في أمسية تجسد الفخامة الملكية وتعيد للأذهان ألق القصور التاريخية، شهدت القاهرة حدثًا غير مسبوق هو حفل “ذا جراند بول” (The Grand Ball) الذي استضافه قصر عابدين للمرة الأولى في مصر.
جاء الحفل بتنظيم Noble Monte-Carlo برعاية الأمير ألبير الثاني أمير موناكو، ليجمع بين الأناقة الأوروبية والروح المصرية في احتفالٍ فريد يقام عادة في مدن كبرى مثل موناكو وباريس وفينيسيا.
وتألق الحضور بمزيج من النبلاء والدبلوماسيين ونجوم الفن، حيث شارك عدد من الأمراء والأميرات الأوروبيين مثل الأميرة بياتريس دي بوربون والأمير جواتشيم موراه، إضافة إلى وفود رسمية من القصر الأميري بموناكو.
كما حضرت نخبة من نجمات مصر والعالم العربي من بينهن يسرا، وريهام حجاج، وجومانا مراد، وبوسي شلبي، في إطلالات راقية أضفت على الليلة سحرًا ملكيًا خاصًا.

وعقد الحفل ضمن ختام فعاليات حملة “مانحي أمل” (Hope Givers) التي تهدف إلى دعم الأعمال الخيرية عالميًا.
وبمناسبة استضافة قصر عابدين لهذا الحدث الملكي الضخم، وقبل اختتمامه مساء 9 نوفمبر بحفل ضخم في دار الأوبرا المصرية، بمشاركة الفنانة صفاء أبو السعود.
نغوص في تاريخه العريق لنكشف أسرار العمارة والفخامة التي تجعله أحد أهم القصور في العالم!




لا تفوّت قراءة: خريطة مسلسلات رمضان 2026.. من يتصدر المشهد في الدراما العربية؟
قصر عابدين.. الحلم الذي بدأ في باريس

بدأت فكرة بناء قصر عابدين عام 1863 عندما زار الخديوي إسماعيل باريس بدعوة من نابليون الثالث لحضور المعرض العالمي.
وخلال جولاته مع البارون هاوسمان، شاهد الشوارع الواسعة والحدائق الأنيقة والمباني الفخمة، فقرر أن يجعل من القاهرة عاصمة تضاهي المدن الأوروبية.
وبعد عودته، وضع خطة لبناء قصر يمثل واجهة مصر الحديثة، ليكون مقر الحكم ومركزًا للعاصمة الجديدة.

لا تفوّت قراءة: أغاني الخريف.. حين غنّت فيروز وعبد الحليم لوداع الصيف
من بيت عابدين بك إلى تحفة تروى التاريخ

أمر الخديوي إسماعيل بهدم منزل عابدين بك، أحد أمراء الأتراك، وضم الأراضي المجاورة حتى بلغت 25 فدانًا لبناء القصر.
وتقول الوثائق التي عثر عليها في ملفات الخاصة الملكية السابقة بعد الثورة إن تكاليف بناء القصر بلغت نحو 700 ألف جنيه من الذهب المجيدي.
بينما بلغت تكاليف تأثيثه حوالى مليوني جنيه، نظرًا للفخامة التي أُقيم بها من سجاد شرقي وتحف أوروبية ولوحات زيتية نادرة.
شارك مهندسون من دول عدة في تشييده بإشراف المهندس الفرنسي دي كوريل روسو، وبلغت تكلفة الإنشاء 40 ألف دولار، والتأسيس 120 ألف دولار.
بدأ البناء قبل افتتاح قناة السويس عام 1869، واكتمل عام 1874، ليصبح قصر عابدين رمزًا للعصر الحديث في قلب القاهرة.

