الإمارات تعانق الفضاء: كيف تواصل بناء مستقبلها الفضائي بعد إطلاق قمر محمد زايد؟
من صحراء الرمال إلى فضاء النجوم، تسطّر الإمارات ملحمة من الإبداع والابتكار في مجال استكشاف الفضاء.
منذ بداية الألفية الجديدة، وضعت الإمارات لنفسها هدفاً طموحاً لا يقتصر على استكشاف الفضاء فحسب، بل على تصدر المشهد العالمي في هذا المجال.
في 15 يناير 2025، أضافت الإمارات إلى سجلها الفضائي قمر محمد بن زايد سات (MBZ-Sat)، لتصبح رائدة في مجال تصنيع وإطلاق الأقمار الصناعية متعددة الأغراض.
ويقود مركز محمد بن راشد للفضاء هذه المسيرة بتطورات كبيرة، إضافة إلى أكثر من 180 شركة ناشئة ومركزاً للبحث والتطوير بدعم من حاضنات تقودها الحكومة
واليوم، تستمر الإمارات في تحدي حدود الفضاء بخطى ثابتة، ممهدة الطريق لتحقيق المزيد من الإنجازات التي تسهم في دفع البشرية نحو مستقبل مشرق خارج حدود الأرض.
ليست هذه سوى البداية في رحلة الطموح الإماراتي، التي تجمع بين العلم والإرادة لتكتب فصلاً جديداً في تاريخ البشرية بين الأرض والسماء.
لا تفوّت قراءة: أبل باي في مصر: ماذا نعرف عن خدمة الدفع الجديدة وطريقة استخدامها؟
كم بلغت استثمارات الإمارات في الفضاء؟
بلغت استثمارات الإمارات في القطاع الفضائي 40 مليار درهم خلال السنوات الماضية.
وارتفعت نسبة الإنفاق على البحث والتطوير لمشاريع استكشاف الفضاء بنسبة تناهز 15% مقارنة بعام 2023.
وبلغت النسبة السنوية لنمو عدد الشركات العاملة في هذا المجال في الدولة ما يناهز 30%.
فيما بلغت نسبة تمويل واستثمارات القطاع الخاص في الفضاء 44.3% ما يعزز أهمية القطاع الخاص في قطاع الفضاء.
ويضم القطاع الفضائي أكثر من 180 شركة ناشئة ومركزاً للبحث والتطوير بدعم من حاضنات تقودها الحكومة.
ويوفر قطاع الفضاء أكثر من 3500 وظيفة مباشرة وآلاف الوظائف غير المباشرة في دعم الصناعات مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات والتصنيع المتقدم.
قمر محمد بن زايد سات (MBZ-Sat) صُنع في الإمارات لخدمة البشر على الأرض
مساء يوم الثلاثاء، 14 يناير 2025، أطلق “محمد بن زايد سات”، القمر الاصطناعي الأكثر تطورًا في المنطقة، والذي يحمل اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
جرى إنتاج 90% من الهياكل الميكانيكية للقمر الاصطناعي داخل دولة الإمارات، إضافة إلى جزء كبير من المكونات الإلكترونية.
وشاركت في هذا المشروع شركات إماراتية بارزة مثل ستراتا، وإي بي آي، وروكفورد زيلريكس، وهالكون، فوالكون، والإمارات العالمية للألومنيوم، التي قدمت خبراتها في مراحل التصنيع المختلفة.
بوزن 750 كيلوجرامًا وأبعاد تصل إلى 3 × 5 أمتار، يمثل القمر الاصطناعي “محمد بن زايد سات” نقلة نوعية في تقنيات رصد الأرض.
ويتميز القمر بتطوير شامل في جميع أنظمته، بما في ذلك نظام التصوير الذي يضم واحدة من أكثر الكاميرات دقة في العالم، فضلاً عن سرعة في نقل البيانات بشكل أسرع بأربع مرات مقارنة بالإمكانات الحالية.
كما يتمتع بنظام دفع كهربائي متقدم وهو ما يساعده على توفر صور بدقة عالية، إضافة إلى بيانات دقيقة لدعم الأبحاث والتطبيقات العملية.
يُسهم القمر في العديد من المجالات مثل مراقبة البيئة، وإدارة البنية التحتية، ودعم الجهود الإنسانية في حالات الكوارث، مما يتيح للجهات المحلية والدولية اتخاذ قرارات دقيقة بناءً على بيانات محدثة وموثوقة.
الإمارات ترصد الأرض
يقول علي الهاشمي، الرئيس التنفيذي لشركة “الياه سات” للخدمات الفضائية إن عام 2024 شهد إطلاق “فورسايت-1″، وهو أول قمر اصطناعي إماراتي لرصد الأرض، ويهدف إلى تطوير وتصنيع الأقمار الاصطناعية الرادارية (SAR).
