الثوب الفلسطيني: حكاية وطن تُطرز بالخيط وتُنقش في الذاكرة

لم يكن الثوب الفلسطيني مجرد زي تقليدي، بل لوحة تنطق بتاريخ صاحبته، وسجلًا يعكس ملامح القرية التي تنتمي إليها، ومرآة لحياتها ووضعها الاجتماعي. كانت المرأة الفلسطينية تنسج على ثوبها قصة عمرها، فصار التطريز جزءًا لا يتجزأ من هويتها.

فما إن تتجاوز الفتاة الفلسطينية عتبة الطفولة، حتى تبدأ رحلتها مع الإبرة والخيط، تبدأ الفتاة في حياكة حكايتها على أثوابها.

لا تفوّت قراءة: مدينة جنين: شوكة مقاومة ما زالت تؤرق الكيان الصهيوني وتاريخ عريق في النضال الفلسطيني
الثوب الفلسطيني النابلسي .. من روح أزياء الشام ودمشق

يرجع اختيار الثوب الفلسطيني في مدينة نابلس إلى طبيعة الحياة التجارية والانفتاح على بلاد الشام، حيث كانت التنقلات بين المدن الشامية تؤثر في الأزياء المحلية.

لذلك، نلاحظ أن ثوب نابلس يشبه إلى حد كبير الأزياء التراثية المنتشرة في دمشق وبلاد الشام، إذ كانت المرأة النابلسية ترتدي عباءة وتغطي وجهها.

ويضاف إلى هذا المظهر ألوان وتطريزات غنية بخيوط الكتان والحرير، مع التركيز على اللونين الأحمر والأخضر، إلى جانب الربطة الخضراء مع الشال.

الثوب الفلسطيني الغزاوي.. انعكاس الحياة الاجتماعية لغزة


اشتهر الثوب الفلسطيني في قطاع غزة، المعروف أيضًا باسم الثوب الغزي، بتطريزاته الفريدة التي تتضمن وحدات هندسية كبيرة وتصاميم لافتة مستوحاة من الزهور والطيور الملونة.

وتُظهر هذه الزخارف ارتباطًا وثيقًا بالحياة الاجتماعية وطبيعة أهل غزة، أكثر من ارتباطها بأي بُعد سياسي.

ومن الجدير بالذكر أن مدينة المجدل التي كانت تعد مركزًا رئيسيًا لصناعة النسيج حتى عام 1948 كانت تزود قرى فلسطين كافة بالأقمشة اللازمة، ما جعل من الثوب الغزي جزءًا غنيًا من التراث الفلسطيني في تلك الحقبة.

الثوب الفلسطيني لمدينة جنين .. رمز للمرأة العاملة

تتميز مدينة جنين بثوب أبيض مخطط بخطوط طولية متعددة الألوان. وارتبط هذا النمط إلى طبيعة عمل النساء في الزراعة.

إذ إن أغلب نساء جنين كن يعملن في الحقول. لذلك، يعكس الثوب طابع الريف والزراعة الريفية في فلسطين، ليكون بمثابة رمز للمرأة العاملة في الأرض.

الثوب الفلسطيني لمدينة يافا.. انعكاس البيئة الخضراء

عرفت منطقة يافا بثوبها الغني بالغرز الدقيقة والكثيفة، التي تعكس دقة عالية في التنفيذ. ويتميز ثوب يافا بزخارف مستوحاة من الطبيعة.

مثل عروق الأشجار والورود، مستلهمة من بيئتها الخضراء الجميلة. ولذلك نجد أن كل ثوب يافوي يحتوي على تطريزات تمثل عروق الشجر الملون، منفذة بخيوط التطريز الفلاحي الأصيل.

لا تفوّت قراءة: حميد البقيش: إماراتي يروض الحيوانات المفترسة ويحول منزله إلى مملكة للأسود والنمور
الثوب الفلسطيني لبيت لحم .. رمز يروي تاريخ البلد

من أكثر الأثواب الفلسطينية بساطة من حيث التصميم، إلا أنه يحتوي على واحدة من أهم القُطب، وهي القُطبة التلحمية أو المعروفة باسم “القصب”.

والتي تستخدم بكثرة في هذا الثوب. أما ثوب العروس في بيت لحم، فيصنع عادة من قماش الحرير الملون بألوان زاهية ومخططة، ويتركز التطريز بكثافة عند القبة.

بينما تأتي الأكمام على شكل مثلثات مزخرفة برسومات مشربية مميزة. كما تعرف الأكمام الواسعة في هذا الثوب باسم “البنايق”.

الثوب الفلسطيني لمدينة القدس .. انعكاس للأحداث التاريخية

يمثل ثوب القدس أحد أكثر الأثواب الفلسطينية تأثرًا بالأحداث التاريخية التي مرت بها المدينة، من حروب واحتلالات، ولا سيما خلال الحروب الصليبية.

ينعكس هذا في بعض الغرز التطريزية التي تُظهر رموز التصليب، إلى جانب رموز الهلال وآيات قرآنية تدل على عودة القدس إلى الحكم الإسلامي.

كما تميز ثوب القدس بألوانه الداكنة والغامقة التي ترمز إلى الحزن الناتج عن النكبة.

ومن الجدير بالذكر أن بعض الأثواب صُنعت باستخدام الغرز الجاهزة عبر الماكينات، بعد أن قل اهتمام النساء بالتطريز اليدوي في فترات معينة.

الثوب الجليلي .. انعكاس للبيئة الغنية بالنباتات

في منطقة الجليل شمال فلسطين، تميزت أثواب النساء بتطريزات من الأزهار وأوراق الشجر.

استخدمت فيها خيوط باللونين الأحمر والأزرق، ما أضفى على الثوب الجليلي طابعًا طبيعيًا مستمدًا من بيئة المنطقة الغنية بالنباتات.

لا تفوّت قراءة: أسرار الجمال الخالد.. فنانات الزمن الجميل يكشفن وصفاتهن السحرية

تعليقات
Loading...