في أزقة المدن العربية، وعلى وقع الإيقاعات السريعة، يولد صوت مختلف؛ صوت يختزل الغضب والحلم والهوية في كلمات جريئة وإيقاع نابض.
هنا، تصعد أشهر مغنيات الراب العربيات إلى المنصة، ليتجاوزن حدود الفن ويحوّلن موسيقاهن إلى منبر للبوح والاحتجاج.
هؤلاء النساء لم يخترن طريق الراب بحثًا عن الشهرة فحسب، بل اتخذنه سلاحًا لمواجهة الصور النمطية، وكسر الصمت عن قضايا مسكوت عنها.
أغانيهن ليست مجرد “تراكات”، بل بيانات ثورية مكتوبة بالإيقاع والجرأة، تعكس نبض الشارع وحكاياته.
فمن هن أبرز مغنيات الراب في الوطن العربي اللاتي أحدثن ثورة في المشهد الموسيقي؟
لا تفوّت قراءة: كيف يحافظ النجوم العرب على لياقتهم؟ هكذا يقضون أوقاتهم في الرياضات المفضلة
فلوكة.. صوت نسائي مصري يعبر بين الضفتين
وسط موجة متصاعدة من موسيقى الراب في مصر، يبرز اسم سارة المسيري، المعروفة فنيًا باسم فلوكة، كأحد أبرز الأصوات النسائية الجديدة التي تمزج ببراعة بين الجذور المصرية والطاقة العالمية.
فلوكة ليست فقط مغنية راب، بل أيضًا شاعرة وكاتبة ومغتربة تعرف كيف تنسج من الاغتراب هوية نابضة بالحياة.
ولدت سارة في القاهرة، العاصمة التي طالما وفت بأنها “هوليوود الشرق”، وانتقلت إلى نيويورك في سن الثامنة عشرة لتبدأ فصلًا جديدًا من حياتها.
وفي الغربة، بدأت تدرك ملامح شخصيتها الفنية، وتعيد تعريف ذاتها، لا باعتبارها فتاة مصرية تقليدية، ولا أمريكية بالكامل، بل مزيجًا يليق بجيل جديد من النساء العربيات.
اختارت لنفسها اسم “فلوكة”، نسبة إلى القارب التقليدي الذي يعبر نهر النيل، رمزًا لهويتها المتنقلة وروحها “اللي راكبة الموجة” كما تقول.
في أول ظهور لها، صعدت فلوكة خشبة “Nuyorican Poets Café” في نيويورك، وهو المكان الذي أطلق شرارة انطلاقتها الفنية.
منذ ذلك الحين، استطاعت أن تترك بصمتها الخاصة على ساحة الهيب هوب المصري.
حيث أصبحت في ذلك الوقت المرأة الوحيدة على قائمة Spotify لراب مصر، إلى جانب أسماء مثل ويجز ومروان بابلو.
لا تفوّت قراءة: مهرجان حصاد المانجو 2025.. أماكن مُذهلة لا تفوّتها أثناء زيارتك الإسماعيلية
شادية منصور: السيدة الأولى في عالم الهيب هوب العربي
تعرف الفنانة الفلسطينية شادية منصور بلقب “السيدة الأولى للهيب هوب العربي”، وهي مغنية راب، مطربة، ومنتجة موسيقية تقدم أعمالها بالكامل باللغة العربية.
وضعت بصمتها الخاصة على خريطة الموسيقى العالمية كصوت نسائي فلسطيني مقاوم.
دخلت شادية عالم الموسيقى في عام 2002، من قلب المظاهرات الشعبية في لندن أثناء سنوات دراستها.
كان أول ظهور علني لها خلال مسيرة احتجاجية ضد الاحتلال غير الشرعي لفلسطين.
وهناك بدأت مسيرتها كفنانة توظف موسيقى الهيب هوب كمنصة لـ”عولمة صوت النضال”، على حد تعبيرها.
منذ ذلك الحين، أصبحت شادية أيقونة لموجة موسيقية واعية، غالبًا ما تكون مشحونة سياسيًا، وتقدم عروضها مرتدية الثوب الفلسطيني التقليدي.
وهو أحد العناصر البصرية التي أصبحت علامة مميزة لها، إلى جانب أدائها الغنائي القوي وأسلوبها الفريد في الراب.
من أشهر أعمالها، أغنية “الكوفية عربية” التي تعاونت فيها مع المنتج العراقي ساندهيل.
وتتناول قضية استيلاء الشركات التجارية على الرموز الثقافية العربية، خاصة الكوفية الفلسطينية ذات النقوش البيضاء والسوداء.
