ما بين الحنين إلى الأضواء الفنية الساطعة، والرغبة في استعادة مكانةٍ صنعتها السنوات الذهبية، يعود عدد من نجوم الغناء العربي إلى الساحة بعد اعتزالٍ طويل، محمّلين بذكريات مجدٍ فنيّ وأصواتٍ ارتبطت بعصرٍ مختلف.
من فضل شاكر الذي عاد بخطواتٍ حذرة، إلى مايا نصري ويوري مرقدي وغيرهم من الأسماء التي حاولت إعادة رسم حضورها في مشهدٍ موسيقي تغيّر كثيرًا، تتباين النتائج بين نجاحٍ يوقظ الأمل، وتجارب لم تستطع مجاراة ذوق الجمهور الجديد، وخاصة الجيل زد.
فهل ما يزال الزمن يسمح باستعادة البريق القديم؟ أم أن العودة بعد الاعتزال مغامرة فنية محفوفة بالتحديات الكثيرة؟
لا تفوّت قراءة: ذات مساءٍ في بيت بسيط بالقاهرة.. همست الأم لعبد الوهاب بـ”البوسة في العين تفرق” فصارت أغنية خالدة
“صحاك الشوق” تعيد فضل شاكر إلى صدارة المشهد الغنائي
أعلن فضل شاكر اعتزاله الغناء عام 2012، معتبرًا الفن محرّمًا، وانضمّ آنذاك إلى الشيخ أحمد الأسير، ما أثار جدلًا واسعًا في الوسطين الفني والإعلامي.
وبعد سنوات من الغياب، عاد في عام 2018 بخطواتٍ متردّدة، محاولًا استعادة جمهوره تدريجيًا عبر أعمال محدودة لم تحقق التأثير المنتظر.
لكن صيف 2025 كان مختلفًا تمامًا؛ إذ تحوّل إلى موسم التأكيد الفني لفضل شاكر، بعدما تصدّر المشهد الغنائي مجددًا بثقة ونجاح.
قدّم شاكر مجموعة من الأغنيات التي لاقت رواجًا واسعًا، أبرزها “صحاك الشوق” و”كيفك ع فراقي”، لتصبحا من أكثر الأغنيات تداولًا هذا الصيف.
هذا النجاح الكبير أثبت أن قرار عودته من الاعتزال كان صائبًا، وأن اختياراته الغنائية أعادت إليه مكانته وهويته الطربية الأصيلة.
مزج فضل بين الرومانسية والسلطنة في أداء أعاد للجمهور الحنين إلى زمن الطرب الجميل، مؤكدًا أن موهبته قادرة على عبور السنوات والتجدد بروح العصر.

لا تفوّت قراءة: من واحات الصحراء إلى ضفاف النيل.. اكتشف أجمل فنادق البوتيك في مصر
من “قدّام الكل“ إلى “مش ناطرة”.. رحلة بحث دارين حدشيتي عن النجاح الضائع
على عكس نجاح فضل شاكر، جاءت عودة دارين حدشيتي باهتة، متأثرة بخيارات موسيقية جامدة بدت وكأنها امتداد لعقدٍ مضى بلا تجديد.
أطلقت دارين ألبومًا جديدًا بلا عنوان، مكتفية بنشر ثماني أغنيات عبر “يوتيوب”، في عودةٍ انتظرها جمهورها بعد غيابٍ تجاوز اثني عشر عامًا.
ورغم محاولتها بأغنيتي “قوم من وجي” و”بعدو إلي”، لم تنجح في استعادة بريقها الذي لمع مع أغنية “قدام الكل” التي تجاوزت 9 ملايين مشاهدة على منصة يوتيوب في 2016.
بدت اختياراتها الفنية مكررة، سواء في الكلمات أو الألحان أو التوزيع، ما جعل الألبوم يفتقد روح التجديد التي تواكب ذوق الجمهور الحالي.
