لأجل عيون أم كلثوم: زيارتنا لدار الكتب والوثائق القومية
دار الكتب والوثائق القومية صرح كبير يضم آلاف المقتنيات من مخطوطات ووثائق وكتب وأرشيف يعود لآلاف السنين، لخدمة الكتاب والباحثين والهواة في البحث عن غير المألوف، قررت أن أذهب لغرض ما؛ وهو حصولي على مقالة بعينها كتبت عن مصممة أزياء أم كلثوم “مدام فاسو” تحكي فيها عن تصميمها لفساتين الست.. ماذا وجدت خلال رحلتي التي استمرت حوالي 4 ساعات؟
في بداية دخولك يتم تبديل بطاقتك بكارت برقم معين سيكون هو بمثابة بطاقتك وهويتك في المكان، وقبل دخولي لهدف البحث في قاعة الدوريات قسم الأرشيف تصادفت بغرفة حديثة خاصة للمكفوفين.
الغرفة تضم كتب ومجلدات مكتوبة بطريقة برايل وبرامج ناطقة على الأجهزة مسجل عليها كتب مسموعة، المكان هو من يقوم بتسجيلها، عدد الزائرين -حسب كلامي مع المسؤولة هناك- محدود جدًا برغم إنه عُرف بوجود مكان خاص لهم في دار الكتب، المكان يقدم أيضًا ورش تعليمية تابعة لاتفاقية ديزي بالتعاون مع جمعية الجايكا اليابانية ووزارة الاتصالات ومكتبة الاسكندرية، لتزويد رصيد المكفوفين وتحويل الكتب لمسموعة أو مقروءة ببرايل.
“عند مدام عفاف في الدور الرابع “
بعد خروجي من قاعة المكفوفين اتجهت لقاعة الدوريات للبحث عن المقالة، أثناء دخولي القاعة قابلت سيدة ورجل مسؤولين عن تسجيل البيانات وتوجيه الزائرين، وعلى غير العادة كنت متفائلة ومشرقة على رحلة البحث، ولكن بعد ما شرحت ما ابحث عنه وانتهيت من كلامي قال المسؤول “هو أنتي مالك متفائلة كده ليه؟” .. بتضحكي ليه؟” والسيدة تعيد نفس الكلام، كانوا متقمصين شخصية “كله رايح”، اعتبرت تلك الكلمة إشارة أو رسالة إنني لن أحصل على أي شيء، أو بالمعنى المصري ” هخرج قفايا يقمر عيش”.
بعد ما أخبرتهم بأنني أريد مجلة “آخر ساعة” في السبعينات علمت أن المجلة كلها مترقمنة على الكمبيوتر في قاعة الدوريات الرقمية في الدور الثالت، تحمست واتجهت للقاعة وووجهتني المسؤولة عن المكان للجلوس على جهاز بعينه، بغض النظر عن أني انتظرت في حدود النصف ساعة حتى أستطيع الدخول على الموقع الخاص بالأرشيف، واتضح لي أنه يتم الدخول بطريقة معينة ولكن لم تخبرني عنه المسؤولة عملًا بمبدأ ” اعتمدي على نفسك مفيش حاجة بتيجي بالساهل”.
وبعد ما تمكنت من الدخول للموقع بحثت عن الأعداد الخاصة بمجلة آخر ساعة واكتشفت أن المرقمن لديهم أعداد محدودة من فترة الثلاثينات وليس السبعينات، وقالت المسؤولة ” بس عندك جرائد تانية زي الأهرام واللطائف المصورة والمصور” اطلعت على بعضهم من باب العلم بالشيء، ولمست حجم الاختلاف بين المحتوى الذي كان يقدم أيام أجدادنا والمحتوى الحالي، وأكتر ما لفت نظري إعلانات الزواج المنتشرة “سيدة مطلقة تبحث عن زوج محترم تقبل العيش معه في أي مكان… شرط حسن المظهر”، حاولت تصوير بعض من لقطات المجلة ولكن التصوير بالموبايل ممنوع “اللقطة أي الصفحة الواحدة ب5 جنيه”
قررت النزول مجددًا لقاعة الدوريات لأخبرهم أنني لم أحصل على المطلوب، وبعد محاولات دخلت لغرفة “الميكروفيش” وهذا أشبه بالميكروفيلم ولكن مسطح، محول عليه بعض النسخ الورقية، تضعها على جهاز قاريء لها، جلست وأنا استخدم ميكروفيش تلو الآخر أشاهد فقط ضبابة سوداء، والكلام يحتاج لأربعة مكبرات حتى تراه، وكله عبارة عن ظلال لصور وأشخاص، ومطلوب منك أنك تتخيل ما المكتوب وتتخيل الشخصيات، ما لمحته فقط كلمة “أم كلثوم”، وبعد ما يأست خرجت للمسؤولة “ها إيه الاخبار” ؟ رديت: “ماشوفتش حاجة من الميكروفيش ده، إيه المشكلة إني أخد النسخة الورقية ؟” وكانت متفهمة لدرجة كبيرة.
كتبت طلب بتاريخ العدد بالشهر والسنة تخمينًا لإنك بالطبع لن تستطع معرفة الشهر والسنة بالتحديد، كنت على استعداد أن ابحث في كل الشهور ولكن أنت تمتلك عدد استعارات معينة في الأسبوع، ولكن بعد ما مضيت على طلب انتظرت حتى جات لي المسؤولة ومعها العدد المطلوب، وقالت لي بذوق “لو احتاجتي أي حاجة تاني قوليلي” قلت في قرارة نفسي وصلت لما أريد، جلست لأتصفح أكتر من 3000 ورقة وإذ بعنوان المجلد ” مجلة روزاليوسف” ؟؟ روز اليوسف؟؟ بجد؟ بقالي أكتر من ساعتين بدور ويجي لي روز اليوسف؟”.
امتصيت غضبي وقررت ألا أعيد المجلد وأن أبحث عن أي شيء له علاقة بالست، ولكن نظرًا لإن المجلد كان في فترة السبعينات فكانت معظم الأخبار سياسية، فقرأت عن حريق القاهرة وعن الحرق الكبير الذي طال شارع الهرم وبعض الملاهي.
حاولت التقاط بعض الصور من المجلد لكنني لم أكن اعلم أنه ممنوع وعقوبته محضر وسحب التيلفون، وإذا أردت التصوير فالورقة بـ 9 جنيه بعد تقديم طلب.
بعد ما يأست في الحصول على المقال قررت مغادرة المكان، لا أخفي حقيقة الأمر إن معظهم متعاونين خاصًة السيدة المسؤولة عن القسم، ولكن بالطبع ستقابل من يحاول تعسير الأمور ومن سيقدم لك المساعدة.. لكن “كله لأجل عيون الست”.