لولا مصر ما تحققت الهدنة: كيف ساهمت القاهرة في وقف إطلاق النار في غزة؟
“لولا مصر، لما عرفت غزة طريق الهدوء الدائم وسط أصوات القصف وضجيج الحرب”، بهذه العبارة يمكن تلخيص الدور المحوري الذي لعبته القاهرة في تحقيق الهدنة في قطاع غزة.
منذ اللحظة الأولى لتصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة في عام 2023، برزت مصر كلاعب رئيسي في الساحة الدبلوماسية، مسخرة كل قنواتها للتفاوض والضغط من أجل إنهاء نزيف الدم.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن “لم يكن هذا الاتفاق ليتحقق لولا الدور الحاسم والتاريخي الذي تلعبه مصر في منطقة الشرق الأوسط واهتمامها الراسخ بالدبلوماسية لحل النزاعات”
وبينما كانت الصواريخ تعانق السماء، كانت مصر ترسم طريقاً للسلام بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية، لتمنع مزيدا من الدمار وتفتح نافذة أمل لسكان القطاع.
تعرف إلى مراحل الدور المصري على مدار 15 شهرا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة
صباح يوم 7 أكتوبر 2023: عملية سلام لكبح جماح إسرائيل
حذرت القاهرة من الآثار المدمرة للتصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين، وفق بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية.
ودعت القاهرة جميع الأطراف إلى وقف المزيد من التصعيد وتجنب تعريض المزيد من أرواح المدنيين للخطر.
ودعت مصر جميع القوى الدولية الداعمة لعملية السلام إلى التدخل وكبح جماح إسرائيل عن المزيد من التصعيد والالتزام بمعايير القانون الإنساني الدولي عندما يتعلق الأمر بمسؤوليات القوة المحتلة.
15 أكتوبر: البدء في جمع التبرعات
في لقائه مع أنتوني بلينكن في 15 أكتوبر، قال الرئيس السيسي إن الرد الإسرائيلي تجاوز حق الدفاع عن النفس وكان بمثابة عقاب جماعي لشعب غزة.
وردًا على ذلك، شجعت السلطات المصرية جميع المنظمات الخيرية والإغاثية على البدء في جمع التبرعات لتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
وفي غضون أيام قليلة، كانت مئات الشاحنات متوقفة بالقرب من معبر رفح في انتظار الضوء الأخضر لدخول غزة.
إضافة إلى ذلك، جرى وضع جميع مستشفيات شمال سيناء والفرق الطبية في حالة تأهب تحسبًا لتدفق الفلسطينيين الجرحى القادمين إلى مصر للحصول على الرعاية الطبية.
وصلت الضربات الإسرائيلية إلى المنطقة المجاورة للمعبر عدة مرات مما أدى إلى تدميره جزئيًا من الجانب الفلسطيني. لذلك، رفضت مصر السماح لحاملي جوازات السفر الأمريكية والغربية بمغادرة غزة عبر معبر رفح حتى يجرى السماح بمساعدات الإغاثة المناسبة في القطاع المحاصر.
قمة القاهرة للسلام: 21 أكتوبر 2023
في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية والسياسية في غزة، استضافت مصر في 21 أكتوبر 2023 قمة “القاهرة للسلام”، التي جاءت كجزء من جهودها المستمرة لتعزيز الاستقرار الإقليمي وحماية الحقوق الفلسطينية.
خلال القمة، أعلنت مصر موقفها الواضح والحازم بإدانة استهداف المدنيين في قطاع غزة، معتبرةً ذلك انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.
كما أكدت رفضها القاطع لأي محاولات تهجير قسري للفلسطينيين، سواء من الضفة الغربية أو قطاع غزة، مشددةً على أن مثل هذه المخططات تمثل تهديداً خطيراً للسلام والأمن في المنطقة.
قمة القاهرة للسلام عكست التزام مصر التاريخي بدعم القضية الفلسطينية، وأبرزت دورها كوسيط محايد وفاعل في مواجهة التحديات الإقليمية، مما عزز من مكانتها كصوت رئيسي يدافع عن السلام العادل والمستدام.
هدنة في اليوم الـ48: إطلاق سراح 150 فلسطينيا
في اليوم الـ48 من العدوان الإسرائيلي على غزة، نجحت الجهود الدبلوماسية المكثفة التي قادتها مصر، بدعم من الشركاء الإقليميين والدوليين، في تحقيق هدنة تاريخية.
جاءت هذه الهدنة كخطوة حاسمة نحو تهدئة الأوضاع الميدانية، وأسفرت عن إطلاق سراح 50 محتجزاً إسرائيلياً في غزة، مقابل تحرير 150 فلسطينياً من سجون الاحتلال الإسرائيلي.