وأوضح أنه خلال عام 2025 سنواصل تعزيز قدراتنا من خلال إطلاق قمرين جديدين هما “فورسايت-2” و”فورسايت-3″، بما يوسع نطاق أسطولنا في هذا المجال.
وتشمل خطتنا تطوير كوكبة من الأقمار الاصطناعية لرصد الأرض يصل عددها إلى 8 أقمار خلال الفترة من 2024 إلى 2026.
إنجازات الإمارات في الفضاء: إطلاق أول قمر صناعي “الثريا 1”
في العام 2000، جرى إطلاق أول قمر صناعي إماراتي يُدعى “الثريا 1″، وهو أول قمر صناعي في الشرق الأوسط.
جرى تصميم قمر الثريا 1 لتطوير خدمات الاتصالات وتوفيرها لمناطق مختلفة حول العالم.
ويغطي القمر الصناعي أكثر من 99 دولة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
يتيح قمر الثريا 1 لمستخدميه الاستفادة من خدمات الاتصالات المتقدمة في أي مكان، بما في ذلك المدن، القرى الريفية، والمناطق البحرية، بأسعار معتدلة.
بفضل قمر الثريا 1، يمكن للمستخدمين في هذه الدول الاستفادة من خدمات الاتصالات غير المنقطعة والمتقدمة، مما يعزز التواصل والتنمية في المنطقة.
وتتضمن الخطط المستقبلية للإمارات إطلاق “الثريا 2” كاحتياطي في حال نفاد سعة القمر الأول أو حدوث أي مشاكل فنية، لضمان استمرارية الخدمات والتحسين المستمر في مجال الاتصالات الفضائية.
لا تفوّت قراءة: ماذا تفعل إذا حُظر تيك توك؟ أفضل 8 تطبيقات بديلة لمشاركة الفيديوهات القصيرة
دبي سات 2: صور فضائية فائقة الدقة
أطلق قمر “دبي سات 2” في عام 2013 بهدف تقديم صور فضائية فائقة الدقة تدعم كل من المؤسسات الحكومية والقطاع التجاري.
ويتميز القمر الصناعي بقدرته العالية على الرصد والمراقبة، مما يجعله أداة مثالية لتلبية احتياجات عملاء القطاع التجاري الذين يتطلبون جودة عالية ودرجة وضوح متناهية في الصور الفضائية.
ويستهدف “دبي سات 2” تحديدًا العملاء المحليين والعالميين في المجالات العلمية والتجارية، حيث يوفر صورًا بصرية إلكترونية دقيقة للاستخدامات المختلفة.
بفضل نظام الدفع المتقدم، يمتلك القمر الصناعي قدرة على التحكم في ارتفاعه عن سطح الأرض وتعديل مساره بشكل أوتوماتيكي في حال حدوث أي انحراف عن مداره الفضائي.
إضافة إلى ذلك، يمتاز “دبي سات 2” بتكنولوجيا مبتكرة تعزز من قدرة التحكم في الدوران، مما يساهم في زيادة سرعته بنسبة 300% مقارنة بـ “دبي سات 1″، مما يجعله قمرًا صناعيًا متطورًا يواكب احتياجات العصر الفضائي المتسارع.
نايف 1: قمر تعليمي يبث رسائل باللغة العربية
جرى إطلاق قمر “نايف 1” في عام 2017 كأول قمر صناعي نانومتري يبث رسائل باللغة العربية.
وهذا يعكس التزام الإمارات بتعزيز التواصل باللغة الأم في الفضاء.
ويختلف “نايف 1” عن الأقمار الصناعية التقليدية بفضل احتوائه على نظام تحكم وتوجيه نشط، مقارنةً بالأقمار الأخرى التي تعتمد على نظام التحكم غير النشط.
جرى تصميم “نايف 1” لأغراض تعليمية بحتة، بهدف تدريب وتنمية مهارات الطلاب في علوم وتكنولوجيا الفضاء.
ومن خلال هذا القمر الصناعي، أتيحت للطلاب الفرصة لتطوير مهاراتهم في تصميم الأنظمة الفضائية، إضافة إلى تركيبها واختبارها وتشغيلها.
وبذلك، أصبح “نايف 1” بمثابة تجربة تعليمية حقيقية، حيث منح الطلاب تدريبًا عمليًا على تصميم وتصنيع قمر صناعي حقيقي.
خليفة سات: أول قمر صناعي بأيدٍ إماراتية
جرى إطلاق “خليفة سات” في عام 2018، ويُعد الأكثر تطورًا في العالم في مجال رصد الأرض عن بُعد.
ما يميز هذا القمر هو أنه أول قمر صناعي يجرى تصميمه وتصنيعه بالكامل بأيدٍ إماراتية وداخل دولة الإمارات العربية المتحدة.
تتمثل مهمة “خليفة سات” في دعم جهود الحفاظ على البيئة، حيث يسهم في رصد التغيرات البيئية محليا ودوليا.
