أطفال المخيمات يتسولون على تيك توك: هل تبرعاتك بتوصل لهم فعلًا؟
بيقول لنا صديق مصري عايش في المملكة المتحدة: “وأنا في لندن بلاقي أكتر من بث مباشر بيظهر لي على واجهة التيك توك الرئيسية، لأسر سورية عايشين في مخيمات لاجئين وبيطلبوا مساعدات مالية”.
الغريب في ما يحكيه صديقنا إن البث المباشر الذي يتم دفعه لواجهة تيك توك الرئيسية الخاصة بيك، بيكون من نفس البلد التي تتواجد فيها، ولكن ظهور بث مباشر من جنوب لبنان لمشاهدين تيك توك في لندن، شيء يخلينا نسأل “ماذا يحدث؟”.
تواصلنا مع “لينا المطيري”، اسم مستعار لواحدة من العاملات مع الأمم المتحدة في مخيمات اللاجئين في جنوب لبنان، وبتقول: “مصادر الرزق في المخيمات شحيحة جدًا، وكل الأسر اللي موجودة هنا بتعيش ظروف مادية صعبة، وبالتالي التسول وسيلة كسب”.
وبتضيف: “في ظل ظروف الانهيار الاقتصادي الشديد في سوريا ولبنان، اتحول الدولار واليورو لعملات جذابة، وعلشان كده بيتم شراء شرائح اتصال بريطانية من بعض الأكشاك المحيطة بالمخيمات، ومن خلالها يتم البث المباشر علشان يوصل للمتابعين في الدول دي، واللي يقدروا يدفعوا بالدولار”.
لا شك إن الأسر السورية الموجودة في المخيمات محتاجة دعمنا، ولكن هل تيك توك هو الوسيلة المناسبة لدعمهم؟ وهل مساعداتنا دي بتوصل لهم؟ وهل وجود أسرة كاملة بأطفالها في بث مباشر تتسول المساعدات المالية شيء مقبول؟
علشان تعمل بث مباشر على منصة تيك توك، محتاج على الأقل ألف متابع، ولكن بعض اللاجئين الذين يظهرون في الفيديوهات دي مش بيكون عندهم العدد ده، هنا بيلجأ “صاحب البث”، لوكالة بتشتغل مع تيك توك، واللي بتدي له إمكانية البث من غير عدد المتابعين اللازم.
الوكالات دي بتاخد نسبة من الفلوس من حساب صاحب البث، بعد ما يقوم تيك توك بخصم 70% من الفلوس دي، وبعد لفة طويلة علشان يتم سحب الفلوس وخصومات في كل خطوة تحويل أموال، تفتكر هيوصل كام للأسرة التي قمت بإرسال أسد بقمية 500 دولار لها؟
ممكن تفتكر إنه هيوصل للأسرة المسكينة على الأقل 100 دولار، لكن ده مش حقيقي، لإن الأسرة دي لا تمتلك التليفون ولا الشريحة ولا باقة الإنترنت اللي بيتم من خلالهم البث. الأدوات دي ملك لشخص أخر “صاحب البث” الذي يعمل أكتر من بث في اليوم مع أكتر من أسرة، كل أسرة لمدة خمس ساعات أو أكتر، وهو الذي ياخد النسبة الأكبر من الفلوس الباقية.
لمدة خمس أو 7 ساعات أحيانًا، بتتسمر أسرة كاملة من أب وأم وأطفال قدام كاميرا تليفون يستجدوا المواطن البريطاني ويشرحوا مأساتهم وإصاباتهم وفقر وسوء الظروف التي يعيشوا فيها، وفي نهاية ساعات العمل المرهقة والمخزية ممكن ياخدوا دولار واحد، رغم إن المتابعين تبرعوا بألف دولار خلال البث.
بتقول لينا: “تسول أطفال المخيمات على تيك توك هو شكل من أشكال عمالة الأطفال واستغلالهم، لإن الأطفال دول المفروض يكونوا في المدرسة، غير إن عدد ساعات البث الطويلة مرهقة جدًا”.
وبتضيف: “تسول الأطفال وعرض مأساة حياتهم في بث مباشر بيسبب لهم ندبات نفسية طويلة الأمد.. هيفضلوا يتعايشوا معاهم باقي حياتهم”.
مع قسوة الواقع ده، إزاي نقدر ندعم اللاجئين في المخيمات إذا ماكانش عن طريق بث على السوشيال ميديا؟ بتقول لنا لينا إن أفضل طريقة هي التبرع للمؤسسات الرسمية الموثوق فيها، واللي بتوجه تبرعاتنا لرعاية الأسر دي، وبتوفر لهم مدارس ومستشفيات وغذاء مناسب.
وأخيرًا، تقدر تتبرع من خلال موقع الأمم المتحدة، أو من خلال مؤسسة “إنقاذ الأطفال“، أو من خلال موقع “الدعم الإسلامي“، ولو كنت في المملكة المتحدة تقدر تعرف طرق تانية تساعد بيها اللاجئين السوريين من هنا.
ما ذكرناه في المقال ده ينطبق على أي حد بيتسول مساعدتك من خلال بث مباشر على أي منصة، خصوصًا بعد انتشار فكرة التسول عن طريق وسائل التواصل سواء على الفيسبوك أو انستجرام أو تيك توك. وبنطلب منك تدور على مؤسسة قريبة منك تقدر من خلالها تتبرع بمساعدات وتتأكد إنها هتوصل للناس اللي عايز تقدم دعمك ليهم.