هذا الإنجاز لم يكن مجرد اتفاق مؤقت، بل يعكس مدى فعالية الدور المصري في إدارة الأزمات وتحقيق التوازن بين المصالح المختلفة.
ويؤكد كذلك على قدرة مصر على حشد الدعم الدولي والإقليمي لضمان استقرار المنطقة، مع الحفاظ على الحقوق الفلسطينية ومبادئ العدالة.
ديسمبر 2023: محاولات حثيثة لإنهاء الحرب
في ديسمبر 2023، قدمت مصر مقترحاً شاملاً لإنهاء الحرب، في خطوة تعكس التزامها المستمر بتحقيق السلام في المنطقة.
وتضمن المقترح مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى وقف إطلاق النار، ضمان حماية المدنيين، وفتح قنوات الحوار بين الأطراف المعنية.
28 يناير 2024: محادثات مصر في فرنسا
في يناير 2024، عُقد اجتماع دولي في العاصمة الفرنسية بمشاركة ممثلين من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل، بهدف وضع إطار تفاوضي لإقامة صفقة تبادل للأسرى بين حركة حماس وإسرائيل. وعلى الرغم من الاتفاق المبدئي على إطار التفاوض، رفض الطرفان المعنيان، حماس وإسرائيل، مخرجات الاجتماع.
ويتضمن المقترح المبدئي صفقة لتبادل الأسرى، وقف الحرب، انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، السماح بعودة النازحين، والبدء في عملية إعادة الإعمار.
23 فبراير 2024: وثيقة باريس
جرت في باريس، في فبراير 2024، محادثات بين مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز، ومسؤولين كبار من مصر وقطر وإسرائيل، لبحث اتفاق هدنة في حرب غزة.
وانتهت جولتان أساسيتان من المفاوضات على أساس ما عرف بـ”وثيقة مبادئ باريس” دون تحقيق اتفاق المرحلة الأولى من الوثيقة المقسمة إلى 3 مراحل.
فبراير 2024: مفاوضات القاهرة
في فبراير 2024، شهدت القاهرة سلسلة من المحادثات والمفاوضات بين الوسطاء، في إطار جهود للتوصل إلى اتفاق حول صفقة تبادل للأسرى بين حركة حماس وإسرائيل.
في الأسبوع الأول من فبراير، استضافت القاهرة جولة مطولة من المفاوضات غير المباشرة، بمشاركة وفد من حركة حماس، واستمرت لمدة 3 أيام.
تلت ذلك زيارة وفد إسرائيلي إلى القاهرة لمواصلة النقاش حول تفاصيل صفقة التبادل.
وفي 13 فبراير، انعقد اجتماع رفيع المستوى في القاهرة لبحث مساري التهدئة وتبادل الأسرى.
وحضر الاجتماع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز، ورئيس الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) ديفيد برنيع، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إضافة إلى مسؤولين مصريين.
ورغم الجهود المبذولة، انتهت المحادثات دون إحراز تقدم جوهري.
ووفقًا لما نقلته وكالة “أكسيوس” الأميركية، فإن العقبة الرئيسية التي حالت دون تحقيق تقدم كانت الخلافات حول عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم مقابل كل محتجز إسرائيلي، خاصة الجنود الأسرى.
لا تفوّت قراءة: غزة 2024: أبطال حملوا الأمل رغم الألم وكتبوا حكايات لا تُنسى
مارس 2024: وقف المعاناة الإنسانية في قطاع غزة
وفي مارس 2024، استضافت العاصمة المصرية اجتماعًا عربيًا بمشاركة السلطة الفلسطينية، وذلك في إطار الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل لوقف المعاناة الإنسانية في قطاع غزة.
وتركز الاجتماع على سبل إقامة هدنة إنسانية في القطاع، بهدف إنقاذ من تبقى من المدنيين وتخفيف المعاناة الإنسانية الناجمة عن الصراع المستمر.
وتناول الاجتماع سبل تقديم المساعدات الإنسانية وتوفير الدعم العاجل للمتضررين من الحرب، بالإضافة إلى تسهيل وصول المساعدات الدولية إلى المناطق المتأثرة بالصراع.
أبريل 2024: مبادرة مصرية لإحياء المفاوضات
في أبريل 2024، شهدت الجهود المصرية خطوة جديدة من خلال زيارة وزير المخابرات المصرية السابق اللواء عباس كامل إلى تل أبيب.
والتي أعُلن فيها تقديم ورقة تفاوضية في مايو 2024، ووافقت عليها حماس في السادس من نفس الشهر.
ورغم اعتراضات إسرائيل على بعض بنودها، إلا أن حركة حماس وافقت عليها، وهو ما شكل خطوة مهمة نحو تهدئة الوضع.
