قد تظن أن خرخرة قطتك مجرد تعبير عن الراحة أو الدلال، لكن خلف هذا الصوت الرقيق عالم من الإشارات والمشاعر المعقدة.
الخرخرة ليست فقط همهمة لطيفة تصدرها القطط أثناء النوم أو المداعبة، بل هي وسيلة تواصل دقيقة، بلغة لا نسمعها بقدر ما نشعر بها.
لطالما حيّرت خرخرة القطط العلماء ومحبي الحيوانات، فهي لا تقتصر على لحظات السعادة، بل تظهر أحيانًا في مواقف الألم، التوتر، أو حتى عند طلب الدعم. فما الذي تعنيه فعلًا؟ وكيف يمكننا فهمها والرد عليها بلغة تفهمها القطة وتشعر بها؟
هنا، نستعرض أسرار خرخرة القطط من منظور علمي وسلوكي، ونكشف كيف تتحول هذه النغمة الخافتة إلى أداة تواصل وعاطفة… بل وربما علاج.
لا تفوّت قراءة: أشهر 15 أغنية عربية استحوذت على قلوب المستمعين في يونيو ويوليو 2025
كيف تُنتج القطة صوت الخرخرة؟ اكتشف الآلية الخفية وراء هذا الصوت الساحر

قد يظن البعض أن الخرخرة تصدر من الحبال الصوتية، لكنها في الحقيقة ناتجة عن آلية مختلفة. وتبدأ الخرخرة من عضلات الحنجرة التي تنقبض وتنبسط بشكل متكرر وسريع خلال التنفس.
تنشط هذه العضلات بمعدل يتراوح بين 20 إلى 30 مرة في الثانية الواحدة دون انقطاع. تُحدث هذه الحركات تقطعًا منتظمًا في تدفق الهواء أثناء عمليتي الشهيق والزفير.
ومن هذا التقطع المتناسق، تتكوّن ذبذبات صوتية منخفضة التردد تُعرف بالخرخرة المميزة. وهكذا، تُصدر القطة صوتًا هادئًا ومستمرًا، يعكس حالتها النفسية أو الجسدية في اللحظة نفسها.
هل تخرخر القطة لأنها سعيدة؟ إليك ما تقوله بلغة الصمت

يتفق الخبراء على أن أكثر أسباب الخرخرة شيوعًا هو شعور القطة بالراحة والطمأنينة. تظهر الخرخرة في لحظات مثل الاستلقاء بحضن صاحبها أو النوم في مكان دافئ وآمن. كما تخرخر أثناء التربيت على جسدها، أو بعد تناول وجبة تُشبع جوعها وتمنحها ارتياحًا.
في تلك اللحظات، تستخدم القطة الخرخرة كلغة غير لفظية تعبّر بها عن ثقتها وهدوئها. وبحسب مركز كورنيل لصحة القطط، تظهر الخرخرة بوضوح في بيئات خالية من التهديد.
وتختلف الخرخرة من قطة لأخرى في شدّتها ونمطها حسب الطبع والحالة النفسية. وهكذا، لا تُعد الخرخرة مجرد صوت، بل رسالة حب واطمئنان تفهمها القطة بطريقتها.
هل تخرخر القطة لأنها جائعة؟ عندما يتحول الصوت إلى وسيلة للطلب
ليست كل خرخرة علامة على السعادة، فبعض القطط تستخدمها بطريقة مختلفة تمامًا. وفي لحظات الجوع، تدمج القطة نغمة عالية تُشبه بكاء الطفل داخل خرخرتها المعتادة.
ووفق دراسة بريطانية من جامعة ساسكس عام 2009، تُعرف هذه الحالة بـ”الخرخرة المختلطة”. وتتميز هذه الخرخرة بترددات مختلفة تهدف لجذب الانتباه وتحفيز الإنسان على الاستجابة.
والغرض غالبًا هو الطعام أو التفاعل الفوري، خاصة من المربي المقرّب إليها. ويُعد هذا السلوك مثالًا رائعًا على قدرة القطط على تكييف أصواتها حسب المواقف.
لا تفوّت قراءة: كيف بدأ الساحل الشمالي؟ رحلة من مصايف العجمي ومارينا لمدن الجيل الرابع ورأس الحكمة
هل تخرخر القطة لتُعالج نفسها؟ تعرّف على خرخرة الشفاء الذاتي

