في حادثة صادمة هزّت الرأي العام الجزائري، أقدم شخص على تحطيم جزء كبير من تمثال “عين الفوارة” الشهير في ولاية سطيف، والذي يعد رمزًا ثقافيًا وتاريخيًا بارزًا في البلاد.
وقد تدخلت قوات الأمن على الفور لإيقاف الفاعل وسط مقاومة شرسة منه، مما أثار موجة من الجدل والانقسام بين مؤيد ومعارض للحادثة.
لا تفوّت قراءة: حين يتحول الجدار إلى لوحة فنية.. مها جميل وعلي عبدالفتاح يرويان حكاية أسوان بالرسم والألوان
لماذا يُستهدف تمثال “عين الفوارة”؟ صراع القيم بين الفن والتحفظ المجتمعي

يُستهدف تمثال “عين الفوارة” بسبب تجسيده لامرأة عارية، ما يُعتبر مخالفًا لقيم المجتمع الجزائري المحافظ.
ينظر إليه البعض كعمل فني تاريخي يجب حمايته، بينما يعتبره آخرون مسيئًا ومنافياً للحياء العام والتقاليد الدينية. تكرار الاعتداءات على التمثال يعكس صراعًا مستمرًا بين حرية التعبير الفني والقيود المجتمعية والدينية السائدة.
يجد التمثال نفسه في مرمى هجوم دائم نتيجة هذا التباين الثقافي الحاد داخل المجتمع الجزائري. الحفاظ على التمثال يفرض تحديًا كبيرًا أمام السلطات، بين حماية الإرث الثقافي واحترام الحساسية المجتمعية.
الجدل المتواصل حول “عين الفوارة” يُبرز تصادم القيم بين الحداثة الفنية والتفسيرات المحافظة للأخلاق والدين. هذا التمثال بات رمزًا لصراع أعمق حول الهوية الثقافية وموقع الفن في الفضاء العام بالجزائر.
تفاصيل الاعتداء وحركة التمثال: لحظات صادمة في سطيف

أظهر مقطع فيديو لحظة صعود المعتدي إلى نافورة “عين الفوارة” بوسط سطيف، وتحطيمه لجزء كبير من وجه التمثال.
ورغم تمايله وسعيه للبقاء متوازنًا، أوقفته قوات الأمن سريعًا، وجرى نقله إلى مركز الشرطة للتحقيق.
تجمهر العشرات من السكان فور وقوع الحادثة، وتبادلوا تفاصيل ما جرى وسط انقسام في الآراء بين الغضب والتأييد.
من اللوفر إلى قلب سطيف: رحلة تمثال عين الفوارة
تمثال “عين الفوارة” عمل فني نحته الفرنسي فرانسيس دي سانت فيدال عام 1898.
كُشف عنه أولًا في متحف اللوفر بباريس، احتفالًا بذكرى بناء برج إيفل. ولفت التمثال أنظار الحاكم العسكري لسطيف، فطلب نقله كهدية للمدينة.
وصل التمثال إلى سطيف في يوليو 1898، واستُقبل باحتفال شعبي واسع. وفي 1899، شُيّد له قاعدة حجرية رباعية ذات عيون ماء، بتصميم معماري فرنسي-إيطالي.
منذ ذلك الحين، أصبح التمثال رمزًا بصريًا وتراثيًا لمدينة سطيف. قصة التمثال تسلط الضوء على تشابك التاريخ الاستعماري بالفن والهوية المحلية.
تاريخ طويل من الاستهداف والتخريب لتمثال “عين الفوارة”

تعرض تمثال “عين الفوارة” لسلسلة من محاولات التخريب عبر العقود، في حوادث هزّت الرأي العام الجزائري:
- 22 أبريل 1997: قنبلة أسفل التمثال تسببت في تحطيمه جزئيًا، وتم ترميمه خلال 24 ساعة فقط.
- 31 مارس 2006: شاب يهاجم التمثال بمطرقة ويشوّه الوجه والخد الأيسر والأنف والفم.
- 18 ديسمبر 2017: رجل يحطم أجزاء من الوجه والثدي بمطرقة، والسلطات ترمّمه لاحقًا بميزانية تجاوزت 3 ملايين دينار جزائري.
- 2022: تكررت الاعتداءات، مما أعاد النقاش حول رمزية التمثال ومدى قبوله مجتمعيًا.
كل محاولة تخريب زادت من حدة الجدل بين من يراه إرثًا فنيًا ومن يطالب بإزالته.