من بين أغانيها اللافتة أيضًا: “كلن عندهم دبابات” – أغنية تحمل رسالة مباشرة عن واقع التفاوت في ميزان القوة، بين من يملكون دبابات ومن لا يملكون سوى الحجارة.
لا تفوّت قراءة: يتمايلن ومعهن الحكايات.. أشهر راقصات الزمن الجميل في مصر
مليكة: صوت المرأة المتمرّدة
مليكة هو اسمها الفني ولكن اسمها الحقيقي لين فتوح، تمكنت من ترسيخ مكانتها في مشهد الهيب هوب الإقليمي والعالمي بوصفها واحدة من أقوى الأصوات النسائية وأكثرها تأثيرًا.
بدأت مشوارها الفني في عمر الخامسة عشرة، ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف عن الأداء، النضال، وكسر الحواجز أمام الجيل القادم من النساء العربيات.
لبنانية جزائرية انطلقت في مسيرة فنية لامست أوروبا والعالم العربي، بأسلوب غنائي جريء، غاضب، مليء بالحياة، ينساب باللهجة العربية الأم.
بالنسبة لمليكة، لا يقتصر دور الهيب هوب على الترفيه، بل هو منصة للتعبير عن قضايا الناس ووسيلة لمواجهة القهر والتمييز. تقول:
“ما يدفعني للاستمرار هو نضال شعبي، ومحاربة الظلم والعنصرية والحرب والجوع. ما دام هناك ظلم، سأواصل الغناء.”
أغانيها تتناول حياتها اليومية، والهموم التي تحيط بها، وهي تدعم القضية الفلسطينية بقوة، إلى جانب قضايا الشعوب المقهورة في العراق وسائر العالم العربي.
وتعبر عن دعمها لوحدة الأمة العربية، وتمكين المرأة، وحرية التعبير، كما تحارب الصور النمطية التي تربط العرب بالإرهاب، والتي فرضها الخطاب الغربي.
من أهم أعمالها أغنية “سامع” التي ترافقها فيديو موسيقي بصري ذو طابع فني عميق. تظهر فيه خلال مشهد بتمثال ملفوف بشريط أبيض، ما يطرح تساؤلات حول حرية التعبير.
لا تفوّت قراءة: 6 مشاريع عمرانية عملاقة جديدة.. كيف يلهم التاريخ مشروعات مصر الحديثة؟
سلطانة ..صوت المرأة المغربية الثائرة
سلطانة ابنة المغرب تعد من أشهر الرابرز العربيات، وتعتبر من الرائدات اللواتي مهدن الطريق لجيل جديد من النساء العربيات وشمال إفريقيات في عالم الراب.
بدأت شهرتها العالمية ضمن فرقة الفتيات المغربية “Tigress Flow”، قبل أن تبرز لاحقًا كفنانة منفردة ذات صوت خاص وحضور قوي.
تميّزت موسيقاها بكلماتها النارية وأدائها الغاضب الذي لا يعرف المساومة.
معروفة بمواقفها الجريئة وانخراطها الصريح في قضايا التغيير المجتمعي، إلى جانب كونها من أبرز الأصوات النسوية في المنطقة.
من أشهر أعمالها أغنية “صوت النسا”، التي تعد بمثابة هجوم فني صريح على واقع النساء في المجتمع المغربي، حيث تدين التحرش في الشوارع والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
للّا فضة.. موهبة واعدة في المشهد الموسيقي
للا فضة، المغنية المصرية-الإيطالية التي بدأت تحدث ضجة في الساحة الفنية في 2025 فهي ليست مجرد مطربة، بل هي مؤلفة موسيقية، كاتبة كلمات، عازفة ومغنية.
ولدت عام 1999، وبدأت رحلتها الفنية من خلال أول أدوارها التمثيلية في مسلسل “البرنس” عام 2020، حيث جسدت شخصية “ليلى”، ومنه انطلقت في عالم الفن.
أطلقت للا فضة مؤخرًا ألبوم بعنوان “مجنون”، والذي تضمن مقطوعات شهيرة مثل “تارات تارات تات”، التي تعتبر أبرز أعمالها حتى الآن.
موسيقاها تمزج بين أنماط متعددة، تشكل خلفيتها المصرية والإيطالية مصدر إلهام حقيقي ينعكس في أعمالها، مانحة إياها أسلوبًا فريدًا يجمع بين الثقافتين.
الجدير بالذكر أن للا تمكنت من تكوين قاعدة جماهيرية واسعة. مؤخرًا، حظيت بإشادة عالمية من النجم الشهير ويل سميث.
