أزمات نقابة الموسيقيين مع مطربين المهرجانات والرابرز: مشاكل شخصية ولا خلاف على الذوق العام؟
من وقت طويل والساحة الفنية في مصر بتشهد مشاكل كتير ما بين مطربين المهرجانات والرابرز من ناحية ونقابة الموسيقيين من الناحية التانية. أخر الأزمات دي كان قرار النقابة بمنع الغناء على طريقة البلاي باك واستخدام الفلاشة في الغناء على المسرح ومنع مجموعة من الرابرز والمطربين من الغناء. واللي منهم حسن شاكوش اللي عَبر في أكتر من مداخلة هاتفية على التلفزيون إن قرار منعه سبب له مشاكل مادية كبيرة جدًا وخلاه قعد في البيت.
بعتلنا مصدرنا الخاص في النقابةة الصورة دي واللي بتوحي بإن نقابة الموسيقيين قررت، مع جملة قراراتها اللي ذكرناها سابقًا، إنه لازم يكون الغناء أو الأداء على المسرح من خلال فرقة موسيقية مكونة من 8 عازفين على الأقل.
الهجوم على نقابة الموسيقيين بسبب قراراتها الأخيرة
بعد القرارات الصارمة اللي أخدتها النقابة في الفترة اللي فاتت، اتعرضت لهجوم كبير سواء من المطربين والرابرز أو من الجمهور. أما الفنان هاني شاكر نقيب الموسيقيين، اتعرض لانتقاد شخصي شديد بعد قراراته الأخيرة في النقابة.
الانتقادات طالبت بمنع هاني شاكر من إنه يتدخل في شغل الرابرز، وفسر بعض الناس قراراته الأخيرة بإنه مُصر على التحكم في معايير المجتمع اللي اتغيرت مع الوقت. الانتقادات دي شايفة إن مفهوم النقابة عن الفن والمزيكا محصور في حيز قديم وضيق وماتعرفش غيره، الحيز ده هو الطرب، بس الحقيقة إن العالم بيتغير وطريقة تعبير الأجيال المختلفة عن أفكارها ومشاعرها من خلال الفن والمزيكا اتغيرت.
الانتقادات دي بتدعمها انتقادات النقابة المستمرة للألفاظ “النابية” -على حد تعبيرهم- في المهرجانات وتراكات الرابرز. المنتقدين بيقولوا إن الألفاظ المستخدمة في تراكات الرابرز والمهرجانات وطريقة الغناء بتاعتهم بتعبر عن الشارع المصري النهارده وبتعبر عن الشكل الجديد للفن والمزيكا اللي بيناسب الأجيال الجديدة وخبراتها الحياتية والعالم اللي عايشين فيه. والأجيال دي هي اللي بتشكل الجمهور الواسع اللي بقى عنده حرية مطلقة في اختيار المحتوى الفني المناسب له، وماعادش حد يقدر يفرض عليه شكل معين من الفن والمزيكا، لإنه في الأخر هيقدر، من خلال السوشيال ميديا والإنترنت، يوصل للمحتوى اللي بيعبر عن ذوقه الفني واحتياجاته.
الأجيال الجديدة لو مالقتش المحتوى اللي بيعبر عن أسلوب حياتها المعاصر في الفن المصري والعربى هتلاقيه بكل سهولة في محتويات فنية أجنبية، بس المحتويات الأجنبية مش هتعبر عن واقعهم المحلي وحياتهم الشخصية، وبالتالي هيخسروا فن قادر على التواصل معاهم على مستوى شخصي زيّ الرابرز والمهرجانات المصرية.
انتقادات تانية لهاني شاكر اتهمته بإنه غيران من أي حد بيحقق الشهرة والمكاسب المادية في الوسط الفني والغنائي في الوقت الحالي. والانتقادات دي بتقارن ما بين المشاهدات على يوتيوب لتراكات الرابرز والمهرجانات وأغاني هاني شاكر والمطربيين اللي زيّه.
أخر أغنية نزلها هاني شاكر على اليوتيوب كانت في 2020 وحققت لحد دلوقتي 57 ألف مشاهدة، في سنة وخمس شهور.
