انهيار خلايا النحل في مناطق من الوطن العربي: كارثة بيئية وحلول تقنية
خلايا النحل مش مجرد مصدر للعسل، اللي يُعتبر واحد من أهم مصادر الغذاء في العالم، ولكن تمتد أهمية النحل كعنصر أساسي في الحفاظ على شكل وفعالية النظام البيئي العالمي. بيتغذى النحل على رحيق الزهور والنباتات المختلفة، وخلال عملية الغذاء بينقل حبوب اللقاح من نبات للتاني في عملية بنسميها “التلقيح”، والعملية دي حاسمة في تكاثر النباتات وإثمارها. وبيساهم النحل في إنتاج حوالي 35% من الغذاء العالمي اللي بيعتمد على التلقيح الطبيعي للمحاصيل الزراعية؛ وبالتالي من غير النحل، هينهار التلقيح وممكن ينهار معاه نظامنا البيئي بالكامل.
ظاهرة انهيار خلايا النحل في المغرب
أتظاهر مربيين النحل في العاصمة المغربية، الرباط، في محاولة لإيجاد حل لأزمة انهيار خلايا النحل، وقال واحد من المتظاهرين لموقع الجزيرة مباشر إن أسراب النحل بتهجر الخلايا؛ وبالتالي بتنهار الخلية بسبب نقص عدد النحل فيها أو اختفاءه بالكامل في بعض الخلايا. وقال مربي نحل من المتظاهرين إن نسبة الخساير وصلت لـ 80% من خلايا النحل في بعض المزارع، وقال واحد تاني إنه ماشافش الظاهرة دي قبل كده خلال عمله في مجال تربية النحل لمدة 30 سنة.
وضح الخبراء إن أسباب الظاهرة دي مش معروفة لحد دلوقتي، ورجح بعضهم إن السبب هو خليط ما بين أسباب بيئية ومناخية وبيولوجية وكيميائية في نفس الوقت، في حين أكد المكتب الوطني للسلامة الصحية “أونسا” إن السبب مش انتشار أي نوع جديد من الأمراض.
سببت أزمة انهيار خلايا النحل في المغرب ضجة كبيرة بعد ما فتحت الحكومة تحقيق للكشف عن أسباب المشكلة وحلها، فانتقد عمال المناحل الخطوات اللي بتاخدها الحكومة ووصفوها بغير الكافية، في حين أكد بعض الخبراء إن الجفاف هو السبب اللي حول واحدة من أكبر وأقدم مزارع النحل في العالم؛ قرية أنزركي الموجودة جنوب المغرب، لمكان مهجور وصامت بعد ما كان طنين النحل ماليه. وصف الخبراء الظاهرة بالكارثة البيئية، وفسروا أسبابها بالجفاف الاستثنائي السنة دي، واللي تم وصفه بالأسوء خلال 40 سنة.
قال النحال المغربي، إبراهيم شتوي: “الجفاف هو ظاهرة طبيعية، لكن شدته هي اللي تثير القلق السنة دي”. وهجرت بعض العائلات من مربيين النحل الحرفة بسبب الخسائر الكبيرة اللي سببها انهيار خلايا النحل، وبسبب الخسائر دي قررت الدولة صرف دعم قدره 130 مليون درهم، بس قال مربيين النحل إنها ماتصرفتش لحد دلوقتي.
أزمة بيئية بتحذر بخطر انهيار النظام البيئي، وانهيار جزء مهم جدًا من اقتصاد البلد ومصدر رزق لعشرات الآلاف من المغاربة، وكمان بتحذر من انهيار نظام ثقافي مميز في المغرب؛ يتمثل في الطرق التقليدية اللي بيستخدمها مربيين النحل في حرفتهم.