انعكس ذلك على نسب المشاهدة الضعيفة، إذ تجاوزت أغنيتها الأعلى “مش ناطرة” بالكاد تسعة آلاف مشاهدة خلال أول أسبوع من طرحها، في مؤشر على فتور التفاعل الجماهيري.
صمت سنة واحدة كان كافيًا ليقلب المشهد.. عودة مروان بابلو المدويّة
في فبراير 2020، صدم مروان بابلو جمهوره بإعلان اعتزاله المفاجئ عبر مواقع التواصل، مبرّرًا القرار بدوافع شخصية ودينية وداعيًا إلى طيّ صفحة الغناء تمامًا.
أغلق حساباته وحذف جميع أغانيه من “يوتيوب”، ليترك خلفه حالة ذهول بين عشّاق الراب المصري الذين اعتبروا قراره خسارة كبيرة للمشهد الفني.
لكن سرعان ما بدأت الشائعات حول عودته، بعدما انتشرت صور له داخل أحد الاستوديوهات، ما أعاد الأمل إلى متابعيه المخلصين.
وفي عامٍ واحد فقط، قلب بابلو التوقّعات رأسًا على عقب بعودته المدوّية عبر ألبوم “الغابة”، الذي تصدّر قوائم الاستماع في مصر والعالم العربي.
جاءت العودة لتؤكّد أن مروان بابلو ظاهرة موسيقية متفرّدة، قادرة على الجمع بين الصمت الاختياري والضجيج الفني الذي يصنعه كل ظهور جديد له.
لا تفوّت قراءة: جمال الأمومة في أبهى صوره.. النجمات الحوامل يتألقن بإطلالات فريدة في المهرجانات
اعتزل وقال “مش راجع”.. لكن “طب أقولك” غيّرت كل شيء
من أبرز القصص الحديثة في الساحة الغنائية المصرية، تأتي حكاية المطرب مسلم الذي أعلن اعتزاله المفاجئ عبر حسابه الرسمي على “إنستجرام”.
أوضح مسلم قراره قائلًا: “هذا المجال لا يناسبني… كل ما أخذته منه وجع قلب من منتج أو صاحب أو حتى حبيب.”
وأكد أنه لن يعود إلا حين يشعر بالحرية والقدرة على تقديم فن صادق نابع من قلبه، ما زاد من تعاطف جمهوره معه.
لكن جمهور مسلم لم يسمح بغيابه طويلًا، فشجع عودته القوية بأغنية “طب أقولك” التي تجاوزت مليوني مشاهدة على “يوتيوب”.
أثبتت الأغنية أن الموهبة الحقيقية لا تغيب مهما كانت الصدمات، وأن الإخلاص الفني قادر على تجاوز الانكسار الشخصي.
كما عزّز مسلم عودته بديو ناجح مع الفنانة المغربية نوال الشافعي بعنوان “مخصماك”، مؤكّدًا استعادته مكانه في المشهد الغنائي المصري والعربي.
لا تفوّت قراءة: قبل الشراء: أيهما أنسب لك؟ مقارنة بين شاومي 17 برو ماكس وآيفون 17 برو ماكس
عقدة نجاح “عربي أنا”.. رحلة يوري مرقدي بين المجد والاختفاء
على عكس كثيرٍ من العائدين، امتلك يوري مرقدي فرصًا وفيرة للاستمرار، لكنه اختار الاعتزال طواعية رغم نجاحٍ فنيّ لافت في بدايات الألفية.
انطلق بقوة مع أغنيته الشهيرة “عربي أنا”، التي كسرت قواعد الأغنية السائدة، وقدّمت اللغة الفصحى في قالب موسيقي عصري وجريء أحدث ثورة فنية.
واصل نجاحه حتى ألبومه الرابع “يا قاسي”، قبل أن يصيبه الاكتئاب نتيجة ما وصفه بعقدة نجاح “عربي أنا” الذي لم يستطع تكراره لاحقًا.
ورغم شهرته الواسعة، قرر الابتعاد كليًا، فهاجر إلى كندا واستقر هناك سبع سنوات، مبتعدًا عن الأضواء والحياة الفنية تمامًا.