أخر تراك نزله عفروتو على اليوتيوب كان في شهر مايو 2021 وحقق لحد دلوقتي أكتر من 10 مليون مشاهدة. وتراك باتيستوتا (الساحر) اللي نزل في أغسطس 2020 حقق لحد النهارده أكتر من مليون مشاهدة. تراك مروان موسى (مكهرب) اللي نزل في أغسطس 2021 حقق لحد النهارده 711 ألف مشاهدة. تراك حسن شاكوش (حبيبتي افتحي شباكك) اللي نزل من تلات شهور، حقق 96 مليون مشاهدة لحد النهارده.
المقارنة ما بين مشاهدات الرابرز والمهرجانات وأغاني هاني شاكر بتقول إن الرابرز والمهرجانات محققين نجاحات كبيرة جدًا وسط الجمهور اللي من الواضح إنه بيختار نوع المزيكا اللي عايز يسمعها بكل وضوح وشفافية. إذًا، هل النقابة بتحجر على محتوى الرابرز والمهرجانات بس ولا الحجر ده على اختيارات الجمهور؟
هل من حق النقابة قانونيًا إنها تمنع المطربين من الغناء؟
في مداخلة هاتفية مع إذاعة راديو “مونت كارلو” كشف المحامي محمود عثمان عن رأي القانون في قرارات نقابة الموسيقيين الأخيرة. وقال: “ردود الفعل على قرارات نقابة الموسيقيين بقيادة هاني شاكر ساخرة، لإن القرار الصادر مؤخراً يوضح أنه لن تقام أي حفلة إلا لو كان الحفل به ثمانية عازفين ومن غير فلاشة، وذلك رغم منع المحكمة الإدارية نقابة المهن الموسيقية بالتدخل في المحتوى الفني”.
وتابع: “هذا القرار مخالف لحكم المحكمة، ويضع نقيب المهن الموسيقية في محل المسألة عما يفعله الآن، فالنقابة هي عمل إداري لا يجوز تدخل النقابة في قيمته أو وقت إنجازه وبالتالي منعه”.
وأضاف: أما القرار ضد أحمد سعد فكان غريباً وبوليسياً، وطريقة كشف النقابة وهاني شاكر لمخالفة سعد كانت مريبة، وفقًا لتصريحات النقيب إنه تم تصوير الحفلة وإرسالها له، كأن الفنان أصبح مراقباً طوال الوقت”!.
واستكمل: “بالتأكيد قرارات النقابة تؤثر على الفن المستقل الذي لا يعتمد على الدولة وليسوا أعضاء في فرق كبيرة مثل “كايروكي” و”مسار إجباري”، وذلك بسبب زيادة رسوم الاشتراك في النقابات الفنية وخاصة بعد فترة توقف طويلة بسبب فيروس كورونا”.
بعد ما سألنا خبير قانوني عن مدى دقة تصاريح المحامي محمود عثمان اللي فاتت، أكد لنا إن كلها صحيحة قانونيًا.
سألنا مصدر خاص في النقابة علشان يعلق على الوضع القانوني لمنع النقابة بعض المطربيين من الغناء، قال لنا إن النقابة مش بتمنع حد من إنه يغني وإن المطربيين اللي اتمنعوا مؤخرًا مش مسجلين في النقابة ومش معاهم كارنيه العضوية اللي يسمح لهم يغنوا مباشرةً وفي حفلات، لكن النقابة كانت بتدي الناس دي تصاريح للغناء في الحفلات. اللي حصل مؤخرًا إن النقابة طلعت قرار بمنع منح المطربين دول تصاريح.
لما سألنا ليه الناس دي بتشتغل بقالها وقت طويل ولحد دلوقتي مش أعضاء في النقابة، رد علينا مصدر النقابة بإنها قفلت باب اختبارات القبول من سنتين ومن وقتها مفيش حد بياخد عضوية.
سألنا عن سبب قفل باب العضوية، ومصدر النقابة رد علينا إنه كان بسبب وباء الكورونا وإن باب التسجيل لعضوية النقابة فتح تاني وإنهم منعوا الرابرز ومطربين المهرجانات مؤخرًا من الغناء علشان عايزينهم يسجلوا في النقابة.