ظاهرة انهيار خلايا النحل في محافظة درعا السورية
بدأت ظاهرة انهيار خلايا النحل في محافظة درعا السورية بهجرة أسراب النحل بأعداد كبيرة من خلاياها في المحافظة أو موت أعداد كبيرة منها في خلايا تانية. بعد فتح تحقيق، اكتشف الخبراء إن المشكلة مش جديدة وإنها بدأت من حوالي سبع سنين وبتزيد مع الوقت، وده اللي خلى المتخصصين يتوقعوا وجود أسباب قهرية وراء المشكلة، وأتكونت لجنة من الوزارة علشان تحقق في الظاهرة، وأنضم للجنة متخصصين من جامعة دمشق والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية ومديرية وقاية النبات في الوزارة، وإتحاد وجمعية النحالين.
لحد اللحظة دي مافيش إجابة واضحة وأكيدة عن أسباب انهيار خلايا النحل في محافظة درعا، ولكن المتخصصين بيخمنوا إن الأسباب ممكن تكون صحية، زيّ نقص مناعة النحل أو الإصابة بأمراض فيروسية وفطرية، وخمنوا كمان إن السبب متعلق بالتغيرات المناخية السريعة والقاسية، وقلة الأمطار، وتآكل المراعي، وموجات البرد الشديد اللي ضربت المنطقة، وأضافوا كمان أسباب تتعلق بالجوع في المناطق المحيطة بالمناحل سببها تآكل المراعي ونقص مصادر الغذاء من رحيق وحبوب لقاح.
وأشار بعض المتخصصين إن الظاهرة سببها هو ممارسات النحالين الغلط، زيّ استخدام حبوب لقاح مهربة من الصين فيها كميات كبيرة من المواد الكيميائية اللي بتسبب موت النحل، واعتماد النحالين على تجاربهم الشخصية في تغذية وعلاج أمراض النحل واللي بتسبب انتشار الأمراض أكتر من علاجها؛ ومن التجارب الشخصية دي استعمال الشمع التجاري والإطارات المستعملة والمبالغة في استخدام المضادات الحيوية.
أما النحالين فقالوا إن سبب من أسباب موت النحل وهجرته لخلاياه هو استعمال المزارعين لمبيدات حشرية وأسمدة بتأثر على صحة النحل وبتتسبب في تسممه.
أما عن الحلول اللي الدولة بتطرحها لحل المشكلة، فهي الخروج في جولات ميدانية أكتر علشان يدرسوا المشكلة ويقيموا الوضع الصحي للمناحل في محافظة درعا وباقي محافظات سوريا، مع توعية النحالين بتجنب استخدام المواد الصناعية المهربة زيّ الكاندي البروتيني، بالذات خلال فصل الشتاء، وضرورة استخدام مواد عضوية في مكافحة الآفات، ودعوة النحالين لدورات تدريبية عن الممارسات الصحيحة في تربية النحل.
الانهيار الجماعي لنحل العسل في مصر
في فبراير 2020، نشر موقع للعِلم Scientific American دراسة استقصائية عن ظاهرة انتكاس طوائف النحل الجماعية في المناحل المصرية، وأكدت الدراسات البحثية طبقًا للموقع إن المبيدات الضارة وشبكات الضغط العالي وموجات الهاتف المحمول والتغيرات المناخية وأمراض زيّ الفاروا والنوزيما سيرانا ممكن تكون أسباب محتملة وراء الظاهرة الخطيرة دي.
وضح نحالين من 4 محافظات (أسيوط والقليوبية والدقهلية والفيوم) إن معظم النحالين في مصر أتعرضوا لظاهرة انهيار خلايا النحل، وفقد بعض النحالين نسب كبيرة من خلايا النحل في مزارعههم حيث وصلت مستويات الخسارة لـ 50 و 70% من عدد خلايا النحل في المناحل المصرية، وأكدوا إن السبب وراء الكارثة دي مش واضح، أما بعض المتخصصين ففسروا أسباب الانهيار الجماعي بالمبيدات الحشرية، في حين قال متخصصين تانيين إن التغيرات المناخية وشبكات المحمول والضغط العالي هي السبب.
وضح الخبير الدولي في تربية وإنتاج ملكات النحل، فيصل علام، إن درجات الحرارة المتطرفة اللي شهدتها مصر خلال فصل الشتاء الماضي كان لها تأثير سلبي على طوائف النحل وسببت موت نسبة كبيرة منها، وبالتالي طلب علام من الحكومة المصرية التعاون مع جهات دولية وخبراء متخصصين علشان يتم انتقاء سلالات نحل قادرة على مواكبة التغيرات المناخية في مصر.
