دفاعًا عن القضايا.. مناضلات عربيات خلدهن التاريخ بحروف من نور
في وقت أراد أن يتحول كل شعب عربي لمشروع مناضل وشهيد في وجه الاحتلال حفاظًا على أرضه وكرامته وطمعًا في حياة أكرم لأولاده، حمل التاريخ العربي أسماء سجلت بحروف من نور، لمناضلات عربيات، واجهن الموت دفاعًا عن القضايا التي آمن بها، دون التفكير في العواقب، فالوطن بالنسبة لهم كان أكثر قيمة من الحياة.
جميلة بوحريد – الجزائر
واحدة من أشهر المناضلات العرب، وأيقونة الثورة الجزائرية، بعد تعليمها المدرسي التحقت بمعهد للخياطة والتفصيل، وأتقنت فن التطريز، لكنها في عشرينياتها فضلت الالتحاق بالعمل النضالي، والانضمام إلى جبهة التحرير الوطني للنضال ضد الاحتلال الفرنسي عام 1954 ثم التحقت بصفوف الفدائيين، وكانت أول المتطوعات لزرع القنابل في طريق الاستعمار الفرنسي، وأصبحت بذاك المطاردة الأهم لديهم.
ألقي القبض عليها عام 1957، بعدما أصيبت برصاصة في الكتف لتبدأ رحلتها القاسية من التعذيب، وقالت حينها جملتها الشهيرة الخالدة: “أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام لكن لا تنسوا إنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة” وبعد 3 سنوات من السجن تم ترحيلها إلى فرنسا وقضت هناك مدة ثلاث سنوات ليطلق سراحها مع بقية الزملاء.
أثارت قضيتها سخط العالم وتدخلت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة من أجل تأجيل إعدامها وإلغائه فيما بعد، ثم عدل إلى السجن مدى الحياة وخرجت من السجن بعد تحرير الجزائر، ألهمت جميلة الكثير من السينمائيين والشعراء والفنانين وقاموا بتصوير مقاومتها وشجاعتها من أجل الحرية والكرامة.
زينب الكفراوي – مصر
أيقونة المقاومة الشعبية النسائية ببورسعيد، الفدائية البورسعيدية زينب الكفراوى، اسمها في أعلى قائمة المقاومة في ذلك الوقت، عندما سُجلت في قوائم الفدائيين كأول سيدة تنضم إلى المقاومة الشعبية، بدأت في النضال وهي عمرها 15 عامًا أثناء العدوان الثلاثي على المدينة الباسلة عام 1956، تمتلك تاريخًا مشرفًا في سجلات الفدائيين بمنطقة القناة، وتحديدًا بمحافظة بورسعيد.
بدأت بتوزيع المنشورات لحث المواطنين على مقاومة الاحتلال، شاركت فى عدد من البطولات في مواجهة العدوان الثلاثي والاحتلال البريطاني الفرنسي، أبرزها المساعدة فى إخفاء الضابط البريطانى “مير هاوس”، ابن عمة ملكة بريطانيا، حيث لعبت دورًا هامًا فى عملية إخفائه، قامت بأخطر عملية لنقل أسلحة وقنابل من مخبأ سري إلى القوات المصرية، وشاركت في حملة لجمع التبرعات من المواطنين، لتسليح الجيش المصري.
ابنة الفدائية قالت أن والدتها عاشت طوال عمرها تقاوم الظلم والفساد والأخلاق غير الحميدة، قالت ” كانت تذهب إلى الشارع أسفل المنزل وتكنس القمامة، لتبعث رسالة إلى السكان بضرورة مقاومة القبح والبحث عن الجمال”
ليلى خالد – فلسطين
“مقاومة حق مشروع للشعب الرازح تحت الاحتلال، ومن حق الشعب ابتداع أشكال المقاومة” هذا ما قالته ليلى خالد التي لم تنعم بسنوات هادئة وسعيدة في حياتها سوى سنواتها الأربعة الأولى، عندما كانت طفلة تلهو بين الحدائق المحيطة ببيتهم حتى انقلب كل شيء حولها. حسب تصريح لها سابقًا.
