راقص الباليه ما بين الواقع والحكايات الساحرة على المسرح
يرتبط معنى الكريسماس بالنسبة ليا بعروض باليه “كسارة البندق” اللي بتتعمل في دار الأوبرا المصرية، بلبس البدلة وأتشيك وأطلب الأوبر وأروح أتفرج على الراقصين والراقصات بيحكوا مع ألحان الموسيقى وميل أجسامهم حكاية غاية الجمل عن كلارا؛ الأميرة الشابه اللي بتعيش مغامرة مبهجة مع فارسها الوسيم اللي كان في مطلع الليل لعبة كسارة بندق، وما بين الرقصة الأسبانية والعربية والصينية والروسية ورقصة الفالس، اللي بتختتم المسرحية، بعيش تجربة الباليه السحرية.
في فورة المسرحية والناس مسحورة بجمال الموسيقى والرقص ومأخوذة ببراعة الراقصين والراقصات وجمالهم، كنت بفكر في المجهود اللي بيتطلبه إتقان رقصة بالروعة دي، الراقص بالذات بيضحي بإيه علشان يتحول جسده لعمل فني بديع في إيقاعاته وتمايلاته الشجية مع الموسيقى، وازاي بتتولد القصة داخل جسد الراقص في مجتمع شرق أوسطي عنده نظرة معيبة ناحية الرقص، وبالذات لما اللي يكون اللي بيرقص راجل.
وعلشان أفهم أكتر عن تجربة الراجل في رقص الباليه، تواصلت مع راقص الباليه والراقص المعاصر ومدرب الرقص المصري، محمد الجمل، 26 سنة، خريج المعهد العالي للبالية قسم تصميم وإخراج، وبيرقص في فرقة الرقص المعاصر، وبيدرب الراقصين والراقصات الصغيرين في مدرسة تنمية المواهب في دار الأوبرا.
بيقول الجمل عن دخوله مجال الرقص المعاصر: “عندنا في الباليه تلات فرق رقص هي؛ الرقص الحديث، وفرقة فرسان الشرق، وفرقة الباليه،” وبيضيف: “وعندك الاختيار عايز ترقص في أنهي فرقة، وعلشان أنا بحب الرقص جدًا بكل أشكاله وأنواعه حبيت أدرب على الرقص الكلاسيكي وفي نفس الوقت أرقص رقص معاصر كنوع من التغيير والتجديد.”
سألت الجمل إذا كان بيواجه أي مشاكل في مجاله كراقص وقال: “كراقصين بنواجه مشاكل من أنواع مختلفة؛ أولًا كونك راقص مايعتبرش في مجتمعنا حاجة مهمة،” وعن رد فعل المجتمع ناحية كونه راقص بيقول: “أحيانًا بتقابل ناس أول ماتعرف إنك راقص بتستخف وتقول حاجات زيّ إيه ده إنت بقى بترقص بحيرة البجع وبتقف على طراطيف صوابعك وبتاع، وكل الكلام السخيف ده، وطبعًا دي من الحاجات اللي بكون مفتقد فيها الثقافة،” وبيضيف الجمل: “نفسي رد فعل المجتمع ناحية الراقصين يكون أفضل.”
سألت الجمل عن المجهود اللي بيحتاجه الراقص علشان يتحول لجزء من سيمفونية المسرحية الراقصة فقال: “كراقصين بنقابل مشاكل نفسية وجسدية بسبب ضغط الشغل والإرهاق، وده لإننا بنعمل بروفات وتدريبات وتحضيرات كتير جدًا، وده مرهق وبيأثر على الراقص سواء في شغله أو في حياته الخارجية،” وبيضيف: “بس عمومًا بالنسبة للعروض والبروفات والتعب الجسدي والإرهاق النفسي، فدي كلها حاجات بنتشربها من أيام الدراسة في المعهد العالي للباليه.”
أتكلم الجمل عن المشاكل اللي بيواجهها الراقصين في دار الأوبر المصرية فقال: “الراقص مش بياخد حقه زيّ ما ناس في مجالات تانية بتاخد حقها، والعقود المبدئية هنا قليلة جدًا فمش بتحقق معيشة كريمة للراقص ومش بتضمن له مستقبل مستقر،” وبيوضح: “خصوصًا كمان إن عمر الراقص زيّ عمر لاعب الكورة، هو مش هيفضل يشتغل طول حياته. في وقت معين مش هينفع يرقص تاني بعده، والوقت اللي بيرقص فيه هو وقت شبابه اللي المفروض يؤسس فيه حياته.”
بيقول الجمل عن الفرق ما بين الباليه الكلاسيكي اللي بيخرج عروضه وبيدرس راقصينه وراقصاته، والرقص المعاصر اللي بيرقصه: “في معهد البالية بنتعلم كل حاجة عن الرقص في العالم، زيّ الرقص الأسباني والرقص المجري والإيطالي وغيرهم من الرقصات اللي بنسميها “رقصات الشعوب”، بالإضافة للبالية الكلاسيكي.” وبيوضح الجمل: “الرقص المعاصر جاء من تطور الباليه وهو مشتق منه، ولكن الفرق إن الباليه له قواعد كلاسيكية أما الرقص المعاصر مالوش قواعد.”
لما يكون الرقص هو مجال شغلك، بتتحول حياتك كلها لرقصة كبيرة سواء في الدراسة أو في التدريبات والبروفات والتحضيرات أو حتى في حياتك الشخصية، بيسيطر الباليه عليك بشكل كامل وبيتلبس حياتك كلها، وفي السياق ده بيقول الجمل: “حياة الراقص بتُستهلك بالكامل في الرقص، وعلشان كده لازم تلاقي حاجة تلهيك أحيانًا عن ضغط الشغل، فأنا مثلًا بلعب كورة وبحبها جدًا، وعندي بزنس خاص بس في المجال برضه،” وبيوضح: “بشتغل في كل مستلزمات الباليه وبستورد حاجات من روسيا وألمانيا والصين، وعندي مصنع صغير بعمل فيه حاجات للباليه المصري.”
إلى جانب شغل الجمل في فرقة الرقص المعاصر وتدريب الراقصين والراقصات الصغيرين في تنمية المواهب، هو بيرقص في مسرحيات وعروض كتير وأخرج حاجات مختلفة، زيّ باليه كسارة البندق وسندريلا وبحيرة البجع وغيرهم، وبيقول الجمل إنه ممكن في الموسم الواحد يعمل أربع عروض رقص مختلفة.