في عيد الصحافة العراقية ال١٥٣.. ماضي عظيم ومستقبل مجهول
بيحتفل الصحفيين في العراق يوم 15 يونيو من كل سنة بعيد الصحافة العراقية واللي بيتزامن مع ذكرى صدور أول صحيفة عراقية سنة 1869، وده سبب اختيار التاريخ ده كعيد للصحافة سنة 1969. الوالي مدحت باشا هو مؤسس أول جريدة عراقية باسم “زوراء” سنة 1869، وفضلت الصحيفة الرسمية لولاية بغداد لحد ما احتل الجيش البريطاني بغداد سنة 1917.
تأسيس نقابة الصحفيين
سنة 1932 وجه مجلس الوزراء العراقي خطاب إلى وزارة الداخلية لتشكيل نقابة للصحفيين، إلا إن الموضوع أتنسى ساعتها لحد ما اجتمع أصحاب الصحف في العاصمة بغداد لمناقشة النقابة والرقابة سنة 1944 وقرروا تشكيل نقابة للصحفيين في بغداد، وفعلًا أتأسست نقابة الصحفيين العراقيين في 15 أكتوبر سنة 1959، واللي مرتبطة بجريدة الزوراء اللي بتُعتبر اللسان الرسمي باسم النقابة.
تاريخ عريق للصحافة العراقية
الصحافة العراقية هي واحدة من أعرق مدارس الصحافة في المنطقة العربية ويمكن في العالم كله، وتاريخها يعتبر شاهد على تقلبات السياسة في بلاد الرافدين.
وزيّ ما قولنا، يوم عيد الصحافة كان بيتزامن مع يوم صدور أول صحيفة في 15 يونيو 1869، وهي “زوراء” اللي بعض المؤرخين بيقولوا إن نطقها وكتابتها بالألف واللام “الزوراء” خطأ. ده غير إن الباحث العراقي “السيد رزوق عيسى” صاحب مجلة “المؤرخ” أشار في مقالة منشورة بمجلة “النجم” الموصلية الصادرة سنة 1934 إن أول صحيفة ظهرت في بغداد كانت “جورنال العراق” اللي أنشأها الوالي “داود باشا الكرخي” اللي تولى منصب الولاية سنة 1816، وكانت بتطبع في مطبعة حجرية وبيتعلق نسخ منها على جدران دار الإمارة، وللأسف مفيش أي نسخة من “جورنال العراق”، لا في المتحف البريطاني، ولا في المؤسسات العثمانية.
صحافة عراقية متنوعة بلغات مختلفة
عرف العراقيين الصحافة بأشكالها المختلفة من أول القرن العشرين، بصحف زيّ “العرب” و”الأوقات البغدادية” اللي كانت بتصدر بالإنجليزي و”الموصل” و”نجمة كركوك” وكانت تصدر بالعربية والتركية في كركوك، و”مرآة العراق” بالعربي والإنجليزي في الموصل وصحيفة “تقدم السليمانية” باللغة الكردية في السليمانية.
الصحف كانت بتصدر في بغداد بشكل أساسي وبعدين انتشرت في البصرة والموصل، ومن بين أشهر الصحف اللي ظهرت في الحقبة الحكم الملكية في العراق، زيّ “البلاد”، و”الاستقلال”، و”لسان العرب”، و”دجلة”، و”الرافدين”، و”الأمل” و”الزمان”، و”الأخبار”، و”الإخاء”، و”الأهالي”، و”الرأي العام”، و”الطريق”، و”الكرخ”، و”شط العرب”، وغيرها.
المؤرخ السيد عبدالرزاق الحسني أشار إن عدد الصحف والمجلات اللي صدرت بين 1908 و1923 هو 90 مجلة و213 صحيفة بين سياسية وأدبية وفكاهية.
بعد قيام النظام الجمهوري
في 14 يوليو 1958، تم الإطاحة بالنظام الملكي وقام النظام الجمهوري في العراق، وبعد قيام النظام الجمهوري خدت العراق خطوات كبيرة نحو تشكيل الاتحادات والنقابات المهنية نتيجة التطورات الإيجابية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحفية، وأتفتح الباب على تأسيس النقابات والجمعيات والمنظمات المهنية بشكل لم يشهد العراق له مثيل في السابق.
كتاب الموسوعة الصحفية لفائق بطي بيحكي إن 45 صحفي اجتمعوا في نادي المحامين في بغداد وأتفقوا على اختيار لجنة تأسيسية لنقابة الصحفيين وضمت 11 صحفي من كبار الصحفيين.
أزمة الصحافة العراقية ما بعد ٢٠٠٣
أتواصلنا مع د. طارق زياد وهو ناقد وأكاديمي عراقي وسألناه عن وضع الصحافة العراقية النهارده واللي بيعيشه الصحفيين، وقال إن الصحافة العراقية في عيدها الـ153 بتموت بسبب كم الدخلاء على المهنة من غير الصحفيين؛ وهو اللي أفقدها كتير من هيبيتها وغاب عنها الاحترافية بسبب غياب دور خريجي الإعلام والصحافة، وإن ده مع الوقت خلى المسئولين في مختلف مؤسسات الإعلام العراقي عبارة عن أشخاص ما لهمش علاقة بالصحافة أو الإعلام، وختم كلامه وقال إن التحدي قدام الصحافة العراقية دلوقتي هو رجوعها من تاني للحرفية والتخصص، وبالتالي ترجع لمكانتها العالمية والعربية.
أما الناقد والأكاديمي العراقي، د. عراك غانم، فقال لنا إن الصحافة الحرة ركيزة أساسية لأي مجتمع ديمقراطي وبتبقى صمام أمان لحماية مستقبل أي مجتمع. د.عراك قال كمان إن في ٢٠٠٣ العراق أتحول من حكم الحزب والصوت الواحد لأحزاب وأصوات متعددة وصحافة متنوعة، لكنها للأسف مرتبطة -في أغلبها- بدكاكين الأحزاب السياسية اللي أساءت للصحافة وشرف مهنتها.
وكمل د.عراك كلامه وقال إن بالنظر للوضع الاستثنائي والظروف اللي بيمر بها العراق، فحرية الصحافة العراقية مهددة، خصوصًا بعد حوادث الاغتيال لكتير من الصحفيين وتهديد صحفيين تانيين بالقتل والتصفية، وده دفع الصحفيين العراقيين إنهم يعيشوا برا بلدهم.
كمان قال لنا إن التحدي الكبير اللي بتواجهه الصحافة العراقية هو في ضحالة المحتوى المنحاز للطائفة، ده غير المحتوى الرديء اللي مالوش علاقة بالصحافة، وختم كلامه بالدعوة لوقفة جادة لتقييم الوضع اللي بتمر به الصحافة والصحفيين العراقيين.