ماذا نعرف عن القدرات النووية لطهران؟ الضربات الإسرائيلية تُشعل منشآت إيران النووية
في فجر يوم الجمعة الماضية، انطلق الجيش الإسرائيلي في مهمة استهدفت منشآت نووية ومواقع عسكرية داخل الأراضي الإيرانية. وواصل الطرفان تبادل الهجمات لليوم السادس تواليا.
تشير التقديرات إلى أن برنامج إيران النووي تجاوز الحد المسموح به وفق الاتفاق النووي بنحو 28 مرة، مع مخزون مخصب يبلغ 164.7 كيلوجرامًا بنسبة 60%، وهي نسبة تقترب من مستوى 90% اللازم لصناعة السلاح النووي.
تؤكد طهران أن برنامجها لأغراض سلمية، بينما تعتبره تل أبيب تهديدًا وجوديًا. الضربات الأخيرة تفتح تساؤلات حول مصير البنية التحتية النووية في إيران، وأبرز المواقع التي وُضعت في مرمى النيران.
ما الذي نعرفه عن البرنامج النووي الإيراني؟ وهل إسرائيل فعلا قادرة على شل وتدمير هذه القدرات التي تعتبرها تهديدا لوجودها؟
لا تفوّت قراءة: الجيش الإيراني أم الإسرائيلي؟ مقارنة القدرات الجوية والبرية والنووية بين إسرائيل وإيران
نطنز.. المنشأة النووية الأخطر في إيران
يعد مفاعل نطنز النووي، الواقع في محافظة أصفهان وسط إيران، أكبر منشأة لتخصيب اليورانيوم في البلاد، وركيزة أساسية في البرنامج النووي الإيراني.
كما تظهر التصاميم الهندسية أن الموقع قادر على استيعاب ما يصل إلى 50 ألف جهاز طرد مركزي، مما يعكس حجم قدرته الإنتاجية المتقدمة.
وبحسب تقديرات صدرت عام 2006، تضم المنشأة ما يقارب 50 ألف أنبوب متطور لنقل الغاز، وهي منظومة تُستخدم ضمن مراحل تخصيب اليورانيوم.
وتشير التقارير إلى أن تلك البنية التحتية تتيح نظريًا إنتاج كميات كافية لصناعة أكثر من 20 رأسًا نوويًا سنويًا، ما يضع المنشأة في دائرة القلق الدولي.
وقد أقيمت المنشأة في البداية بسرية كاملة، إلى أن جرى الكشف عنها لأول مرة عام 2002، ما فجّر موجة من الجدل السياسي والرقابة الدولية.
كما جرى بناء المفاعل على عمق 8 أمتار تحت سطح الأرض، ويحيط به جدار خرساني بسماكة 2.5 متر، إلى جانب أسلاك شائكة ومنظومات دفاع جوي.

كما تتولى وحدات من الحرس الثوري الإيراني مسؤولية تأمين الموقع، وهو ما يعكس أهميته الاستراتيجية داخل النظام الدفاعي الإيراني.
منذ عام 2010، تعرض مفاعل نطنز لهجمات متكررة نُسبت إلى إسرائيل، شملت عمليات إلكترونية وأعمال تخريب وانفجارات داخلية.
وفي تطور جديد، أعلنت إيران رسميًا في 13 يونيو 2025 أن منشأة نطنز كانت ضمن المواقع التي استهدفتها غارة جوية إسرائيلية.
علاوة على ذلك، تشير هذه الضربات إلى تصعيد غير مسبوق في الصراع الإسرائيلي–الإيراني، وتفتح باب التساؤلات حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني وقدرته على الصمود.
منشأة أصفهان النووية.. قلب تحويل اليورانيوم في إيران
تقع منشأة تحويل اليورانيوم في مدينة أصفهان وسط إيران، ودخلت حيز الاستخدام الصناعي لأول مرة في عام 2004.
تقوم المنشأة بتحويل خام “الكعكة الصفراء” المستخرج من المناجم الإيرانية إلى مركّبي UF4 وUF6 المستخدمين في تخصيب اليورانيوم.
كما تعد هذه العملية أساسية ضمن دورة الوقود النووي، إذ تُضخ الغازات الناتجة في أجهزة الطرد المركزي للتخصيب.
تحتوي أصفهان أيضًا على مختبر لإنتاج وقود نووي منخفض التخصيب، جرى افتتاحه في أبريل 2009 للمفاعلات المدنية.
تضم المنشأة مركز أصفهان للتكنولوجيا النووية، ويعمل بها آلاف العلماء وتحتوي على ثلاثة مفاعلات بحثية ومختبرات صينية متخصصة.
تعتبر المنشأة من الأعمدة التقنية للبرنامج النووي الإيراني، ولها دور رئيسي في دعم قدرات إيران على إنتاج الوقود النووي.
في 15 يونيو 2025، أعلنت إسرائيل تنفيذ ضربة جوية استهدفت منشأة نووية في أصفهان، دون تفاصيل حول حجم الخسائر.
مفاعل خونداب (أراك).. الطريق الإيراني الثاني نحو القنبلة النووية
بدأت إيران في عام 1996 ببناء منشأة لإنتاج الماء الثقيل في مدينة أراك، وأعلنت بدء الإنتاج رسميًا في 2006.
تنتج المنشأة 17 طنًا سنويًا من الماء الثقيل بنسبة نقاء 15%، و80 طنًا أخرى بنسبة 80% تقريبًا. ويرى خبراء أن القدرة الإنتاجية للماء الثقيل تمثل خطوة محورية نحو استقلال إيران في دورة الوقود النووي.
كما تمكن المنشأة إيران من الحصول على البلوتونيوم، وهو بديل محتمل لليورانيوم في إنتاج القنبلة النووية. وتشير التقديرات إلى أن كمية البلوتونيوم المنتجة تكفي لصناعة قنبلتين نوويتين سنويًا على الأقل.
في عام 2004، بدأت إيران ببناء مفاعل نووي جديد بقدرة 40 ميغاوات بالقرب من المنشأة. وصُمم المفاعل ليعمل بالماء الثقيل واليورانيوم الطبيعي، دون الحاجة إلى عمليات التخصيب.
علاوة على ذلك، واجه المشروع اعتراضات دولية، وتم تعطيله لاحقًا ضمن محاولات للحد من تقدم إيران النووي.

