ملاذ للفقراء وعابري السبيل: التاريخ يعيد حقبة التكايا في غزة

“أكاد من فرط الجمــال أذوب.. هل يا حبيب فى رضـاك نصــيب .. يا حضرت مولانا” هكذا كان يكتب في أروقتها وفي كل ركن من أركان التكية.. لعلك سمعت اسمها في موقف أو فيلم من الأفلام عندما كان يحب طرف أن يعاير شخص آخر لأكله وشربه دون أن يدفع مالًا .. يتخذ البيت والمكان للراحة دون أن يقدم المقابل.

فهكذا كان معنى “التكية” عند العامة ولكن بالبحث عن لفظها الأساسي فتجد أن الاسم جاء من دعوة إلى “الإتكاء والراحة “اتكاء الصوفية ومنتسبي تلك الأماكن على الله بعد أن توكلوا عليه، فيجدوا فيها رزقهم ومعاشهم وسكنهم، ومن ثم ارتبط مفهومها لدى الناس بدخول كل فقير وغريب ليجد فيها راحته وطعامه ومنامه، ولا مانع أيضَا من نفحات روحانية من أصحاب الذكر، كما وامتد دورها إلى الأدب والشعر، وساحة للمنافسات في المدائح النبوية والقصائد الدينية، كما ضمت بين جنبات بعضها خزائن للكتب والمخطوطات.

التكية كانت جزء من عمارة الخير والمنشآت الدينية وترجع نشأتها إلى العصر العثماني، حلت محل الخنقاوات المملوكية أو الزوايا الذين كانوا يقيمون بنفس المهمة، جاء في وصفها إنها تتألف عادة من حرم للصلاة، وباحة واسعة لتأدية الرقص الصوفي، تحيط بها أروقة وغرف للمريدين والأتباع وأخرى لتحضير الطعام، وقد تضم في جنباتها مقامات وأضرحة لأبرز شيوخها.

عن أشهرها

من أشهر التكايا تكية المولوية، والتي شيدت عام 1321م، وأحيانًا كانت ملجأ للأرامل، إضافة للتكية السليمانية، والتكية الرفاعية ببولاق، وتكية الدراويش بحي السيدة زينب، والتكية البكتاشية أو تكية المغاوري، والتكية النقشبندية التي تعتبر من أهم معالم القدس العثمانية، وفي بغداد الرشيد التكية الخالدية نسبة إلى الشيخ خالد النقشبندي التي أسسها في القرن الـ19،والتي كانت قبلة للطلاب والعلماء حتى بلغت صيتًا واسعًا.

وإذا لا حظت أسماء التكايا نابعة من تأصل جذور الكثير من الطرق الصوفية الشهيرة إلى أصول تركية، نتيجة تبني العديد من الخلفاء العثمانيين المنهج الصوفي والتي كانت من أبرزها الطرق المولوية، والبكتاشية، وكذلك النورسية ذات الطبيعة الخاصة، وارتبطت ارتباطًا وثيقا بالحكام خاصًة المصريين في عهود طويلة خاصة أسرة محمد علي.

التاريخ يعيد نفسه في غزة

إذا نظرنا في حال غزة الأن ومنذ بداية الحرب، نجد أن التاريخ يعيد نفسه في كل التفاصيل فلا مانع أن تعيدها من خلال ظهور التكية من جديد كمفهوم، فقط كمفهوم لإن لا يعد في غزة أماكن أثرية ذات تاريخ تلجأ لها في الحرب، فظهرت تكيات الإطعام أهم الأساسيات الحياة التي يفتقدون لها حاليًا، وذلك بعد نزوح أكثر من مليون شخص من الشمال للجنوب، وظهور أزمة تتعلق بتوفير الطعام اللازم للأسر النازحة.

فانتشرت في جنوب غزة مبادرات خيرية تعمل على تدشين مبادرات وتكيات لإطعام النازحين، ومن أشهر تلك التكيات هي “تكية رفح الخيرية” كمطبخ يعمل الأساس على إطعام الغزيين الوجبة الأساسية كانت العدس.

وبرغم الحرب والمآسي التي حدثت فدائمًا تقدم لنا غزة نماذج في الخير الكثير والكرم والتعاون لدى أهل غزة وخاصة أهالي رفح

للتكايا دورًا في مواجهة تحديات الحياة حين كان يلجأ إليها من يصابون بعاهات نفسية وعصبية وعقلية نتيجة ما أصابهم فكانت تلك التكايا كالمستشفيات للتداوي والعلاج الروحي والنفسي، ولكن في غزة دائما الحديث يختلف.

آخر كلمة: ماتفوتوش قراءة: وتستمر في اغتيال التعليم وإبادة العقول: آفري جلعاد يطالب بحرق الكتب بغزة

تعليقات
Loading...