كبار المسؤولين في المنظمات الدولية.
من بين أبرز معارفه أودري أزولاي، المديرة العامة لليونسكو، وزوراب بولوليكاشفيلي، الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية.
إلى جانب مكانته الرسمية، يتميّز العناني بثقافة موسوعية ولغة راقية تجمع بين التراث والفكر الإنساني.
يستشهد بأقوال نيلسون مانديلا وبطرس بطرس غالي، ويقتبس من كلاسيكيات السينما المصرية، مع حب خاص لأم كلثوم وشاعر الأغنية الفرنسية أزنافور.
كما يدافع بشغف عن توظيف الذكاء الاصطناعي في التعليم والثقافة، شرط ألا يمسّ القيم الإنسانية أو الهوية الحضارية.
هكذا يجمع العناني بين روح المثقف وحنكة الدبلوماسي، مؤكدًا أن الثقافة هي أرقى أشكال القوة الناعمة.
لا تفوّت قراءة: سر الانتصار في حرب أكتوبر.. كيف هزمت الشفرة النوبية الجيش الإسرائيلي؟
حلم الطفولة.. كيف قاد خالد العناني إلى أبواب اليونسكو؟

لم تكن رحلة الدكتور خالد العناني نحو الترشح لمنصب مدير عام اليونسكو وليدة صدفة، بل امتدادًا لحلمٍ قديم رافقه منذ الصغر.
ففي طفولته، تأثّر بحملة إنقاذ آثار النوبة في ستينيات القرن الماضي، التي أشرفت عليها اليونسكو، وظلّت تلك اللحظة محفورة في ذاكرته.
قادَه شغفه بالتراث إلى دراسة المشاهد الإلهية في معابد رمسيس الثاني بالنوبة السفلى، موضوع أطروحته الجامعية لاحقًا.
وحين طُلب منه عام 2022 تمثيل مصر في سباق رئاسة المنظمة، وصف الخطوة بأنها “حلم الطفولة الذي يقترب من التحقق”.
منذ ذلك الحين، أطلق حملة دولية نشطة بدعم من الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، حاملاً رؤية تقوم على الحوار والتقنية والإنسانية.
يرى العناني أن مستقبل اليونسكو يكمن في تقريبها من الشعوب لا من الحكومات، وفي دمج التقنيات الحديثة لحماية التراث وتعزيز التفاهم الثقافي العالمي.
لا تفوّت قراءة: 10 أغاني لا يعرفها جيل زد: ذكريات موسيقية من شرائط التسعينات والألفينات
الجوائز والتكريمات.. ما أبرز الأوسمة التي نالها خالد العناني تقديرًا لمسيرته؟

حظي الدكتور خالد العناني بتكريمات دولية رفيعة تؤكد مكانته الثقافية والعلمية على الساحة العالمية.
في عام 2015، منحته فرنسا وسام الفنون والآداب تقديرًا لإسهاماته في دعم التعاون الثقافي بين القاهرة وباريس.
وفي 2020، حصل على وسام الاستحقاق من بولندا تقديرًا لدوره في تعزيز العلاقات الأثرية والتعليمية بين البلدين.

ثم كرّمته اليابان عام 2021 بوسام الشمس المشرقة، أحد أرفع أوسمتها، تكريمًا لجهوده في حماية التراث والتبادل الثقافي.

ومن المنتظر أن تمنحه جامعة مونبلييه الفرنسية وسام الشرف الأكاديمي في أكتوبر 2025، تقديرًا لمسيرته الأكاديمية الاستثنائية وإنجازاته الدولية.
الأدوار الدولية الراهنة للدكتور خالد العناني

- منذ 2023: عضو في مجلس أمناء الجامعة الفرنسية في مصر وعدد من الجامعات المصرية الأخرى.
- 2024: عُيّن سفيرًا خاصًا للسياحة الثقافية لدى منظمة السياحة العالمية (UN Tourism).
- 2025: أصبح راعياً لصندوق التراث العالمي الإفريقي (African World Heritage Fund).