8 مشاهد من عملية تسليم الأسرى: فيلم سينمائي صامت يحمل رسائل مشفّرة
على منصة مجهّزة بعناية، وفي مشهد أقرب إلى لقطة سينمائية مدروسة، وقفت حركة حماس لتسليم ثلاثة أسرى ضمن صفقة تبادل حملت أكثر من مجرد أرقام.
لم يكن الأمر مجرد عملية تسليم واستلام، بل لوحة درامية مشبعة بالرموز والإشارات، بعضها واضح للعيان، وبعضها يستدعي تحليلًا دقيقًا لفك شفراته.
كل تفصيل في المشهد بدا وكأنه جزء من سيناريو مخطط له – بداية من الموقع الذي جرت فيه العملية، إلى تعابير الوجوه، وصولًا إلى ردود الفعل الإسرائيلية والدولية التي أظهرت انقسامًا حادًا.
إسرائيل، بدورها، حاولت تمرير رسائلها الخاصة عبر مراسم تبادل الأسرى، لكنها اصطدمت بجدار من الرفض والغضب، سواء داخل حدودها أو خارجها.
في الدفعة السادسة من صفقة تبادل الأسرى، حيث أُطلق سراح 369 فلسطينيًا مقابل ثلاثة رهائن، كان السؤال الأكثر إلحاحًا: من تمكن من فرض روايته، ومن خرج خاسرًا في معركة الرموز والمشاهد؟
لا تفوّت قراءة: أحمد الشرع كما لم تعرفه من قبل.. كواليس وحكايات تُكشف لأول مرة
مشهد سينمائي على شواطئ غزة: الأسير الإسرائيلي ألكسندر تروفانوف يصطاد السمك
في ظل محاولات إسرائيل المستمرة لتحديد مواقع الأسرى، ظهر مفاجئًا الأسير الإسرائيلي الروسي ألكسندر تروفانوف، يتجول على شاطئ غزة، يصطاد السمك وكأنه في مشهد سينمائي.
نشرت حركة حماس مقطع فيديو للأسير خلال نزهة بحرية قبل الإفراج عنه، استجابةً لطلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وظهر تروفانوف في حالة جيدة، يرمي الحجارة في البحر، يتناول الموز، ويكتب بالعبرية على ورقة بيضاء.
جاء الإفراج عنه ضمن المرحلة الأولى لاتفاق وقف إطلاق النار، والذي يركز على إطلاق سراح النساء والأطفال وكبار السن والمرضى.
ورغم أن اسمه لم يكن ضمن القائمة، أُضيف احترامًا للرئيس بوتين.
عند إبلاغه بقرار الإفراج، ردد الأسير “الحمد لله.. الحمد لله”، وصافح عناصر حركة حماس، في لحظة وثّقت مشاعر متباينة بين الأسر والحرية.
مصر في الصدارة: منصة غزة تتزين بالأعلام العربية للمرة الأولى
في مشهد صامت لكنه يحمل دلالات قوية، ظهرت أعلام بعض الدول العربية لأول مرة خلال تسليم المحتجزين الإسرائيليين ضمن الدفعة السادسة من عملية تبادل الأسرى.
برز العلم المصري كالأكبر بين الأعلام الأخرى، واحتل أكثر من موقع على المنصة، مما يعكس دور مصر المحوري في الملف الفلسطيني.
تفاعل رواد مواقع التواصل مع المشهد، معتبرين أنه يعيد للأذهان لحظة استسلام الضباط الإسرائيليين أمام الجيش المصري قبل خمسين عامًا، حيث كان العلم المصري حاضرًا في الخلفية.
كما حمل المشهد رسالة واضحة من حماس، تعبيرًا عن وفائها للدول والشعوب العربية الداعمة، والتأكيد على أن فلسطين عربية، وأن غزة جزء لا يتجزأ من الأرض العربية.

لا تفوّت قراءة: 9 أسئلة تلخص لك المشهد: ماذا جاء في لقاء ترامب والملك عبدالله الثاني؟
حماس تسلّم الأسرى بزي وأسلحة الجيش الإسرائيلي في مشهد استعراضي
ارتدى عناصر قوات النخبة في حماس زي جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي جرى الاستيلاء عليه خلال عملية 7 أكتوبر 2023، إلى جانب الأسلحة التي غنمتها المقاومة.
خلال تسليم ثلاثة محتجزين من قطاع غزة، ظهر عناصر الفصائل الفلسطينية وهم يرتدون الزي العسكري الإسرائيلي.
من بين الأسلحة التي رفعتها كتائب القسام، برزت بندقية (إم بي 5)، التي تستخدم عادةً من قبل وحدات النخبة الإسرائيلية.