قال رئيس إتحاد النحالين العرب، فتحي البحيري لموقع الشروق إن وزارة الزراعة بتشتغل على تنمية وتطوير منظومة تربية النحل في مصر من خلال قروض بتوصل لـ 5 مليون جنية للمزارعين مع توفير حصص تموينية لهم والتأمين الشامل ضد الكوارث؛ زيّ السيول والحرائق، وتوفير علاجات آمنة لأمراض النحل علشان يقدر المزارعين يواجهوا التطورات والتغيرات العالمية والمحلية.
أزمة وحل في تونس
كارثة انهيار خلايا النحل اللي بتضرب مناطق مختلفة في الوطن العربي والعالم كله وصلت لتونس من سنين، وبيقول إلياس، واحد من مربيين النحل التونسيين، إنه فقد في 2013 نسبة كبيرة من خلايا النحل بسبب الرطوبة والتغيرات المفاجئة في درجات الحرارة، وبيضيف إن اضطرابات المناخ اللي بتحصل مؤخرًا خلت المناخ جاف في معظم أوقات السنة؛ وبالتالي قلت مساحات المراعي والغذاء اللي بيعتمد عليها النحل.
أما منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة فبتقول إن أعداد النحل في العالم بتقل بنسبة كبيرة، وأكدوا إن الأسباب وراء الظاهرة دي كلها من صنع الإنسان.
اعتمدت مجموعة من خريجي معاهد الهندسة في تونس سنة 2020 شركة اسمها “بي كيبر تيك” و اللي بتهتم بتطوير تكنولوجيات جديدة تساعد على مقاومة ظاهرة اختفاء النحل، وصمموا جهاز بيتم وضعه في خلايا النحل وبيستشعر الحالة الصحية للخلية، زيّ درجة الحرارة والرطوبة والوزن وكثافة الملقحات، وبيبعتها لجهاز كمبيوتر يحلل البيانات دي، وبيبعت لمربيين النحل نوتيفيكيشن على تليفونه المحمول تطلب منه التدخل لحماية الخلية في حال وجود مشكلة.
على حسب كلام إلياس، قلت نسبة انهيار خلايا النحل لـ 10% بس من وقت ما بدأ يستخدم التقنية الجديدة اللي بتوفرها شركة “بي كيبر تيك” لعدد كبير من مربيين النحل في تونس والجزائر والمغرب ونيوزيلندا والسعودية.
هل ينقرض النحل وتنهار البشرية؟
في واحدة من الجمل المنسوبة لآلبرت أينشتين قال: “بعد موت آخر نحلة على كوكب الأرض سيبدأ البشر بالانقراض”، وعلى حسب دراستين صدروا من جامعة هلسنكي فإن عدد النحل في العالم انخفض بنسبة 45% من تمانينات القرن الماضي لحد النهارده، بسبب زيادة التغيرات المناخية المتطرفة خلال السنين اللي فاتت، واللي اعتبره المتخصصين “كارثة انقراض فصائل النحل في العالم”.
فأي تغييرات ولو كانت طفيفة في درجات الحرارة بتسبب تغيرات جذرية في البيئات اللي بيعيش فيها النحل، وبالتالي بتهاجر الحشرات الضعيفة دي من منطقة للتانية سنويًا بحثًا عن بيئة مناسبة أكتر لحياتها، ولكن في ظل “فوضى المناخ” النهارده وزيادة وتيرة هجرة النحل، بتموت كميات كبيرة منه ونسبة قليلة بس اللي بتنجو من الفوضى دي.
بيأكد المتخصصين إن التغيرات المناخية المتطرفة اللي بتحصل النهارده بتحذر من كارثة بيولوجية خطيرة، ووضحوا إننا لازم نبدأ نعالج الكارثة دي قبل ما تسبب تغيرات جذرية في نظامنا البيئي بالكامل ويتحول الوضع الحالي من كارثة نقدر نلحقها للعلاج لواحدة غير قابلة للعلاج.