لا تفوّت قراءة: هل تعلم أن ميدان رمسيس كان قرية صغيرة تُدعى “أم دنين”؟ أسرار لم تسمعها من قبل عن قلب القاهرة النابض
مقر الحكم والبهاء الملكي.. من سكن قصر عابدين؟
منذ افتتاحه، أصبح قصر عابدين مقرًا رسميًا للحكم من عهد الخديوي إسماعيل حتى ثورة 1952، سكنه الخديوي توفيق ثم عباس حلمي الثاني، فالسلطان حسين كمال، فالملك فؤاد، وأخيرًا الملك فاروق.
يضم القصر 500 غرفة، بينها صالون قناة السويس، القاعة البيزنطية، قاعة العرش، وصالة الطعام، كما يحتوي على مكتبة ضخمة تضم أكثر من 55 ألف كتاب، وحدائق غنية بالنباتات النادرة.
وفي جناح الحرملك وُضعت التحف والسجاد والتماثيل والساعات الذهبية، بينما تميز السلاملك بالاستقبالات الرسمية والمسرح الذهبي.


وفي الحديقة شيّد “كشك الشاي” وكشك الموسيقى بين عامي 1919 و1921، بتصميم المهندس الإيطالي فيروتشي.
تتوسط الكشك زخارف ملكية معقدة، يتوسطها التاج الملكي والهلال والنجوم الثلاث، وتحمل الكلمة الإيطالية “SALVE” أي “مرحبًا”.
أما جامع الفتح داخل القصر فتم توسيعه ليضم مدخلين، أحدهما من شارع عابدين والآخر من الحديقة، وفي عهد الملك فاروق، حُولت النافورة المقابلة لكشك الموسيقى إلى حمام سباحة عام 1937.


لا تفوّت قراءة: أين تشتري بوتس أنيق بأسعار مناسبة؟ قائمة بأشهر متاجر BOOTS من Muse إلى Zee
الأساطير والمقتنيات النادرة.. كب تحفة تروي تاريخ وعظمة!
تروي أروقة القصر قصصًا غريبة مثل ضريح “سيدي بدران” الذي لم يُنقل بسبب ما سُمي بـ”لعنته”، فاحتُفظ به داخل التصميم.
يضم القصر متاحف متعددة: متحف الأسلحة، متحف الأوسمة والنياشين، متحف الهدايا الرئاسية، ومتحف الفضيات.
في متحف الأسلحة توجد مقتنيات نادرة مثل سيف التتويج المرصع بالأحجار الكريمة وسلاح موسوليني وخناجر روميل ونابليون بونابرت.
كما يضم دروعًا مملوكية وخوذًا أيوبيّة ولوحات لمعارك تاريخية، وفي متحف الأوسمة، تعرض نياشين أُهديت لأسرة محمد علي، وأخرى للفنانين الكبار مثل أم كلثوم وعبدالوهاب وأحمد شوقي.


تحوّل قصر عابدين بعد الثورة إلى متاحف مفتوحة تعكس تاريخ الحكم المصري، أنشأ الرئيس حسني مبارك متحف الهدايا الذي يضم هداياه وهدايا الرؤساء مرسي وعدلي منصور.
من أبرزها مجسم المدينة المنورة المصنوع من الذهب والفضة ومجسم باب الكعبة، كما يحتوي متحف الفضيات على أدوات المائدة الملكية المطلية بماء الذهب، وبعض كؤوس نابليون، وتحف “الجالييه” النادرة.

لا تفوّت قراءة: براندات مصرية فاخرة تتألق في المتحف المصري الكبير.. علامات تجارية تجسد روح الحضارة
مسرح السياسة وأسرار التاريخ في قلب قصر عابدين!

شهد قصر عابدين أحداثًا تاريخية مفصلية، أبرزها مظاهرة 9 سبتمبر 1881 بقيادة أحمد عرابي أمام الخديوي توفيق.
وفي عام 1942، طوّقت المدرعات البريطانية القصر لإجبار الملك فاروق على تكليف مصطفى النحاس بتشكيل الحكومة.
ثم حاصرته قوات الجيش فجر 23 يوليو 1952 أثناء الثورة، معلنة نهاية الحكم الملكي وبداية الجمهورية.
وشهد القصر أيضًا أزمة عام 1954 بين محمد نجيب وجمال عبد الناصر، حين أعلن نجيب استقالته ثم عاد وسط هتافات الجماهير.


