أبرز تعديلات قانون الإجراءات الجنائية في مصر: مراقبة الهواتف المحمولة وحسابات التواصل الاجتماعي

شهد قانون الإجراءات الجنائية في مصر تعديلات جديدة أثارت نقاشا واسعا داخل مجلس النواب وخارجه، حيث تضمنت السماح بمراقبة الهواتف المحمولة وحسابات التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني في حالات محددة.

هذه التعديلات، التي جاءت ضمن جهود لتحديث القانون الذي يعود تاريخه إلى عام 1875، أثارت تساؤلات حول تأثيرها على خصوصية الأفراد وضوابط تنفيذها.

ومع تدخل رئيس البرلمان المصري لتوضيح المبررات والضوابط المحددة، يبقى السؤال: كيف ستؤثر هذه التعديلات على المنظومة القانونية، وما هي النقاط التي أثارت القلق لدى المواطنين؟

لا تفوّت قراءة: الرئيس العسكري يحكم لبنان: من هو جوزيف عون رئيس لبنان الرابع عشر؟

ماذا جاء في المادة 79 من قانون الإجراءات القانونية؟

صلاحيات النيابة العامة وفق المادة 79

تمنح المادة (79) من قانون الإجراءات الجنائية لعضو النيابة العامة صلاحيات محددة بعد الحصول على إذن مسبب من القاضي الجزئي، وذلك وفقًا لما ورد في الفصل الثاني من الباب الثالث.

ما هي إجراءات الضبط والمراقبة؟

وفقًا للمادة، يمكن للنيابة العامة:

  • إصدار أوامر بضبط الخطابات، الرسائل، البرقيات، الجرائد، المطبوعات، والطرود.
  • مراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية.
  • مراقبة حسابات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي ومحتوياتها غير المتاحة للعامة.
  • الاطلاع على البريد الإلكتروني والرسائل النصية أو المسموعة.
  • ضبط الوسائط الحاوية لهذه المحتويات أو تسجيل أحاديث جرت في أماكن خاصة.

مدة الإذن بالمراقبة والتجديد

تشترط المادة أن تكون مدة المراقبة أو التسجيل أو الاطلاع محددة ولا تتجاوز ثلاثين يومًا. ويجوز للقاضي الجزئي تجديد الإذن لمدة أو مدد مماثلة وفقًا للضرورة.

شروط تطبيق المادة 79

تُطبق هذه الصلاحيات في إطار تحقيقات النيابة العامة في الجرائم التي تتطلب هذه الإجراءات لضمان كشف الحقيقة، مع الالتزام بالضوابط القانونية التي تحددها القوانين المعمول بها.

ما الحالات التي يجرى فيها تطبيق المراقبة وفق المادة (79)؟

شروط المراقبة

تُطبق إجراءات المراقبة الواردة في المادة (79) من قانون الإجراءات الجنائية في الحالات التالية:

  1. ظهور الحقيقة في جريمة:
    • إذا كان الهدف من المراقبة هو كشف الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر.
  2. وجود دلائل قوية:
    • عندما تكون هناك أدلة تشير إلى استخدام المتهم هاتفًا ثابتًا أو محمولًا، أو موقعًا إلكترونيًا، أو وسيلة تقنية أخرى في ارتكاب الجريمة.

صلاحيات القاضي الجزئي وفق المادة 80

وفق المادة (80)، يمكن للقاضي الجزئي، بناءً على طلب النيابة العامة، إصدار أمر بوضع الشخص المتهم تحت المراقبة في حال ارتكاب جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات، شريطة توفر دلائل تشير إلى تورط الشخص باستخدام وسائل تقنية.

ضمانات قانونية

تتطلب هذه الإجراءات وجود إذن مسبب من القاضي، مع الالتزام بتحديد مدة المراقبة وضوابط التجديد لضمان عدم التعدي على حقوق الأفراد دون مبرر قانوني واضح.

