مع انقشاع دخان الحرب، بدت غزة كأنها تنهض من بين الرماد. شمسٌ خجولة تلامس الركام، وأطفالٌ يركضون بين أطلالٍ كانت يومًا منازلهم.
رائحة الغبار تختلط بصوت الأمل، بينما يمضي الناس نحو ما تبقّى من شوارعهم، يحملون سؤالًا واحدًا: هل يمكن للحياة أن تعود؟
وسط هذا المشهد، تتردّد الأرقام كصفعةٍ أخرى: سبعون مليار دولار هي الفاتورة الأولية لإعادة إعمار غزة بعد عامين من الدمار، ثمنٌ باهظ لمدينةٍ دفعت كل شيء… ولم تفقد القدرة على الحلم.
ما حجم الخسائر التي خلّفتها الحرب؟ ومن سيتحمل عبء إعادة إعمار غزة؟ وهل تكفي مليارات الدولارات لإعادة الحياة إلى مدينةٍ أنهكتها النيران؟
لا تفوّت قراءة: محمد سامي ينافس على لقب أوسم وجه في العالم 2025.. المخرج يتحوّل إلى أيقونة عالمية للجمال
هل يمكن إعادة إعمار غزة بعد دمارٍ بلغت نسبته 84%؟

يمتد قطاع غزة على شريطٍ ساحلي ضيق لا يتجاوز 41 كيلومترًا طولًا، وبعرضٍ يتراوح بين 2 إلى 5 كيلومترات فقط، ومع ذلك فإن الدمار شامل تقريبًا.
بحسب جاكو سيلييرز، الممثل الخاص لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بلغت نسبة الدمار في القطاع نحو 84%، بينما وصلت في مدينة غزة إلى 92%.
وخلال مؤتمرٍ صحفي من القدس، أوضح سيلييرز أن التقييم المرحلي السريع للأضرار والاحتياجات (IRDNA) قدّر إجمالي الخسائر بنحو 70 مليار دولار.
كما أشار إلى أن ما لا يقل عن 20 مليار دولار ستكون ضرورية خلال السنوات الثلاث الأولى لإطلاق عملية إعادة إعمار غزة واستعادة الحد الأدنى من مقومات الحياة.
لا تفوّت قراءة: حين تعزف الحضارات لحنها الأبدي على أرض مصر.. فعاليات مهرجان صدى الأهرامات تجمع أساطير الموسيقى
كم يبلغ حجم الدمار الذي خلّفته الحرب في غزة؟

وفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، دمّرت الحرب أكثر من 300 ألف وحدة سكنية كليًا، وتضررت 200 ألف وحدة أخرى جزئيًا خلال عامين من القصف المكثف.
كما توقفت 25 مستشفى عن العمل من أصل 38 مؤسسة علاجية، إلى جانب تدمير 103 مراكز للرعاية الصحية الأولية، مما شلّ القطاع الصحي بشكل شبه كامل.
ولم تسلم المدارس من الدمار؛ إذ تضررت 95% من مدارس غزة، مما حرم آلاف الأطفال من حقهم في التعليم والاستقرار بعد سنواتٍ من النزاع.
أما على صعيد الخدمات، فقد خرجت 85% من مرافق المياه والصرف الصحي عن الخدمة، تاركةً السكان أمام أزمة بيئية وإنسانية خانقة.
وفي السياق ذاته، أشار المسؤول في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جاكو سيلييرس إلى أن العدوان خلّف 55 مليون طن من الأنقاض، بينما أزيل منها فقط 81 ألف طن حتى الآن.

لا تفوّت قراءة: رحلة هشام نزيه من السينما إلى الموسيقى.. سيمفونية الفراعنة في افتتاح المتحف المصري الكبير
كيف تحوّلت أزمة المياه والصرف الصحي في غزة إلى كارثة إنسانية؟

وفقا لتقديرات اليونيسف، تضرر أو دُمّر أكثر من 70% من مرافق المياه والصرف الصحي، والبالغ عددها نحو 600 مرفق منذ أكتوبر 2023.
ويعدّ معالجة مياه الصرف الصحي أمرًا بالغ الأهمية لمنع تراكم المياه الملوثة وانتشار الأمراض، خصوصًا في المناطق المكتظة بالسكان داخل قطاع غزة.
أفاد الأطباء بارتفاع معدلات أمراض الإسهال والكوليرا بين الأطفال، نتيجة تلوث المياه وصعوبة الوصول إلى مرافق صحية آمنة ونظيفة.
كما تظهر صور الأقمار الصناعية حجم الضرر الذي لحق بمحطة الشيخ عجلين في مدينة غزة، وهي من أهم منشآت معالجة مياه الصرف الصحي.
وفي السياق ذاته، أكد ماهر نجّار، نائب مدير مصلحة مياه بلديات الساحل، أن جميع محطات المعالجة الست في غزة متضررة وبحاجة إلى إعادة تأهيل عاجلة.