هل منع النقابة للرابرز والمهرجانات بحجة الارتقاء بالذوق العام منطقي؟
منع النقابة الغناء بطريقة البلاي باك من على الفلاشة قرار مهم جدًا وكان لازم يحصل من زمان. المطرب اللي بيحرك شفايفه على أغنية على فلاشة وهو واقف على المسرح مش بيحترم الجمهور اللي جاي يتفرج عليه مباشرة. وفى كل حتة في العالم بتكون فضيحة لأي مطرب طالع يغني بلاي باك.
أما قرار منع الغناء المباشر من غير فرقة مكونة من تمن عازفين على الأقل فهو قرار غير منطقي لإن معظم شغل الرابرز والمهرجانات دلوقتي عبارة عن مزيكا مش معتمدة على عازفين، واللي بتتكون من music set والـ DJ بيظبط الـ beats والـ autotune بتاع المغني. وبالتالي الناس دي مش هتحتاج عازفين، فممكن بكل بساطة تفرض النقابة عليهم استخدام DJ ويغنوا لايف، من غير فلاشة ومن غير بلاي باك. وكمان في بروجتكس مزيكا كتير بيكون فيها عدد العازفين اتنين أو تلاتة، ودي بروجكتس مزيكا جميلة جدًا وقوية، فهل النقابة هتمنع الناس دي من إنها تمارس فنها علشان قرار غير منطقي زيّ ده؟
مشكلة النقابة مع المحتوى الفني للرابرز والمهرجانات بدأت مع أغنية شاكوش (بنت الجيران) وبالذات الكوبليه اللي بيقول فيه “أشرب خمور وحشيش”. النقابة اعتبرت دي ألفاظ غير مناسبة وبتنحط بالذوق العام، وبدأت أزمة كبيرة ما بين الرابرز والمهرجانات من ناحية والنقابة من الناحية التانية بخصوص التعبير الفني واستخدام الألفاظ اللي بتعتبرها النقابة مُخِلة بالذوق العام. قرارات النقابة امتدت لمعظم محتوى الكلمات وبدأت تحجر عليه بحجة الذوق العام.
مين اللي بيشكل الذوق العام؟ النقابة والناس اللي بتصنع المزيكا هي اللي بتصنعه وبعدين بتصدره للجمهور؟ ولا الجمهور هو الذوق العام والمزيكا والفن مجرد أعمال إبداعية بتعبر عنه وبتصنع محتوى يناسبه علشان توصل للجمهور؟
دلوقتي لما الرابرز ومطربين المهرجانات ينضموا للنقابة بعضوية ده هيدي النقابة سلطة كاملة على المحتوى الفني بتاعهم. ومعظم المكسب المادي للرابرز والمهرجانات بييجي من الحفلات بتاعتهم، واللي بيتطلبوا فيها على أساس التراكات اللي بينزلوها على اليوتيوب وبتعجب الجمهور.
النقابة مش هتقدر تفرض عليهم المحتوى الفني اللي بيعملوه في تراكات اليوتيوب لكن تقدر تفرض عليهم نوع الكلمات اللي يغنوها في الحفلات اللي النقابة بتديهم تصاريحها، وبالتالي لو عرفوا يغنوا اللي هما عايزينه من خلال تراكاتهم على اليوتيوب، مش هيقدروا يغنوا نفس المحتوى في الحفلات بسبب منع النقابة، فهل النقابة بتضغط عليهم ينضموا لها علشان تمارس ديكتاتوريتها عليهم وتفرض عليهم محتوى فني معين يغنوه؟
أيًا كانت الأسباب اللي بتخلي النقابة تمارس سلطاتها علشان تمنع شكل معين من التعبير الفني، فالحجر والمنع دول مرفوضين. الفن لازم يكون حر علشان يطلع أقصى إبداعات الفنان، وديكتاتورية النقابة هتقتل مليكة الإبداع الكامنة دي. وزيّ ما قلنا الذوق العام لو مالقاش اللي يعبر عنه في مصر، هيلاقي حاجات من اللي النقابة بتمنعها في فنون أجنبية، وفي الحالتين النقابة مش هتقدر تسيطر على مسار الذوق العام.