رد رئيس البرلمان المصري على مخاوف انتهاك الخصوصية

في ظل الجدل الواسع الذي أثارته تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، وما صاحبها من مخاوف بشأن انتهاك خصوصية المواطنين، خرج رئيس البرلمان المستشار حنفي جبالي بتوضيح حاسم لتهدئة القلق العام.

ضمانات قانونية صارمة

أكد المستشار جبالي أن مراقبة الاتصالات لا تتم على نطاق واسع، مشددًا على أنها لا تُجرى إلا بأمر قضائي صادر من قاضٍ مختص، وبعد استيفاء جميع الشروط القانونية.

عدم المراقبة العشوائية

وأوضح رئيس البرلمان أن إخضاع أي شخص للمراقبة لا يمكن أن يحدث بصورة عشوائية أو غير قانونية، حيث تُطبق هذه الإجراءات فقط وفق ضوابط قانونية مشددة لضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق الأفراد.

رسالة تطمين للمواطنين

يأتي هذا التوضيح في إطار تأكيد البرلمان على التزامه بضمان التوازن بين مقتضيات التحقيقات الجنائية وحماية خصوصية الأفراد.

لا تفوّت قراءة: مصر الأولى عربيا: أقوى 5 جيوش عربية في 2025

الجدل حول تعديلات الحبس الاحتياطي

وافق مجلس النواب على تعديلات شملت المواد (112-124) من قانون الإجراءات الجنائية، الواردة بالفصل السابع من الكتاب الثالث.

تضمنت التعديلات مبررات الحبس الاحتياطي، مدده، وبدائله، مما أثار نقاشًا واسعًا حول بعض البنود التي اقترح نواب إلغاءها.

مبررات الحبس الاحتياطي وفق التعديلات

  • حالة التلبس: إذا كانت الجريمة في حالة تلبس ويجب تنفيذ الحكم فيها فورًا.
  • خشية الهروب: لتجنب احتمالية هروب المتهم.
  • حماية التحقيق: إذا وُجدت خشية من الإضرار بمصلحة التحقيق، سواء بالتأثير على الشهود، أو العبث بالأدلة، أو التعاون مع الجناة لطمس الحقيقة.
  • حماية الأمن العام: لتوقي الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام الذي قد ينتج عن جسامة الجريمة.
  • عدم وجود محل إقامة ثابت: إذا كان المتهم لا يملك محل إقامة معروف في مصر، وكانت الجريمة جناية أو جنحة معاقبًا عليها بالحبس.

النقاط المثيرة للجدل

اقترح النائب محمد عبد العليم داود حذف البند المتعلق بـتوقي الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام، واصفًا إياه بأنه يفتح المجال للتوسع في استخدام الحبس الاحتياطي بشكل مفرط.

موقف الحكومة: الحبس الاحتياطي لا يطبق إلا للضرورة

أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية، أهمية المادة، موضحًا أن الحبس الاحتياطي لا يُطبق إلا عند الضرورة.

وأضاف أن التعديلات تُلزم رئيس النيابة بتسبيب قرارات الحبس الاحتياطي، لضمان الشفافية وتحديد المراكز القانونية للمتهمين.

الحبس الاحتياطي: يجب أن يكون مُسببا

أبرز ما جاء في التعديلات هو اشتراط أن يكون الحبس الاحتياطي مسببًا، مع تقديم تبرير واضح من النيابة العامة للأسباب التي تستدعي تطبيقه، مما يعزز الضوابط القانونية والإجرائية.

السوار الإلكتروني بدلا من الحبس الاحتياطي!

طالب بعض النواب بتطبيق السوار الإلكتروني كإحدى بدائل الحبس الاحتياطي، بهدف تقليل الضغط على السجون وتوفير بديل يحافظ على حرية المتهم مع ضمان متابعته. ومن ميزاته:

  • عدم الحاجة لزيارة المتهم أقسام الشرطة لإثبات حضوره.
  • تعزيز الرقابة دون حجز المتهم فعليًا.

