حريفة السينما.. نجم الزمالك شحاتة أبو كف ينافس الزعيم
نور الشريف أو شخصية “شحاتة أبو كف” الذي كان يلعب كرة القدم منذ صغره وينوى احتراف اللعبة، سينافسه في اللعبة الحريف الزعيم عادل إمام، ويسخن على الدكة أحمد زكي ليرضي جمهور الدرجة الثالثة.. تناولت السينما المصرية كرة القدم عبر عدة أفلام شارك فيها نجوم الصف الأول والثاني، وأحيانًا من غير النجوم، وحرصت هذه الأفلام على تقديم مسحة كوميدية، لكن أكثر هذه الأفلام جدية هو الحريف بطولة عادل إمام، الذي جسد شخصية سعيد الحافي، الحريفة كثيرون في التمثيل والملعب فالكرة “يباصيها” نور الشريف لعادل إمام الذي يمررها لـ يونس شلبي الذي بدوره يعطيها لحارس الأهلي الشهير إكرامي وبعدها تتحرك الكرة بين الزمهلوية ثم يحصل “العالمي” على الكرة.
أكثر الأشياء التي تسعد المصريين، “حاجتين مايختلفش عليهم اتنين، السينما والكورة”.
كيف ينظر المجتمع إلى لاعب الكرة ؟
بدأت موجة أفلام السينما المصرية عن كرة القدم، بنجوم غير متوقعين وهما إسماعيل ياسين ومحمد الكحلاوي في فيلم “كابتن مصر” عام 1955، وكانت قصته حول شاب يعشق كرة القدم ويسعى لتحقيق حلم بأنه يكون لاعب محترف ولكن الأسرة في الماضي كانت ترفض أن يصبح ابنها لاعب كرة أو ممثل لأنها “شغلانة غير مضمونة” ولكن ينجح الشاب في الانضمام لفريق ويسجل انتصارات عدة معها وبعد تأمين مستقبله يبحث عن نصفه الثاني فيقع في حب جارته ويتفق على الزواج ولكن يتدخل شاب ثري ليحاول جذب الفتاة وترك نجم الكرة، وهي التيمة التي سيقتبسها أغلب صناع أفلام السينما التي تناولت كرة القدم.
كرة القدم في السينما
أفلام الكرة لم تكن تلقى رواجًا كبيرًا أو نجاحًا في البداية لأن “لاعيبة الكورة” كما يطلق عليهم المصريين كانوا مجهولين ولا تذاع مباراتهم باستمرار لذا فإن فرصة أن يكون اللاعب نجم شباك يجذب المشاهد كان أمرًا صعبًا، وهو ما دفع بعض الرياضيين للمشاركة في الأفلام من أجل البحث عن الشهرة أو لتأمين أنفسهم ضد هزات الحياة لأن الكرة غير مضمونة وأجورهم كانت زهيدة ويمكن للنادي أن يتخلى عن اللاعب في أي وقت، وقد تكون هذه الأسباب التي دفعت نجم نادي الزمالك الراحل، عصام بهيج، لتقديم فيلم “حديث المدينة” عام 1964 وتدور أحداثه حول نجم كرة شهيرة يتدهور مستواه بسبب معرفته لفتاة مستهترة، وكان هذا الفيلم الوحيد في السينما الذي أداه نجم كرة لأن الباقي يقدمه نجوم سينما. لكن من بعده تغيرت النظرة قليلًا.
أونكل زيزو حبيبي
بعد محاولات إسماعيل ياسين وعصام بهيج، يدخل محمد صبحي على الخط بفيلم “أونكل زيزو حبيبي” مؤديًا شخصية “زيزو” وهو اسم الشهرة الذي حمله نجم الأهلي السابق، عبد العزيز عبد الشافي، في محاولة لاستغلال الاسم للترويج للفيلم كما أنه على وزن اسم نجم الأهلي الأبرز “بيبو” محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي حاليًا، ولكن الفيلم كان عبارة عن فانتازيا كوميدية لن تحدث في أرض الواقع، فيحكي قصة زيزو الضعيف بدنيًا الذي يعد قدوة لابن أخته لذا يحاول أن يصبح نجم كرة فيتناول أعشاب ومقويات فيصبح “لاعب جامد” بلغة السوق في تسليط على تناول اللاعبين المنشطات، لكن الفيلم ينجح بسبب طابعه الكوميدي ولا يركز أحد مع قصة المنشطات، ويستمر نجاح الفيلم لتعرضه القنوات حتى بعد عقود من الإنتاج بسبب رغبة الجمهور في مشاهدته.
حياة لاعب الكرة بطابع أسري
ستتمحور أفلام الكرة فيما بعد حول موضوعات مكررة عن شخص يريد أن يصبح لاعب محترف أو لاعب متميز تأخذ النساء منه صحته بسبب علاقاته النسائية المتعددة، وهي نفس القصة التي سيتناولها فيلم “رجل فقد عقله” عام 1980 بطولة عادل إمام وحارس الأهلي السابق إكرامي، ولكن هذا الفيلم امتاز بطابع كوميدي في ظل حضور مميز لفريد شوقي وكريمة مختار، ويحاول فيه الشقيقان عادل إمام وإكرامي منع أبيهما فريد شوقي الزواج من زوجة ثانية، التي تكشتف الحيلة وتحجز إمام في شقتها لمنعه من لعب مباراة مهمة للأهلي ولكن الجمهور يأتي ليخرجه بالقوة، رافعين إمام على الاعناق مرددًا هتاف جمهور الأهلي الشهير “الأهلي حديد وأنا ركب حديد”، الفيلم يحمسك لمشاهدته لأنه ركز على حياة لاعب الكرة بشكل جديد مع إضفاء طابع أسري كان يمر مرور الكرام في الأفلام السابقة.
