حاكم المشهد الموسيقي في مصر.. تاريخ من الجدل على كرسي النقيب
أعلن الفنان المصري، هاني شاكر، استقالته من منصبه كنقيب للمهن الموسيقية، وقال إنه قرار “نهائي ولا رجعة فيه”، وده بعد مشهد مؤسف بالمؤتمر الصحفي اللي أتعمل لتقدم مغني المهرجانات، حسن شاكوش، باعتذار لشعبة الإيقاعيين.
شاكر قال في مداخلة هاتفية لبرنامج “كلمة أخيرة” مع الإعلامي المصري، عمرو أديب: “بعد المشهد اللي حصل النهارده، حسيت إن هيبقى صعب أكمل الفترة اللي باقية ليا،” وأضاف “مشهد النهارده خلاني أعيد حساباتي، وأنا باخد القرار بلا رجعة، وقدمت استقالتي على الهواء.. والمشهد ده هيخلينا نحلل أهمية ووضع نقابة مسكها رموز كبيرة على مدار عقود وسط مواقف جدلية كتير.”
نقابة تتصدر التريند
في السنوات الأخيرة اسم نقابة المهن الموسيقية كان هو أكتر اسم متداول بين النقابات المصرية في وسائل الإعلام، بعد ما بدأ هاني شاكر عهده بإصدار قرارات بتقنين أوضاع العديد من المطربين، بداعي حماية التقاليد والدين وصورة مصر.
القصة بدأت في 2015 اللي أتولى فيها شاكر منصب النقيب، وافتتح ولايته بإصدار إنذار في شكل بيان إعلامي، بداعي حماية الحياء والذوق العام، حذر فيه أي فنانة تظهر بـ”ملابس غير لائقة” في الحفلات أو الكليبات الغنائية أو البرامج بمنعها من ممارسة المهنة، بعد كده صدرت قرارات بمنع مطربين من الغنا في مصر، ده غير الأزمة الكبيرة مع مطربين المهرجانات اللي خاض فيه شاكر صراع طويل ضد فن المهرجانات ونجومه.
حماية الأعضاء؟
بحسب قوانين تأسيس النقابات في مصر والمستقرة من بدايات القرن اللي فات، بتختص النقابات اللي بتجمع أبناء مهنة واحدة باختصاصين رئيسيبن؛ أولها حماية أعضائها والدفاع عن مصالحهم، والتاني العمل على تطوير المهنة.
الفنان هاني شاكر فنان كبير بلا شك وفيه سمات قيادة بيحبها ناس كتير، زيّ الكاريزما وفهمه للموسيقى وأدواتها كنقيب للموسيقيين، وشهدت فترته اهتمام كبير بيها على السوشيال ميديا وفي الإعلام، وده دليل على قدرته على لفت النظر والحفاظ على هيبة منصبه في نفس الوقت، بس ده ماكانش كل حاجة.
في ٢٠١٩، وبسبب جملة فيها هزار نطقت بيها المغنية المصرية، شيرين عبد الوهاب، في واحدة من حفلاتها أصدر هاني شاكر قرار بوقفها عن العمل وعدم التصريح ليها بالغناء وإحالتها للتحقيق، وده أثار جدل كبير حوالين حماية الأعضاء وحرية التعبير في الوسط الفني وحمايتهم من هجوم بعض الأفراد اللي بتوصل إنهم بيسعوا لحبسهم ورفع قضايا عليهم، وموضوع شيرين ده كان مثال واضح.
اعتذارات للأستاذ وخناقات الذوق العام
بعد منعه بسبب أغنية “بنت الجيران”، نشر مغني المهرجانات، حسن شاكوش، على حسابه الرسمي على إنستجرام مقطع فيديو بيجمعه بمغني المهرجانات، عمر كمال، بيعتذروا فيه عن المقطع بالأغنية اللي أتسبب في جدل بحفل الإستاد، وده سبقه اعتذار من مغني المهرجانات، حمو بيكا، بعد أزمة كبيرة بسبب منعه من الغناء وعدم قيده بالنقابة، إلا إن الإعلامي المصري، عمرو أديب، في برنامجه “كل يوم”، قدم هاني شاكر باعتباره على رأس النقابة اللي بتتحكم في الذوق العام في مصر.
المنع هو احتقار للذوق العام.. كان ده ملخص حجة أنصار عدم المنع لسنين في جدال استمر في الصحافة والبرامج التلفزيونية وطبعًا وبشكل شرس على السوشيال ميديا، إلا أن أنصار شاكر كانوا حاضرين بقوة برضه وكانت حجتهم إن المهرجانات دي مش غنا أصلًا. في النهاية، الجدل استمر وما أتحسمش، والأكيد اللي حسمه هو تصدر شاكر والنقابة للمشهد العام في مصر.
77 سنة من الصراع في منصب النقيب
لو فاكرين إن المنصب ده خد الجدل في عهد هاني شاكر بس فده مش صحيح، المنصب نفسه عليه جدل طول الوقت وصراع من أول تأسيس النقابة لما كوكب الشرق، أم كلثوم، أسستها في بداية الأربعينيات لهدف إنساني؛ وهو مساعدة أعضاء النقابة والوقوف جنبهم في مشاكلهم، بس فوجئت بإن الموسيقار الكبير، محمد عبد الوهاب، بيعترض إن يكون نقيب الموسيقيين المصريين واحدة ست. أم كلثوم فازت بالمنصب 7 دورات كاملة من 1942 ل 1952 علشان يبدأ عهد جديد من الجدل بعد ثورة 23 يوليو، اللي عملت انقلاب على كوكب الشرق وأطاحت بيها من الإذاعة المصرية في الأول باعتبارها محسوبة على النظام الملكي وغنت للملك فاروق، وبعدها مشوها من منصب النقيب.
سنة 1958 تولى الملحن، عبد الحميد عبد الرحمن، رئاسة النقابة وفي السنة دي حل الرئيس جمال عبدالناصر كل النقابات، وقرر إعادة تشكيلها من جديد، وفضلت نقابة الموسيقيين في حكم التجميد حوالي 20 سنة بدون سبب.
في السبعينيات، رجعت النقابة تاني وشهدت صراع جديد بعيد عن أم كلثوم وعبد الوهاب كان بين الموسيقيين أحمد فؤاد حسن، وصلاح عزام، وبدلوا على منصب النقيب لسنين، بعدهم جيه الموسيقار، حلمي أمين، وأتعمل عليه حروب كتير واتهامات طول فترة توليه المنصب.
المصير نفسه واجه النقيب اللي بعده، وهو الموسيقار الكبير الراحل، حسن أبو السعود، اللي واجه أزمات كتير بس قدر يصمد في وشها واستقر لفترة طويلة في منصب النقيب لحد رحيله.
نقيب الموسيقيين الملحن، منير الوسيمي، واجه حرب شرسة لما تولى منصب النقيب في سنة 2011 مع اندلاع ثورة 25 يناير، علشان كتير كانوا حاسبينه على نظام الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، وفعلًا تم حل مجلس النقابة، وأتعين الفنان، إيمان البحر درويش، نقيب للموسيقيين.
درويش متهناش كتير بالمنصب بعد ما سحبت النقابة الثقة منه بعد فترة، وانتخبوا مصطفى كامل وساعتها اشتد الصراع بين درويش وكامل ووصل الموضوع للاتهامات والعنف وساحات المحاكم لحد ما تم انتخاب الفنان، هاني شاكر، لمنصب النقيب وفاز بيه، علشان تشوف النقابة لأول مرة جدل حوالين تحكمها في الذوق العام ودورها في حماية حرية الفن.