الجدل حول السوار الإلكتروني

رغم الإيجابيات، قوبل الاقتراح برفض من بعض النواب والمجتمع بسبب:

  • انتهاك الخصوصية: اعتبر البعض أن السوار يمثل تعديًا على حرمة الحياة الخاصة.
  • مشكلات تقنية: حالات فقد السوار، تلفه، أو انقطاع الإشارة قد تؤدي إلى تكرار زيارات الشرطة لمنزل المتهم، مما يُعد انتهاكًا لخصوصية الأسرة.
  • تأثير اجتماعي: يخشى البعض من الوصم المجتمعي بسبب استخدام السوار.

مخاوف وتحديات

يرى المعارضون أن تطبيق السوار يحتاج لضمانات قانونية وتقنية صارمة لتجنب التجاوزات وحماية حقوق المتهمين، مع معالجة أي أضرار محتملة على حريتهم الشخصية وحياة أسرهم.

المادة 104 من قانون الإجراءات الجنائية: استجواب المتهم دون محام

شهد مجلس النواب جلسة نقاش طويلة حول المادة (104) من مشروع قانون الإجراءات الجنائية، التي تنص على عدم استجواب المتهم من قبل النيابة العامة إلا في حضور محاميه.

وفي حالة عدم وجود محامٍ، يجب على النيابة أن تنتدب له محاميًا لحضور التحقيقات.

ما مقترح وزير العدل وتبريره؟

اقترح وزير العدل إجراء التحقيق دون حضور محامٍ إذا:

  1. تعذر وجود المحامي.
  2. وافق المتهم على ذلك كتابة.
  3. خوفًا من انقضاء فترة الاحتجاز القانونية.

وأوضح الوزير أن الهدف من التعديل هو معالجة الحالات التي يصعب فيها توفير محامٍ، مع الحفاظ على حقوق المتهم.

رفض المقترح بسبب شبهة عدم دستورية

رفض المجلس مقترح وزير العدل بسبب تعارضه مع المادة 54 من الدستور، التي تنص على:

  • عدم جواز التحقيق مع المتهم إلا في حضور محامٍ.
  • إلزام الدولة بانتداب محامٍ في حال عدم وجود محامٍ خاص للمتهم.
  • توفير المساعدة اللازمة لذوي الإعاقة وفقًا للإجراءات القانونية.

الصياغة النهائية للمادة 104

وافق المجلس على المادة (104) بصيغتها الأصلية، والتي تنص على:

تقدير أتعاب المحامي المنتدب: يصدر المحقق بعد انتهاء التحقيق أمرًا بتقدير أتعاب المحامي المنتدب، استنادًا إلى جدول أتعاب معتمد من وزير العدل بعد التشاور مع مجلس النقابة العامة للمحامين، وتُعامل هذه الأتعاب معاملة الرسوم القضائية.

إلزام حضور المحامي أثناء التحقيق: لا يجوز لعضو النيابة استجواب المتهم أو مواجهته بغيره من المتهمين أو الشهود إلا في حضور محاميه.

انتداب محامٍ عند الحاجة: في حال عدم وجود محامٍ خاص أو عدم حضوره، يلتزم المحقق بندب محامٍ من تلقاء نفسه.

إجراءات إبلاغ المحامي: يحق للمتهم أو محاميه تسجيل اسمه في محضر التحقيق أو في القلم الجنائي للنيابة أو إدارة مكان الاحتجاز.

حق المحامي في تقديم الطلبات: للمحامي أن يثبت دفوعه وطلباته وملاحظاته في محضر التحقيق.

لا تفوّت قراءة: إيران تخطط لإنشاء عاصمة جديدة بدلا من طهران: أين تقع مكران وماذا نعرف عنها؟

تعليقات
Loading...