ويقدم القمر صورًا مفصلة للقمم الجليدية في القطبين الشمالي والجنوبي، مما يعزز من القدرة على مراقبة التغيرات المناخية بشكل دقيق.
بالإضافة إلى ذلك، يُستخدم “خليفة سات” في مجموعة متنوعة من التطبيقات الأخرى، مثل التخطيط المدني والتنظيم الحضري، مما يساعد في تحسين استخدام الأراضي وتطوير البنية التحتية بشكل أكثر فعالية.
مسبار الأمل: أول صورة متكاملة للغلاف الجوي للمريخ
في 8 فبراير 2021، وصل “مسبار الأمل” الذي أطلقته الإمارات، إلى كوكب المريخ.
ويكون بذلك أول مهمة عربية تحقق هذا الإنجاز، بعد رحلة استمرت 7 أشهر قُطعت خلالها مسافة 494 مليون كيلومتر.
ويجعل هذا الإنجاز من الإمارات، خامس دولة تصل إلى المريخ.
وسيتيح للمسبار البدء في إرسال بيانات عن الغلاف الجوي والمناخ هناك.
ويتلخص هدف هذه المهمة في دراسة الغلاف الجوي للمريخ وأسباب تآكله.
وسيجرى توفير البيانات التي سيجمعها “مسبار الأمل” للمراكز العلمية والبحثية في العالم.
مشروع مدينة المريخ العلمية: مدينة متكاملة في قلب دبي 2117
أطلقت دولة الإمارات مشروع مدينة المريخ العلمية.
وستكون المدينة الفضائية الأولى من نوعها التي ستتخذ من داخل حديقة مشرف بدبي مقرا لها.
وتقدر تكلفتها 500 مليون درهم على مساحة أرض تبلغ مليون و900 ألف قدم مربع.
وتشكل بذلك أكبر مدينة فضائية يجرى بناؤها على الأرض ونموذجا عمليا صالحا للتطبيق على كوكب المريخ.
مهمة الإمارات لاستكشاف الزهرة وحزام الكويكبات 2028
أعلنت الإمارات عن مهمة فضائية جديدة في 2028، تهدف إلى إرسال مركبة فضائية إماراتية لاستكشاف كوكب الزهرة وحزام الكويكبات.
وتمتد الرحلة 3.6 مليار كيلومتر، تشمل سبع كويكبات وتهبط على آخر كويكب.
وستستغرق المهمة خمس سنوات، من 2028 حتى 2033، وتعزز مكانة الإمارات في استكشاف الفضاء العميق.
ويأتي هذا المشروع بعد نجاح الإمارات في إرسال أول مسبار عربي إلى المريخ في 2021، ليكمل سعيها المستمر في استكشاف أسرار المجموعة الشمسية.
دي إم سات-1: قمر صناعي بيئي
في العام 2021، جرى إطلاق “دي إم سات-1” كأول قمر صناعي بيئي إماراتي.
تركز مهمته على رصد وجمع البيانات المتعلقة بجودة الهواء في الإمارات بعد التأكد من أداء جميع الأنظمة على متن القمر.
ويساهم قمر “دي إم سات-1” في تعزيز مكانة الإمارات بين الدول الرائدة في استخدام تقنيات الرصد الفضائي البيئي على مستوى العالم، ويفتح آفاقًا جديدة لتوظيف تكنولوجيا الفضاء في خدمة الاستدامة البيئية.
واليوم، أطلق مركز محمد بن راشد للفضاء “العين سات-1” في 14 يناير 2025.
ويهدف “العين سات-1″إلى استخدام التكنولوجيا المتقدمة لدراسة وتحليل البيئة الأرضية.
وسيتولى القمر الصناعي إجراء قياسات إشعاعية وتحليل الغطاء النباتي، مما يعزز الجهود الإماراتية في مراقبة البيئة.
MBRSC team monitoring the journey of DMSat-1 towards its orbit with the first signal expected to be received from the satellite at 2:56 pm UAE time.#DMSat1#UAE4BetterEnvironment pic.twitter.com/1JvXkXJnPj
— MBR Space Centre (@MBRSpaceCentre) March 22, 2021
مشروع تطوير محطة الفضاء القمرية
في يناير 2024، أعلنت الإمارات انضمامها إلى مشروع تطوير وإنشاء محطة الفضاء القمرية، بجانب الولايات المتحدة واليابان وكندا والاتحاد الأوروبي.
كما أعلنت إرسال أول رائد فضاء إماراتي وعربي إلى القمر، ضمن المشروع.
وجاء الإعلان بحضور رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، والشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات.
وكتب الشيخ محمد بن راشد: “ستتولى الإمارات تطوير وحدة كاملة ضمن المحطة تزن 10 أطنان”.
وأضاف: “سيتم إنشاء مركز عمليات فضائية في الدولة للمحطة الجديدة.. ومركز عالمي لتدريب رواد الفضاء أيضا على أرض الدولة”.