“عيرني كتفك”.. حكاية بيوت الأقواس في حارات الشام
في الشام، ودمشق تحديدًا، وإنت ماشي بين الشوارع والحارات هتلاقي بين البيوت أقواس، كإن كل قوس جسر بين بيتين، وانتشرت حكايات كتير عن أصل المعمار ده، لكن ألطف حكاية وأشهرهم هي حكاية جاية من مشاعر الحب والإيخاء والتعاطف من قلوب الشعب لبعضه، خصوصًا خلال فترة الاحتلال العثماني اللي زود بين الشعب نفسه مشاعر التعاطف والتكافل.
الحكاية حسب رواية الأجداد بتعود لمئات السنين، وابتدت لما راجل بسيط في دمشق كان بيجهز لجواز إبنه، لكن حالته المادية مكانتش تسمح بشراء بيت جديد ليه، وبيته كمان حجمه ميسمحش بوجود غرفة للشاب، فقرر يبني الغرفة على السطح لكن بردو مساحته منفعتش، فراح لجاره ومن خجله قاله جملة “عيرني كتفك” واللي معناها إنه يسمحله ياخد كتف منزله علشان يبني بينه وبين بيت الراجل غرفة يقدر الشاب يتجوز فيها، ووافق الجار بسماحة شديدة. وفعلًا تمت إقامة الغرفة بين البيتين في الحارة اللي أساس معمارها علي هيئة أقواس، وبقت الحكاية دي منتشرة في دمشق لحد ما أطبقت في بيوت كتيرة على شكل الأقواس.
الحرفيين في فن الزخرفة وصفوا طرق بناء الغرف دي بإنها بتتبني على جدارين متقابلين من الحجارة اللي بتنتهي بقوسين صغيرين، وبتسمي في أماكن كتير بـ “سورية” أو “قناطر”، لكن هنا بيتم بنائها حجر حجر لحد ما تتلاقى بوسط الزقاق على شكل قوس، وبتتميز من برا بالشباك الخشب الطويل اللي بيظهر علي الزقاق مباشرًة بشكل طولي.
أما جدرانها فكانت زمان بتتعمل من الطين والحجارة، وبتتميز من جواها بالبساطة، وأصحابها يقدروا يزينوها بنقوش بسطة أو بالدهان، وبابها بيطل علي غرف النوم لمنزل الأهل في الطابق الثاني إذا كان البيت واسع، أو بيتم صنع سلم مستقل من الأرض ليها، لو بيت الأهل حجمه صغير.
وبالرغم من التطور العمراني اللي حصل من وقتها لحد دلوقتي، البيوت دي قدرت تحافظ علي رصانتها، ولسة موجودة لحد دلوقتي بتزين شوارع وبيوت الشام.