أكتر من اتنين مليار إنسان في العالم حاليًا مسلمين، ومعظمهم يعرفوا اللغة العربية مهما اختلفت لغاتهم الأم، بعضهم يجيد اللسان العربي إجادة تامة، والبعض الآخر يعرفها بشكل سطحي لقراءة القرآن في لغته الأصلية بغرض الصلاة وأداء شعائر الدين.
وعلى مدار القرون الماضية، اتعلم مئات أو ربما آلاف من المستشرقين الغربيين اللغة العربية بغرض دراسة الشرق الأوسط ورسم صورة تفصيلية عن عاداته وتقاليده وبنيته الاجتماعية، التي كانت تمثل لغز مثير وأساطير غرائبية في عقلية الشعوب الغربية لقرون.
ما هي اللغة العربية وأين نشأت؟
نشأت اللغة العربية في أقصى شمال شبه الجزيرة العربية، وبيؤكد موقع اليونيسكو إن بداية ظهور اللغة تعود تقريبًا للقرن التامن قبل الميلاد، وتنتمي إلى عائلة اللغات السامية زيّ اللغة العبرية، واللغة الآرامية واللغة الأمهرية التي يتحدث بها أهل أثيوبيا.
يعتقد اللغويين إن اللغات دي بدأت كلهجات مختلفة من لغة قديمة، مانعرفش عنها كتير، وسُميت باللغة السامية الأم، وعلشان كده كمان مانعرفش كتير عن بداية ظهور اللغة العربية نفسها ومتى أصبحت لغة منفصلة عن اللغة الأم القديمة.
ولكن ومنذ ظهور العربية وهي تمر بتحولات وتغيرات، أكبر التغيرات دي حصلت ما بين القرن الثالث والسادس الميلادي، ثم ظهر الإسلام ليزيد رقعة انتشار اللغة العربية وصكها في الشكل المعروف لنا اليوم بالعربية الفصيحة، ولكن قبل الإسلام بفترة قصيرة كانت العربية تشكلت بالفعل.
الشعر الجاهلي والصورة الأنضج للغة
انقسم سكان الجزيرة العربية قبل الإسلام إلى قبائل بدوية في وسط الجزيرة، تعبد آلهة متعددة، وإلى الشمال كان عرب الغساسنة، وكانوا جزء من الإمبراطورية البيزنطية، يؤمنون بالمسيحية، أما إلى الشرق كان عرب اللاخمدة يشكلون مملكة تؤمن بالدين الزرادشتي، دين الإمبراطورية الفارسية.
تحدث العرب أشكال مختلفة (لهجات) من العربية القديمة بعض أشكالها القديمة اختلف تمامًا عن شكلها اليوم، وظلت العربية تتغير حتى وصلنا إلى قرنين قبل الإسلام، حيث ظهر الشعر المتفق على تسميته بـ”الجاهلي”.
كان الشعر الجاهلي هو أكثر صور العربية نضجًا وأقربها إلى عربية القرآن والعربية المعروفة اليوم، ويعتقد اللغويين إن العرب بدأوا يكتبوا الشعر الجاهلي خلال القرنين الخامس والسادس الميلادي.
وإن حاجج طه حسين في كتابه (في الشعر الجاهلي) أن معظم هذا الشعر كُتب في صدر الإسلام وتم نسبه لفترة الجاهلية، إلا إن ما نسبه العلامة المصري للشعر الجاهلي بشكل وثيق، يؤكد نضج العربية قبيل الإسلام بالفعل.
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
على عكس الاعتقاد الشائع إن العربية الفصحى هي لسان قبيلة قريش، يوضح البحث اللغوي إن العرب اتفقوا على لغة أدبية اتكونت من مختلف اللهجات العربية، العدنانية منها بالذات، ولكن لم تهمل اللهجات الجنوبية مثلًا، حيث كان كثير من شعراء الجاهلية من قبائل اليمن.
ومع انتشار الإسلام خلال القرنين السادس والسابع الميلادي، انتشرت العربية في مختلف أركان الإمبراطورية الوليدة، وتأثرت اللغة الوافدة بالألسن القديمة للبلاد فنشأت مختلف اللهجات العربية المعروفة اليوم.
سبب دخول العرب مناطق جديدة خلال عصر انتشار الإسلام، في الشرق والغرب قلق على مصير اللغة العربية وقرائتها بسبب اختلاطها بمختلف اللغات الجديدة.
ولما كان النص العربي في بداية الإسلام يكتب بدون تشكيل أو تنقيط، فكانت حروف كالتاء والباء والثاء والنون والياء تكتب كحرف واحد هو النبرة (ىـ)، وحروف كالسين والشين تكتب (س)، والحاء والخاء والجيم تكتب (ح)..إلخ، ويعتمد النطق على حدس القارئ العربي، دعت الحاجة لأسلوب جديد يحدد نطق الكلمة بشكل واضح.
في القرن الرابع الهجري وفي عصر الخليفة عمر بن الخطاب، اشتغل أبو الأسود الدؤلي على تنقيط الحروف العربية، وقدم علامات التشكيل كالشدة والفتحة والضمة وغيرها، ليحدد شكل النطق العربي، وقدم علم النحو والصرف الذي يقسم الجملة العربية إلى اسم وفعل، وإلى فاعل ومفعول به، وكيفية كتابة كلٌ منهم على حسب موقعه الإعرابي.
بعد أبو الأسود الدؤلي، جاء علماء لغة شاركوا في تطوير اللغة العربية عن طريق تطوير علوم النحو والصرف وشكل الكتابة من خلال تقديم المدة، والألف اللينة وغيرهم من صور الكتابة.