عاد بعد انفصاله وزواجه الثاني عام 2015 بألبوم “أنا الموقع أدناه”، الذي حمل بصمات شخصية وتجارب إنسانية عميقة.
لكن الألبوم لم يحقق الصدى المطلوب، فعاد يوري إلى الاعتزال مجددًا بعد جائحة كورونا، مكتفيًا بالتأمل في تجربته الفنية السابقة.
وبعد أربع سنوات من الصمت، أصدر أغنية “شوجر دادي” عام 2024، معلنًا عودته للساحة وفق فلسفة جديدة توازن بين الحرية الفنية وواقعية الجمهور.
لا تفوّت قراءة: “رسالة إلى السلام” من قلب المتحف المصري الكبير.. ناير ناجي يوقظ التاريخ الفرعوني بالموسيقى
ألين خلف.. عودة باهتة!
تُعدّ ألين خلف من أبرز أيقونات عصر الفيديو كليب في مطلع الألفية، إذ بدأت مشوارها عام 1996 بألبومها الأول “خايفة منك”.
لكن انطلاقتها الحقيقية جاءت عام 2000 مع ألبوم “دلع الحبايب”، الذي رسّخ حضورها العربي وأطلق شهرتها الواسعة في لبنان والعالم العربي.
شهدت مسيرتها تعاونًا مثمرًا مع مدير الأعمال جيجي لمارا قبل أن ينفصل عنها ويتولى إدارة أعمال نانسي عجرم، دون أن يتراجع بريق ألين الفني.
واصلت نجاحها بألبومي “لو عندك كلام” و”صدفة”، قبل أن تتوقف عام 2009 بعد انفصالها عن شركة “مزيكا” وابتعادها للتركيز على حياتها العائلية.
دام غيابها عشر سنوات كاملة حتى أعلنت عام 2023 عودتها بأغنيتي “ماتقلي” و”لعيونك إنت”، لكنهما لم يحققا الانتشار المتوقع.
ومنذ عام تقريبًا، كشفت ألين عن تحضيرها ألبومًا جديدًا من إنتاجها الخاص يضم عشر أغنيات، غير أنه لم يرَ النور حتى اليوم.
لا تفوّت قراءة: كم تبلغ تكلفة إعادة إعمار سوريا؟ تحديات مليارية تواجه بلدا أنهكته الحرب منذ 2011
من “أخبارك إيه” إلى حفلات السعودية.. محطات مايا نصري بين الغناء والتمثيل
تُعدّ مايا نصري من أبرز نجمات لبنان في مطلع الألفية، إذ عادت مؤخرًا بعد غيابٍ طويل سببه خلافات قانونية مع شركة روتانا.
سطع نجمها مع أغنية “أخبارك إيه”، التي فتحت أمامها طريق النجاح، لتصبح من أبرز الأصوات اللبنانية في بداية الألفية الجديدة.
بدأت مسيرتها برعاية سيمون أسمر الذي قدّمها للمنتج محمود موسى، مالك شركة ريلاكس إن، فعرّفها بدوره على الفنان حميد الشاعري.
صنع الشاعري بصمته في ألبومها الأول، مانحًا إياها هوية موسيقية مميزة، قبل انتقالها إلى روتانا حيث أصدرت ألبوم “لو كان لك قلب” وثلاثة ألبومات لاحقة.
لاحقًا، اتجهت مايا إلى التمثيل، وهو ما أثّر على مشوارها الغنائي وأدى إلى توقفها عن إصدار أعمال جديدة لفترة طويلة.
تزايدت أعباؤها النفسية حتى أصابها الاكتئاب، فابتعدت تمامًا عن الأضواء، مكتفية بحياتها العائلية وزواجها لسنوات.
لكن القدر كان يُخبئ لها عودة غير متوقعة؛ إذ تلقت دعوة للغناء في حفلات نجوم الألفية بالسعودية، فواجهت جمهورها مجددًا وسط ترحيب كبير.