وبعد نجاح فيلم “رجل فقد عقله” بعام واحد يظهر في السوق فيلم عنوانه رياضي ساخر “4-2-4” وهي “تريقة” لخطة اللعب الشهيرة “2-4-4” التي تمثل 4 لاعبين في الدفاع ومثلهم في منتصف الملعب وشخصين في الهجوم، الفيلم يخرج من الإطار المعروف عن أفلام الكرة ليتناول زاوية جديدة وهي سيطرة رجال الأعمال على الكرة حتى مع عدم درايتهم بأصول اللعبة، فالفيلم الكوميدي بطولته سمير غانم ويونس شلبي وأمين الهنيدي ولبلبلة وأحمد عدوية، يحكي قصة حب رجل أعمال للكرة، يموت ويتولى ابنه الأمر لكن ابنه لا يعرف أي شيء عن الكرة فيقرر “يمشي كل شيء بالحب” ليظهر لك لاعبون أصحاب “كروش” كبيرة وغير أكفاء ويصمم الابن على إدارته لفريق الكرة بهذا الشكل الفكاهي الكارثي وينجح هذا الفيلم مما ينبه صناع السينما بأن جمهور في انتظار أفلام أكثر عن نجوم الكرة.
شحاته أبو كف نجم الزمالك المنحوس
كل هذه الأفلام لم تترك أثرا كهذا الفيلم، إنه “غريب في بيتي” بطولة شحاتة أبو كف، أقصد نور الشريف، اشتهرت شخصية شحاتة لأن الشخصية كانت أقرب للمصريين عن مختلف الأفلام السابقة وسيظهر اللاعب في نادي الزمالك بعد انحسار الأفلام السابقة على الأهلي فقط، شحاتة شاب من الأقاليم يحضر للقاهرة التي يلقبها من يأتي من الأقاليم بـ “مصر” ليصبح نجم مرموق، ويصطدم شحاتة الذي كان ينطق اسمه بطريقة كوميدية قائلا” شحاااته”، بحيل أهل مصر (المقصود القاهرة) فينصب عليه صاحب شقة ويبيع نفس الشقة لأكثر من شخص في نفس الوقت من بينهم شحاتة ولا يستطيع نادي الزمالك التدخل لإنقاذ شحاتة، ولكن تدخل القصة المحفوظة في الفيلم فيتعرف على سيدة لعوب تسحب طاقته وصحته ولكن تسعى أم محمد (سعاد حسني) التي تسكن معه في نفس الشقة بعد النصب عليهما لإنقاذه من السيدة اللعوب (هياتم) ويقع شحاته في حب سعاد حسني، ويحقق الفيلم نجاح كبير غير متوقع ليظل محفورا في أذهان الجمهور.
الزعيم ينزل الملعب
تفتح النجاحات المختلفة لهذه الأفلام شهية الزعيم عادل إمام فيدخل بعنوان “الحريف” المنافسة و”يرقص” باقي نجوم السينما بفيلم خارج المنافسة لأنه يركز على شخصية حقيقية لنجم كرة شراب يسمى سعيد الحافي، ويخوض هذا اللاعب بطولات في الشارع ويتم طلبه بالاسم ويحصل على أموال مقابل اللعب مع مختلف الفرق، ويظهر عادل إمام في الفيلم شخص عاشق للكرة لكن فاشل اجتماعيًا، تفشل زيجته وتعاني أسرته من الفقر، ورغم درامية الفيلم إلا أن فلسفته علقت في أذهان الجمهور لأنه عكس شخصية قريبة منهم للغاية ولم يتحدث عن نجوم الكرة المحترفين، ويسقط الفيلم الضوء على الفرق بين الاحتراف والهواية وعن تأثير رأس المال في تحويل الكرة من رياضة إلى تجارة، وشهد الفيلم كواليس شيقة بعد أن اختيار مؤلفه بشير الديك ومخرجه محمد خان أحمد زكي للبطولة ولكن الكاتب رجع ورأي أن إمام سيكون أفضل وهو ما سيثير غيرة زكي.
وبعد فقدان أحمد زكي بطولة “الحريف” ونجاح إمام في ذلك، عرفت الغيرة قلب أحمد زكي الذي سيقدم فيلم “الدرجة التالتة” عام 1988، ليحكي عن مشاكل الطبقة المتواضعة التي تحب كرة القدم ويسلط الضوء على الفارق بين جمهور الدرجة التالتة والأولى كباب من المقارنة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة.
العالمي ونبؤة محمد صلاح
وجسد الممثل يوسف الشريف، في فيلم “العالمي” قصة حقيقية للاعب النادي الأهلي، عماد متعب وهذا ما كشف عن الإعلامي كريم حسن شحاتة، حيث وضح أن متعب تعرض للإصابة عام 2003 عندما أصيب أثناء لعبه في الأهلي وظلت الإصابة ملازمة له مدة عام وهو ما حدث تقريبًا مع بطل الفيلم، ولكن في الوقت نفسه توقع البعض أن القصة كان تتنبأ بمحمد صلاح الذي ظهر بعدها بـ 10 سنوات، في المجمل الفيلم رصد قصة بطل يكافح من أجل الوصول لهدفه.
ختامًا، أفلام الكرة تناولت رؤية جديدة قد لا يعرفها الجمهور عن كرة القدم وعالمها والتجارة الخاصة بها، ولكن بعضها نجح وآخر لم يحقق النجاح المعهود، لكن الأكيد أن جميعهم كان بمثابة عين الجمهور في الملعب من خلال لاعبون جدد أمثال عادل إمام وأحمد زكي ويوسف الشريف.