قد تكون الخرخرة أكثر من مجرد صوت، فهي أداة شفاء ذاتي مثيرة للاهتمام علميًا. وتشير الدراسات إلى أن تردد خرخرة القطط يتراوح بين 25 و150 هرتز.
وهذه الترددات تساعد على التئام العظام وتعزيز كثافتها بشكل ملحوظ. كما تُخفف من التهاب المفاصل وتحفز إنتاج الكولاجين وتجدد الخلايا التالفة.
ليس هذا فحسب، بل تساهم الخرخرة أيضًا في تقليل الألم المزمن وتحسين الحالة الجسدية. ولهذا، يقترح العلماء أن القطط طورت الخرخرة كوسيلة للبقاء والصحة طويلة الأمد. ورغم ساعات الراحة الطويلة، نادرًا ما تُصاب القطط بهشاشة العظام أو تصلب المفاصل.
هل للخرخرة علاقة بالأمومة؟ لغة خفية بين القطة وصغارها

عند الولادة، تبدأ القطة الأم في الخرخرة فورًا، حتى قبل تنظيف صغارها. وتهدف هذه الخرخرة إلى طمأنة المواليد الجدد ومنحهم شعورًا بالأمان والدفء.
الصغار، رغم عدم قدرتهم على السمع أو الرؤية، يستشعرون اهتزازات جسم الأم. وهكذا، يتعرفون على وجودها من خلال الذبذبات المألوفة التي تصدرها وهي بقربهم.
المفاجأة؟ تبدأ الهررة الصغيرة في تقليد الخرخرة خلال يومين إلى ثلاثة فقط! وخلال الرضاعة، تستمر الخرخرة لخلق إيقاع مشترك يعزز الترابط العاطفي بين الأم وصغارها.
لذا، فالخرخرة ليست مجرد صوت، بل لغة أمومة فطرية تبني الثقة والتواصل منذ اللحظات الأولى.
لا تفوّت قراءة: 6 مشاريع عمرانية عملاقة جديدة.. كيف يلهم التاريخ مشروعات مصر الحديثة؟
هل تخرخر القطط عندما تشعر بالخوف؟ عندما يتحول الصوت إلى وسيلة للتهدئة

نعم، تخرخر بعض القطط في مواقف الخوف أو التوتر، وقد يبدو ذلك مفاجئًا للكثيرين. وتظهر الخرخرة أحيانًا في غرفة الطبيب البيطري أو أثناء وجود القطة في علبة السفر.
كما قد تخرخر بعد التعرّض لإصابة أو في لحظات الفقد والعزلة. وفي هذه الحالات، لا تعبّر الخرخرة عن سعادة، بل تُستخدم كآلية للتهدئة الذاتية.
يشبه هذا سلوك الإنسان عندما يُهمهم أو يغني بهدوء لتقليل التوتر والانزعاج. وهكذا، تُظهر الخرخرة مرة أخرى قدرتها على التكيّف مع المشاعر المتناقضة لدى القطط.
لا تفوّت قراءة: الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني: كيف قادت ثورة الفن والثقافة في العالم العربي؟
هل يستفيد الإنسان من خرخرة القطط؟ صوتٌ لطيف بتأثيرات علاجية مذهلة

نعم، ليس القط وحده من يستفيد من الخرخرة — بل الإنسان أيضًا! وتشير الدراسات النفسية إلى أن صوت خرخرة القطط يُحسّن الحالة المزاجية للبشر.
فهو يساعد على خفض ضغط الدم وتهدئة مشاعر القلق والتوتر بشكل ملحوظ. كما يساهم في تقليل هرمونات التوتر مثل الكورتيزول وتعزيز الشعور بالراحة.
إضافة إلى ذلك، تُحفز الخرخرة إفراز السيروتونين، المعروف بـ”هرمون السعادة”. ومن هنا، بدأت بعض العيادات في أوروبا استخدام “القطط المعالِجة” في العلاج النفسي.
يُستخدم هذا الأسلوب مع الأطفال وكبار السن ضمن برامج العلاج بالحيوانات الأليفة (Pet Therapy). وهكذا، تتحول القطة إلى شريك فعّال في دعم الصحة النفسية وتحقيق التوازن العاطفي للإنسان.