ما يستحق القول: فلسطين ليست قضية افتراضية بل قضية القضايا
مع فجر يوم السابع من أكتوبر بتاريخ 2023، انطلقت المقاومة الفلسطينية بعمليات ضد إسرائيل بشكل غير متوقع للعالم كله حتى على الموساد الإسرائيلي، الذي قيل عنه أنه “أخطر جهاز مخابرات في العالم” وشنت هجومًا بريًا على غلاف غزة، في عملية “طوفان الأقصى” وكبدت إسرائيل خسائر على كل المستويات، في يوم قيل عنه إنه تاريخي في القضية الفلسطينية.
وبعد الحرب التي ردت بها إسرائيل على قطاع غزة “السيوف الحديدية” في معركة أصبحت غير متكافئة الأطراف أو بمعنى أصح من طرف واحد، يستهدف فيها المدنيين الفلسطينين من الأطفال والنساء، ووضع حصار شامل ومنع الوقود والكهرباء وصعوبة الوصول للاحتياجات الغذائية، في محاولة لتطبيق أسلوب العقاب الجماعي وارتكاب جرائم حرب.
من بداية تلك اللحظة “فجر يوم السابع من أكتوبر” ولحد وقتنا هذا، أصبح حديث العالم الأول والأهم عن ما يحدث في غزة، وبحكم قوانين ومصطلحات السوشيال ميديا التي فرضتها علينا التكنولوجيا، فأصبحت الحرب على قطاع غزة بالـ “تريند”.
ما حدث على مواقع التواصل الاجتماعي
وبدأ كل من يمتلك حساب على مواقع التواصل، أن يشارك فيه على طريقته، إما بنشر مقاطع توضح مدى العنف والمأساة التي تعيشها غزة، ومنهم من يصنع محتوى تضامني مع أهالي غزة ويعرف العالم بحجم الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ومنهم من يقدم محتوى تعليمي وتوعوي عن القضية، ومنهم من تكتفي بنشر الأخبار، والبعض الآخر، يحاول أن يطوع مهنته أو وظيفته حتى تتماشى مع الأحداث، فشاهدنا مثلًا مصنعًا للملابس بدأ في تصنيع كوفيات فلسطيين، وبعض محترفين الطبخ صنعوا كعكات مرسوم عليها العلم، والبعض رسم وشم، وبعض خبراء التجميل رسموا علم فلسطين على وجوههم، كنوع من أنواع التضامن، وكلًا يتضامن على طريقته أو من ووجهة نظره أو من أجل ركوب التريند!
ما نريد أن نقوله
ما نريد أن نقوله باختصار شديد، أن القضية عمرها أكثر من 100 عام، منذ “وعد بلفور”، لإنشاء وطن لليهود 1917، التي منحت بموجبه بريطانيا أرض فلسطين التي لا تملكها لإسرائيل وسمي الوعد ” أعطى من لا يملك لمن لا يستحق”، ومنذ عام 1948 النكبة التي تم فيها تهجير الفلسطينيين قسرًا وتركوا كل شيء ورائهم ولم يتبقى معهم سوى “المفتاح” مفتاح بيوتهم ذكراهم الوحيدة ووقتها تم تأسيس دولة إسرائيل وبعدها توالت الحروب والانتهاكات.
وبالتالي فلسطين ومايحدث فيها ليس بـ”تريند” سيأخذ وقته ويختفي كأي تريند آخر، أو ننساه بمجرد نهاية الحرب أو وقف إطلاق النار، فهو ليس بحدث عارض أو مؤقت نرجع بعده لممارسة حياتنا الطبيعية على منصات التواصل الاجتماعي، لإنه ببساطة قضية والقضية لا تنتهي إلا بحلها وعودة صاحب الحق لأرضه، وبما أن الاحتلال ما زال باقي يمارس انتهاكاته وجرائمه فستظل فلسطين قضية نتوارثها، ويجب ألا نختذلها في هاشتاج أو تريند.
فالاستمرار في دعم القضية ليس مؤقتًا، والمواقف والاتجاهات التي شكلتها خلال عشرين يومًا من الحرب يجب أن تستمر معك وأن تصبح تفكيرًا دائمًا لك تتصرف على أساسه، ولنعلمها لأولادنا ليحفظوا ويعلموا أن التاريخ يعيد نفسه! ومن لم يتعلم من أخطاء الماضي يجرفه الحاضر والمستقبل.
فنشرك عن القضية معناه أنها تعبر عن مبادئك، وأنك مؤمن بها ومؤمن بأن فلسطين أرض مغتصبة، وليس لأنه حدث عاصرناه في زمن التكنولوجيا، فظلوا تابعوا بالحرارة نفسها ولا تملون لأن الوضع يزداد سوءًا.