الذي علّق على أحد فيديوهاتها واصفًا ما تقدمه بـ”الإبداع”.

لا تفوّت قراءة: إذا كنت مغتربا.. أشهر الأكلات المصرية التي تبقى في القلب بعد السفر ونشتاق لها
أصايل: صوت نسائي سعودي يقتحم عالم الراب بثقة
تعد أصايل، مغنية الراب السعودية والمقيمة حاليًا في جدة، من أبرز الأصوات النسائية الصاعدة في ساحة الموسيقى العالمية.
حيث تمزج بأسلوبها الخاص بين الراب والـR&B والبوب، مستندة إلى خلفيتها الثقافية وتجاربها الشخصية في كتابة كلمات حادة وملهمة.
تتناول موضوعات مثل الثقة بالنفس، والمرونة، والعدالة الاجتماعية.
أطلقت في 2024 أولى أغانيها المنفردة بعنوان “أصليّة” عبر شركة MDLBeast Records. استخدمت فيها لهجة حجازية ومفردات تعكس نضجًا يتجاوز عمرها الفني.
لا تفوّت قراءة: 6 مشاريع عمرانية عملاقة جديدة.. كيف يلهم التاريخ مشروعات مصر الحديثة؟
منى حيدر: صوت نسوي ثائر من دمشق
وسط زحام المشهد الفني الأمريكي، سطح صوت مختلف ومؤثر حملته منى حيدر، مغنية الراب السورية-الأمريكية، التي جعلت من الفن وسيلة للمقاومة، وسلاحًا للحديث عن القضايا المنسية.
ولدت منى في الولايات المتحدة لأبوين سوريين مهاجرين، منذ صغرها وجدت في الشعر ملاذًا للتعبير.
فكانت تنشر قصائدها في الصحف المحلية وتشارك في مسابقات الشعر.
حتى انتقلت تدريجيًا من الشعر المحكي إلى الراب، لتجعل من كلماتها سلاحًا في وجه العنصرية، والتمييز، والسلطة الأبوية.
انطلقت شهرتها العالمية عام 2017 مع أغنية “حجابي”، التي واجهت بجرأة الصور النمطية عن المرأة المسلمة، ووصل صداها إلى قوائم بيلبورد لأهم الأغاني النسوية في التاريخ.
لكن منى لم تكتف بالحديث عن الحجاب، بل وسّعت معاركها الغنائية. مثل أغنية “Suicide Doors”.
فتحت جرحًا عميقًا داخل المجتمعات المهاجرة حين تحدثت عن الانتحار وما يحيط به من وصمة وصمت.
كشك جدتي وأرز وملوخية ماما.. أكلات طيبة منسية تعيد ذكريات طفولتنا مع العائلة
بيري الحريري.. من قلب القاهرة إلى أضواء تايمز سكوير
في حكاية فتاة بدأت الغناء وهي في الثامنة من عمرها، كانت تكره آنذاك مرافقة والدتها المغنية المغربية إلى الاستوديو، إلا أنّ الموسيقى كانت دومًا تحيط بها.
“بيري الحريري”، ابنة الفنان المصري الراحل عمر الحريري، من أصول مصرية ومغربية، ورثت الفن من بيتها.
ومزجت بين الثقافة الشرقية والغربية بصوتها وأفكارها.
انطلاقتها الحقيقية بدأت عام 2020 عندما دخلت عالم الراب بأسلوب مختلف ورسائل واضحة. حين أصدر الفنان تميم يونس أغنية “سالمونيلا”، ردت عليه بيري بأغنية “شيجيلا”، التي واجهت فيها الفكر الذكوري بجرأة.
لم تكن “شيجيلا” مجرد أغنية، بل بداية مشروع فني يحمل رسالة واضحة: دعم النساء وكسر الصور النمطية.
لذلك، لم يكن غريبًا أن تختارها منصة “سبوتيفاي” لتكون من الوجوه الرئيسية في مبادرة EQUAL لدعم المبدعات.
وتظهر صورتها في ميدان تايمز سكوير بنيويورك، كأول مغنية راب مصرية تصل إلى هذا الحضور العالمي.
تعاونت مع أسماء بارزة في عالم الراب المصري، مثل أبيوسف في أغنية “مملكة”، ومع ليل بابا في “بيري تانية”.
تصف نفسها بأنها “نسوية”، ولا تخجل من التعبير عن أن للنساء أيامًا جيدة وأخرى صعبة، وأن من حقهن الإفصاح عن مشاعرهن وتعبهن دون أحكام مسبقة.
