بين كثبان الرمل وناطحات السحاب، تنطق أرض الإمارات بأسماء أماكن تحمل في طيّاتها حكايات الزمن: “أم هرير”، “أبو هيل”، “أم الرمول”، وغيرها من التسميات التي تبدأ بـ”أم” و”أبو” وتثير فضول كل من يسمعها. هل هي مجرد أسماء؟ أم رموز لقصص دفنتها الرمال وحفظتها الذاكرة الشعبية؟
في هذا المقال، نأخذك في رحلة لفك شيفرة تلك المسميات، لنكشف عن المعاني والدلالات الكامنة وراءها، ولماذا ترتبط بجغرافيا المكان أو تاريخه أو حتى ملامح من الطبيعة كانت شاهدة على البدايات الأولى.
لا تفوت قراءة: قبل افتتاح ديزني لاند أبوظبي.. مدن ترفيهية يمكنك تجربتها في جزيرة ياس بالإمارات
أم القيوين.. لماذا تُعد من مصادر القوة في دولة الإمارات؟
تقع إمارة أم القيوين شمال غرب الإمارات، على الخليج العربي، وتفصلها 23 كيلومترًا من الشواطئ بين الشارقة ورأس الخيمة.
لكن ما سر التسمية؟
اسم “أم القيوين” يعود إلى “أم القوتين”، في إشارة إلى القوة البحرية والبرية التي اشتهر بها سكان الإمارة قديمًا.
فما الذي يثبت هذا الإرث؟
الآثار المكتشفة في جزيرة السينية ومنطقة الدور تكشف تاريخًا عريقًا في صيد اللؤلؤ والتجارة البحرية والمهارات الدفاعية.
لهذا، تُعد “القوتين” رمزًا للقوة الشاملة
فقد جمع أهل أم القيوين بين الشجاعة في البحر والمهارة على اليابسة، مما جعلهم قوة يُحسب لها حساب.
ولا تزال القوة حاضرة حتى اليوم
فمن إرث الأجداد إلى مشاريع الحاضر، تواصل أم القيوين تعزيز مكانتها كجزء محوري من قوة الإمارات الاتحادية.
أم الرمول.. لماذا تحمل هذا الاسم الفريد في قلب دبي؟
تقع أم الرمول شرق دبي، ضمن منطقة ديرة، وتُعد من أقدم المناطق الصناعية في المدينة الحديثة.
ما الذي يحيط بها؟
يحدها شمالًا مطار دبي الدولي، وشرقًا ند شما، وغربًا القرهود، وجنوبًا منطقة رأس الخور الحيوية.
ما أبرز ملامحها اليوم؟
تشتهر بوجود المستودعات والمحلات الصناعية، إضافة إلى مناطق سكنية متفرقة تخدم العاملين في القطاعات اللوجستية والتجارية.
فما أصل الاسم؟
“رَمول” جمع “رَملة”، أي منطقة رملية. سميت بذلك بسبب كثبانها الرملية التي كانت تغطيها قبل النهضة العمرانية.
ولماذا “أم”؟
كلمة “أم” أسلوب عربي تقليدي يُستخدم للدلالة على موقع يحتضن شيئًا، وهنا تعني “موطن الرمال” أو “منشأها”.
لذلك، تبقى أم الرمول شاهدة على التحول
من صحراء رملية واسعة إلى مركز صناعي نابض بالحياة في قلب دبي الحديثة.
أم سقيم.. كيف تحولت من موطن الحمى إلى حي راقٍ في دبي؟
يعود اسم “أم سقيم” إلى كلمة “سقم”، وتعني المرض في اللغة العربية، ما يثير تساؤلًا حول أصل التسمية.
ويُقال إن سكان المنطقة قديمًا عانوا من أمراض وحمى متكررة، فارتبط المكان بالمرض وسُمي بهذا الاسم.
وتشير بعض الروايات إلى أن أم سقيم كانت مأوى يُستخدم لعلاج المرضى، خاصة خلال فترات انتشار الحمى.