وبعدها وقت النكبة لم تتذكر ليلى عن هذا الوقت إلا القليل ككلمة والدتها: “سنرحل”، حيث بيت عائلة والدة “ليلى” في لبنان الذي يتضمن بستانًا لأشجار البرتقال، جرت “ليلى” وإخوتها نحوها ليقتطفوه لكن والدتهم صرخت بوجههم قائلة: “هذا البرتقال ليس لكم.. ما يخصنا هناك في حيفا”.
فقالت ليلى “ظل هذا الموقف في عقلي يذكرني بأن ليس لدينا شيء هنا.. وكل ما نملكه تركناه في فلسطين”.
ومن هنا بدأت ليلى مناضلة ضد الاحتلال الإسرائيلي، اتخذت الاسم الحركي شادية أبو غزالة تيمنًا بأول مناضلة فلسطينية تسقط شهيدة بعد حرب 1967، التي وضعت لها الكاتبة البريطانية، سارة إيرفنج، كتابًا كاملًا تحت عنوان “ليلى خالد أيقونة التحرر الفلسطيني، وعضوة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تعتبر أول امرأة تقوم بخطف طائرة، في أغسطس 1969 حيث قامت بخطف طائرة شركة العال الإسرائيلية وتحويل مسارها إلى سوريا، بهدف إطلاق سراح المعتقلين في فلسطين، ولفت أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية.
دلال المغربي – فلسطين
فتاة فلسطينية لقبت بـ”عروس يافا” ولدت في مخيم اللاجئين صبرا القريب من بيروت في أعقاب النكبة، في عام 1978 كانت المقاومة الفلسطينية تمر بفترة عصيبة، تمثلت بفشل معظم عملياتها العسكرية وبتعرض مخيماتها في لبنان لمذابح وحشية. ولهذا السبب قام أبو جهاد بالتخطيط لعملية انتحاريةٍ في تل أبيب، كان يلزم تنفيذ هذه العملية تطوع إحدى عشر شخصًا، فكانت دلال المغربي أول هؤلاء المتطوعين، حيث تم اختيارها كرئيسة للعملية، وعرفت الفرقة بفرقة دير ياسين.واستشهدت في العملية برفقة مقاومين آخرين.
قال عنها الشاعر نزار قباني إنها “أقامت الجمهورية الفلسطينية، ورفعت العلم الفلسطيني، ليس المهم كم عمر هذه الجمهورية، المهم أن العلم الفلسطيني ارتفع في عمق الأرض المحتلة على طريق طوله 95 كيلومترًا في الخط الرئيسي في فلسطين”.
سناء محيدلي – لبنان
مناضلة لبنانية من مواليد عنقون بقضاء صيدا في جنوب لبنان، كانت أول فتاة فدائية قامت بعملية استشهادية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان.
عملت سناء في محل لبيع شرائط الفيديو غرب بيروت، حيث سجلت عدة أشرطة للشهيد وجدي صايغ، الذي نفذ عملية استشهادية على أحد حواجز جيش الاحتلال، كما كان هذا المحل الصغير، شاهدًا على تسجيل الوصية الأخيرة لسناء محيدلي، التي طلبت من خلالها تسميتها (عروس الجنوب)، وبعدها قادت سيارتها البيضاء، صباح التاسع من أبريل عام1985، محملة بأربعمائة كيلو جرام من المواد المتفجرة، حيث قامت بتفجير نفسها عند معبر جزين، وسط تجمع لآليات جيش الاحتلال الإسرائيلي، مخلفة خسائر مادية وبشرية.
وفي مساء اليوم الذي نفذت فيه العملية أطلت على اللبنانيين عبر شاشة تلفزيون لبنان لتعلن وصيتها بنفسها والتي قالت في جزء منها: “أحبائي إن الحياة وقفة عز فقط، أنا لم أمت بل حية بينكم.. كم أنا سعيدة وفرحة بهذه الشهادة البطلة التي قدمتها…. لا تحزنوا علي.. لا تغضبوا علي لأني خرجت من البيت دون إعلامكم… أنا لم أذهب لكي أتزوج ولا لكي أعيش مع أي شخص بل ذهبت للشهادة الشريفة … وصيتي هي تسميتي عروس الجنوب”.
احتفظت إسرائيل بأشلاء محيدلي حتى العام 2008، حين تمت إعادة رفاتها بعد صفقة تبادل الأسرى، التي جرت بين حزب الله وإسرائيل ليتم دفنها في مسقط رأسها في عنقون.