لا تفوّت قراءة: قبل الشراء: أيهما أنسب لك؟ مقارنة بين شاومي 17 برو ماكس وآيفون 17 برو ماكس
كم من الوقت تحتاج غزة لإعادة بناء منازلها المدمّرة؟

خلال الحرب، قدّر مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية “يونوسات” أن نحو 282,904 منزل وشقة في أنحاء قطاع غزة قد تضررت أو دمّرت بالكامل.
كما أعلنت بلدية غزة أن ما يقارب 90% من الطرق والبنية التحتية في المدينة قد تضررت، مما جعل التنقل والإغاثة مهمة شبه مستحيلة.
وفي هذا السياق، أوضحت شيلي كولبيرتسون، باحثة السياسات في مؤسسة راند الأمريكية، أن إعادة بناء مساكن غزة قد تستغرق عقودًا طويلة.
وأضافت قائلة: “إذا أعيد البناء بالطريقة نفسها التي تمت في عامي 2014 و2021، فقد يستغرق الأمر نحو 80 عامًا، لكن التخطيط الجيد قد يقلل المدة”.

لا تفوّت قراءة: لأول مرة في التاريخ.. 7 منتخبات عربية حجزت مقاعدها في كأس العالم 2026
كيف أثّرت الحرب على شبكة الكهرباء في غزة؟

قدّر تقييمٌ مشترك للبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أن أكثر من 80% من أصول توليد وتوزيع الكهرباء قد دمّرت أو تعطلت منذ اندلاع الحرب.
وبحسب التقرير، تجاوزت تكلفة الأضرار في قطاع الكهرباء 494 مليون دولار، ما جعل غزة تواجه واحدة من أسوأ أزماتها الطاقوية في تاريخها.
وفي السياق ذاته، أعلنت شركة توزيع كهرباء غزة أن 70% من مبانيها ومرافقها قد دمرت منذ أكتوبر 2023، مما شلّ عمل الشبكة بشكل شبه كامل.

لا تفوّت قراءة: “رسالة إلى السلام” من قلب المتحف المصري الكبير.. ناير ناجي يوقظ التاريخ الفرعوني بالموسيقى
كيف دمّرت الحرب الزراعة في غزة وأتلفت محاصيلها؟

تظهر صور الأقمار الصناعية فوق شرق جباليا دمارًا واسعًا، حيث أبيدت نحو أربعة كيلومترات مربعة من المحاصيل الزراعية خلال الحرب الأخيرة.
ويرجّح أن تكون تلك الأراضي مزروعة بأشجار الزيتون والحمضيات، وهي من أبرز المحاصيل التي يعتمد عليها سكان قطاع غزة في معيشتهم اليومية.
وفي سياقٍ متصل، أظهر تحليل علمي أجراه البروفيسور هي ين من جامعة ولاية كينت أن الزراعة في غزة تعرضت لخسائر غير مسبوقة.
فقد تضرر نحو 82.4% من المحاصيل السنوية وأكثر من 97% من محاصيل الأشجار منذ بدء الحرب وحتى أغسطس من العام الجاري.
لا تفوّت قراءة: من واحات الصحراء إلى ضفاف النيل.. اكتشف أجمل فنادق البوتيك في مصر
كيف أثّرت الحرب على التعليم في غزة؟

كان نحو نصف سكان غزة دون سن الثامنة عشرة قبل الحرب، مما يجعل إعادة بناء المدارس خطوةً أساسية لعودة الحياة الطبيعية في القطاع.
وخلال النزاع، تحوّلت المدارس إلى ملاجئ للنازحين الفلسطينيين، فيما استُهدِف عدد منها بزعم استخدامها كمراكز “قيادة وسيطرة” من قبل الفصائل المسلحة.
وأوضحت وكالة الأونروا، التي كانت تدير 288 مدرسة في غزة، أن 91.8% من المباني التعليمية تحتاج إلى إعادة بناء أو تأهيل شامل لتصبح صالحة للعمل.