اليوم، أصبحت أم سقيم من أرقى مناطق دبي، تضم مقاهي راقية، متاجر متنوعة، ومساكن فاخرة تطل على البحر.
لا تفوّت قراءة: أفضل الشواطئ المخصصة للسيدات فقط في الإمارات: استمتعي بالخصوصية والهدوء
مجلس أم الشيف.. ما سر هذا الاسم البحري في قلب دبي؟
تعود تسمية “أم الشيف” إلى منطقة غوص بحرية قديمة اشتهرت بوفرة نباتات “الشيف” البحرية في قاع مياهها.
وهو نوع من الأعشاب البحرية يُعرف بـ”هير الشيف”، وكان ينمو بكثافة في تلك الأعماق، مما جعل المنطقة مشهورة باسمه.
وتقول إحدى الروايات إن المنطقة عُرفت بوفرة اللؤلؤ عالي الجودة، فكان الغواصون يقصدونها لتميزها الثمين.
واختارها المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم مصيفًا له، لتميزها بالنخيل، والتربة الجيدة، والهواء النقي.
أم هرير.. ما السر وراء هذا الاسم الغريب في قلب دبي؟

تقع “أم هرير” في منطقة بر دبي، وتنقسم إلى “أم هرير 1” و”أم هرير 2″، وتتميز بأجوائها النشطة والمتنوعة.
وتجمع بين السكن والتجارة، وتضم مراكز تسوق، فنادق، بنوك، مطاعم، ما يجعلها وجهة مثالية للعيش والعمل والترفيه.
وهناك احتمال أن “هرير” تصغير لكلمة “هر”، أي القط، وقد تكون المنطقة عُرفت بكثرة القطط في الماضي.
ويُرجّح تفسير آخر أن الاسم يعود إلى “الهريري”، وهو نوع من الأسماك الصغيرة التي كانت تعيش على سواحل المنطقة.
وقد يكون الاسم انعكاسًا للطبيعة المزدوجة للمنطقة: برية تعج بالحياة، وبحرية كانت مصدرًا للرزق والحركة.
أبو ظبي.. لماذا سُمّيت موطن الظباء؟
تحمل إمارة أبو ظبي اسمًا له جذور في الطبيعة الصحراوية والحياة البرية التي كانت تميز المنطقة قديمًا.
فما أصل التسمية؟
وفقًا للرواية الأشهر التي نقلها الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، كانت المنطقة تعجّ بالظباء.
وما المقصود بالظباء؟
الظباء هو غزال الصحراء الكبير، رمز الرشاقة والجمال، وكان ينتشر بكثرة في صحراء الإمارة.
فلماذا “أبو ظبي” تحديدًا؟
لأنها كانت تُعرف كأرضٍ للظباء، فكان من الطبيعي أن يُطلق عليها اسم “أبو ظبي”، أي موطنها الأصلي.
أبو هيل.. هل هو اسم رجل أم نكهة رمال دبي؟
تحمل منطقة “أبو هيل” في ديرة دبي اسمًا متعدد المعاني، تتداخل فيه الروايات الشعبية مع الطبيعة الجغرافية.
فما أصل التسمية؟
تفسيرات عدة تشير إلى أن “الهيل” قد يدل على أرض رملية غير ثابتة أو على بئر ماء حلو كنكهة الهيل.
وهل هناك تفسير بشري؟
يُقال إن رجلًا كان يبيع الهيل في هذه المنطقة، واشتهرت باسمه، فأصبحت تُعرف بـ”أبو هيل”.
أين تقع اليوم؟
تقع في ديرة، شمالها كورنيش ديرة وسوق الواجهة البحرية، وتُعرف بصغر مساحتها وكثافة سكانها العالية.
لكن ماذا عن دقة الروايات؟
بعض هذه التفسيرات يُنسب إلى الاجتهادات الشعبية، فهي روايات بين “القيل” و”القال” نقلها المؤرخون عن الأقدمين.
وهكذا يبقى اسم “أبو هيل” علامة على تاريخ حي نابض بالحياة، يحمل في اسمه حكايات الرمل والنكهة الشعبية التي لا تُنسى.