لا تفوّت قراءة: حميد البقيش: إماراتي يروض الحيوانات المفترسة ويحول منزله إلى مملكة للأسود والنمور
منشأة فوردو النووية.. الحصن المدفون تحت الجبل
تقع منشأة فوردو على بُعد 100 كيلومتر جنوب غرب طهران، وتضم أجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم بنسبة عالية.
وجرى تشييدها داخل جبل قرب مدينة قم، ما يمنحها تحصينًا طبيعيًا فريدًا ضد الضربات الجوية. وتُحيط بالمنشأة أنظمة دفاع جوي وصواريخ مضادة للطائرات، تعزز صعوبة استهدافها في أي هجوم مباشر.
يرى الخبراء العسكريون الإسرائيليون أن الموقع يمثل تحديًا عملياتيًا أقرب لـ”الكابوس” بسبب عمقه وموقعه. وتقع المنشأة على عمق نصف كيلومتر داخل الجبل، ما يعقد مهمة تدميرها من الجو.
يعتبرها باحثون في مراكز غربية العمود الفقري للبرنامج النووي الإيراني، نظراً لأهميتها الاستراتيجية. وصفها الخبير بهنام بن طالبلو بأنها “مبتدأ كل شيء ومنتهاه في العملية النووية الإيرانية”.
أفادت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية بأن فوردو تعرضت لهجوم في يونيو 2025 خلال الحرب، دون أضرار كبيرة.
لا تفوّت قراءة: رأس شقير على ساحل البحر الأحمر كنز يعاد استكشافه.. ما أهميتها وما الصكوك السيادية؟
مفاعل بوشهر النووي.. البداية الفعلية للبرنامج الإيراني
يُعد مفاعل بوشهر أول منشأة نووية للطاقة الكهربائية في إيران، ومن أقدم المشاريع النووية قيد التنفيذ في العالم.
وبدأ التخطيط للمشروع في السبعينيات، لكن التنفيذ الفعلي استغرق أكثر من 35 عامًا حتى التشغيل الكامل.
ويقع المفاعل على الساحل الشمالي للخليج العربي بمدينة بوشهر، على بُعد 1200 كيلومتر جنوب طهران.
ويمثل بوشهر أول محطة نووية لتوليد الكهرباء في الشرق الأوسط، رغم وجود منشآت بحثية في دول أخرى بالمنطقة.
وتزود روسيا مفاعل بوشهر بالوقود النووي، ويخضع المشروع لمراقبة وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.

موقع بارشين العسكري.. منشأة مشبوهة بثنائية الاستخدام
يقع موقع بارشين العسكري جنوب شرق طهران، ويُستخدم لأغراض بحث وتطوير الذخائر والصواريخ والمتفجرات.
أثارت منشآت بارشين الشكوك منذ 2004، بعد تقارير عن محطة تجارب هيدروديناميكية قد ترتبط بتطوير أسلحة نووية.
وفي 2005، زار مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية الموقع مرتين، وجمعوا عينات بيئية لتحليلها.
رغم نفي وجود أنشطة مشبوهة، إلا أن الشكوك الدولية ظلت قائمة، خاصة مع منع التفتيش مجددًا في 2012.
وأكدت الوكالة حينها عدم قدرتها على ضمان خلو الموقع من أنشطة نووية غير معلنة، ما عزز المخاوف بشأن استخدام مزدوج.
خلال الحرب الأخيرة، جرى استهداف بارشين ضمن الضربات الإسرائيلية، دون إعلان رسمي عن حجم الأضرار.
مصنع أردكان لإنتاج الكعكة الصفراء.. خطوة مبكرة في دورة الوقود النووي

في مايو 2023، أعلنت إيران تشغيل مصنع “ساجند أردكان” في محافظة يزد، لإنتاج اليورانيوم غير المخصب المعروف بـ”الكعكة الصفراء”.
يُستخدم هذا النوع من اليورانيوم كمادة أولية في دورة الوقود النووي، قبل تحويله لاحقًا إلى مركبات قابلة للتخصيب.
وجرى تنفيذ المشروع بالكامل بأيدي خبراء ومتخصصين من منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في إطار تعزيز الاكتفاء الذاتي النووي.
محطة كارون النووية.. مشروع نووي قيد الإنشاء في خوزستان
بدأ العمل في محطة كارون النووية عام 2022، في محافظة خوزستان جنوب غربي إيران. ويُقدّر أن يستغرق بناء المحطة 8 سنوات، بتكلفة تبلغ حوالي ملياري دولار أميركي.
تتضمن الخطة إنشاء “الجزيرة النووية”، وهي مجمع المباني المسؤولة عن تشغيل المفاعل النووي.
ويهدف المشروع إلى تعزيز القدرات النووية المدنية لإيران، في منطقة غنية بالنفط وقريبة من الخليج العربي.