السنوار حاضر في مشهد تسليم الأسرى: عبرنا مثل خيط الشمس
على منصة تسليم الأسرى، برزت جملة “لا هجرة.. إلا للقدس” بجانب صورة تعكس معاني الصمود، يظهر فيها شخص جالس على كرسي، وأمامه فتحة في الجدار يخرج منها طفل يحمل علم فلسطين متجهًا نحو قبة الصخرة.
المشهد استلهم من الصورة الشهيرة ليحيى السنوار أثناء لحظة اغتياله، حيث كان ممسكًا بعصاه، ليظل الحاضر الغائب حتى في اختيار موقع التسليم، القريب من منزله.
أسفل المنصة، علّقت صور لمسيرات المقاومة في غلاف غزة، تعلوها رموز المثلث الأحمر، الذي أصبح أيقونة للنضال العربي. كتبت عليها عبارة “عبرنا مثل خيط الشمس” باللغات الثلاث، في رسالة توثق مسار المقاومة المستمر.
“الوقت ينفذ”.. رسالة الساعة الرملية في صفقة الأسرى
قبل بدء مراسم التسليم، وضعت كتائب القسام ساعة رملية على المنصة، مرفقة بصورة عيناف تسنغاوكر، المتحدثة باسم عائلات الأسرى الإسرائيليين، مع ابنها المحتجز.
أسفل الصورة، كتبت عبارة “الوقت ينفذ”، في إشارة واضحة إلى الضغوط الزمنية التي تحكم مفاوضات التبادل.
لم تكن الساعة مجرد رمز، بل سلّمتها “القسام” إلى أحد الأسرى الإسرائيليين الثلاثة، لنقلها لاحقًا إلى الحكومة الإسرائيلية، تأكيدًا على الرسالة المتكررة منذ أكثر من 15 شهرًا: الزمن ليس في صالح الاحتلال.
لا تفوّت قراءة: الخارجية المصرية تضع النقاط على الحروف: لا للوطن البديل.. لا لتهجير الفلسطينيين.. القدس الشرقية العاصمة الأبدية
هدية من القسام: قطعة ذهبية لابنة الأسير الإسرائيلي المولودة بعد أسره
وفقًا لوسائل إعلام عربية وفلسطينية، قدّمت كتائب القسام هدية غير متوقعة للأسير الإسرائيلي ساجي ديكل حن، الذي يحمل الجنسية الأمريكية.
الهدية كانت قطعة ذهبية مهداة لابنته، التي وُلدت بعد أربعة أشهر من أسره خلال عملية 7 أكتوبر 2023.
هذه الخطوة أضافت بعدًا إنسانيًا في سياق عمليات تبادل الأسرى، لتثير تساؤلات حول الرسائل التي أرادت المقاومة إيصالها.

قادة المقاومة حاضرون في مشهد تسليم الأسرى: نحن الجنود يا قدس فاشهدي
وسط الرسائل الرمزية التي حملتها منصة غزة، اختُتم المشهد بصور قادة بارزين في المقاومة الفلسطينية ممن استشهدوا خلال الحرب.
تقدمت الصور شخصية القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، وقائد لواء خانيونس رافع سلامة، إلى جانب شخصيات أخرى تركت بصمتها في المقاومة العسكرية.
على الصور، كتبت عبارة مؤثرة بثلاث لغات: “نحن الجنود يا قدس فاشهدي”، رسالة توثق استمرار المقاومة رغم التضحيات.
“لا ننسى ولا نغفر”.. إسرائيل تتوعد الأسرى الفلسطينيين بحركة طفولية
على عكس المشاهد المحكمة التي تقدمها حماس خلال تسليم الرهائن، بما تحمله من رسائل رمزية قوية، خرجت إسرائيل بمحاولة لإرسال رسالة، وُصفت داخل دولة الكيان الصهيوني وخارجها بأنها تصرف طفولي.
نشرت هيئة البث العبرية صورًا مهينة للأسرى الفلسطينيين قبل إطلاق سراحهم.
أجبرتهم مصلحة السجون الإسرائيلية على ارتداء قمصان مكتوب عليها “لا ننسى ولا نغفر”، تتوسطها نجمة داود، في تهديد واضح بالملاحقة بعد الإفراج عنهم.
لكن المشهد لم يكتمل كما أرادت إسرائيل، فقد أضرم الأسرى النار في تلك القمصان فور وصولهم إلى خان يونس، في ردّ رمزي على محاولة إذلالهم.