مايو 2024: ثمرة اتفاق وقف إطلاق النار
وفي مايو 2024، قدمت مصر مقترحاً آخر، ليشكل تطوراً مهماً في مساعي القاهرة لإنهاء النزاع.
وفقاً لمراقبين، جرى الأخذ ببعض بنود هذا المقترح ضمن الاتفاق النهائي الذي جرى التوصل إليه لاحقاً، مما يعكس فعالية دور مصر كوسيط موثوق في عمليات السلام الإقليمي.
تجسد هذه المبادرات المصرية التزام القاهرة الثابت بتحقيق تسوية عادلة ومستدامة، مشددة على أن السلام لا يتحقق إلا من خلال الحوار الشامل والاحترام المتبادل للحقوق الإنسانية.
6 مايو 2024: اتصال بين حماس وعباس كامل
في السادس من مايو، أعلنت حركة حماس أن رئيس مكتبها السياسي آنذاك، إسماعيل هنية، أجرى اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وكذلك مع مدير المخابرات المصرية عباس كامل.
وخلال الاتصال، أبلغ هنية الجانبين موافقة حماس على مقترح اتفاق لوقف إطلاق النار.
ومع ذلك، ردت إسرائيل على المفاوضات باجتياح مدينة رفح في اليوم التالي، مما أدى إلى انهيار المفاوضات.
وفي 27 مايو، سلمت إسرائيل مقترحًا يتضمن استعدادًا لمناقشة مطلب حركة حماس بشأن الهدوء المستدام، إضافة إلى مناقشة عدد المحتجزين الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى.
كما تضمن المقترح بنودًا تتعلق بالوجود العسكري في محور فيلادلفيا والفحص الأمني للنازحين الفلسطينيين العائدين إلى شمال غزة.
لا تفوّت قراءة: كيف تسعى مصر لوقف إطلاق النار بين حماس والكيان الصهيوني في غزة؟
مايو 2024: دعم مصر لدعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية
وفي مايو 2024، أعلنت مصر عن عزمها التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.
وكانت الدعوى تتعلق بالانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
ويأتي هذا القرار في إطار التزام مصر المستمر بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وتجسد رغبتها في تحقيق العدالة الدولية.
وقد أيدت مصر الدعوى باعتبارها خطوة هامة لمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها في غزة.
لا تفوّت قراءة: هدنة وشيكة في غزة بعد 15 شهرا من الحرب: ما بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
أغسطس 2024: تقليص الفجوات بين إسرائيل وحماس
استضافت الدوحة جولة جديدة من المفاوضات بين حماس وإسرائيل يومي 15 و16 أغسطس، بمشاركة الوسطاء الدوليين والإقليميين.
وصدر بيان مشترك عن الولايات المتحدة، بدعم من قطر ومصر، يقترح تسوية جديدة لتقليص الفجوات بين الطرفين.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمسك بشرطين قبيل انطلاق مفاوضات الدوحة.
الأول كان البقاء في محور فيلادلفيا، بينما كان الشرط الثاني يتعلق بتفتيش العائدين إلى شمال قطاع غزة.
وأكدت الهيئة أن انسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا سيتطلب اتخاذ إجراءات لمنع اقتراب حماس من حدود مصر.
سبتمبر 2024: تعديل تفاصيل مقترح صفقة تبادل الأسرى
أفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أن مدير المخابرات المركزية الأميركية قد أجرى محادثات مع كل من إسرائيل و قطر و مصر.
كان الهدف من هذه المحادثات تعديل تفاصيل مقترح صفقة تبادل الأسرى بين حماس و إسرائيل.
ومن جانبها، أكدت حركة حماس أن إسرائيل هي الطرف الذي يعطل إتمام هذه الصفقة.
وأشارت إلى أنها تعمل على ممارسة ضغوط مكثفة على إسرائيل لتسريع التوصل إلى اتفاق يُفضي إلى إتمام الصفقة.
وفي الوقت نفسه، أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب على القطاع.
وكان نتنياهو قد أبدى تمسكًا بعدم التراجع عن السيطرة على محوري نتساريم وفيلادلفيا.
وفي المقابل، تمسكت حركة حماس بمطالبها بإنهاء الحرب، السماح بعودة النازحين، وانسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة.
4 ديسمبر 2024: استئناف المفاوضات في قطر
في 4 ديسمبر 2024 استأنفت قطر دورها بالتعاون مع مصر كوسيط رئيسي للتوصل إلى اتفاق بين حركة حماس وإسرائيل.
ويوم 14 يناير 2025 تحقق تقدم كبير في المفاوضات التي تستضيفها الدوحة، مما عزز فرص الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار.