من الفكرة إلى الشهرة: قصة اختراع البلايستيشن وأيقونات الألعاب

إذا كنت من جيل الثمانينات أو التسعينات، فمن المؤكد أنك عايشت قصة اختراع جهاز البلايستيشن ورحلة التطور، وشهدت كيف أصبح جزءًا أساسيًا في العديد من المنازل، أو على الأقل احتل مكانته في البيوت الجديدة وأصبح جزءًا من حياتنا اليومية.

لم يعد البلايستيشن مجرد جهاز للترفيه، بل أصبح نشاطًا يمارسه الكثيرون في نهاية كل أسبوع في العالم العربي، مما جعله يترسخ في الوعي الثقافي والاجتماعي كرمز للترفيه الحديث.

ولكن كيف بدأت هذه الظاهرة؟ تعود جذور البلايستيشن إلى بداية التسعينيات، عندما قررت شركة سوني دخول عالم صناعة الألعاب الإلكترونية.

ورغم البداية المتعثرة والتحديات الكبيرة التي واجهتها سوني، مثل فشل شراكتها مع نينتندو، إلا أنها استطاعت إحداث ثورة في عالم الألعاب بعد إطلاق جهاز البلايستيشن لأول مرة عام 1994.

مع مرور الوقت، استطاع البلايستيشن أن يحقق شعبية جارفة بفضل تصميمه المبتكر وقدرته على تقديم تجربة لعب غير مسبوقة، مدفوعة بألعاب مثل Final Fantasy وMetal Gear Solid وResident Evil، التي أسرت قلوب اللاعبين ورفعت مستوى الترفيه إلى آفاق جديدة.

وأصبح البلايستيشن، مع كل جيل جديد من إصداراته، جزءًا من حياة الأجيال المختلفة، محققًا مبيعات ضخمة وشهرة عالمية جعلته أحد الرموز الأساسية في عالم التكنولوجيا وألعاب الفيديو.

وفي الذكرى الثلاثين لهذا الحدث، في 3 ديسمبر 1994، يروي مبتكر الجهاز الياباني كين كوتاراجي كيفية نشوء وحدة التحكم التي لم يكن أحد يريدها تقريباً في ذلك الوقت.

كيف بدأت الفكرة: بداية مضطربة

في حواره مع وكالة “فرانس برس”، كشف كين كوتارجي، المخترع الرئيسي لجهاز البلايستيشن الذي ظهر في منتصف التسعينيات، أن بدايات المشروع كانت مضطربة ومتوترة.

حين قررت شركة سوني دخول عالم صناعة الألعاب الإلكترونية، واجه الفريق تحديات كبيرة، منها الشكوك حول جدوى المشروع وصعوبة منافسة الشركات العملاقة مثل نينتندو وسيجا.

وأشار كوتارجي إلى أن العملية لم تكن سهلة، حيث كانت هناك حاجة لإقناع الشركة بأن هذا المجال يمتلك إمكانيات كبيرة، مما تطلب إبداعًا وجهدًا مضنيًا.

ومع ذلك، كان الشغف والتفاني في العمل هو المحفز الرئيسي الذي ساعد على تخطي هذه الصعوبات، ليخرج المشروع إلى النور ويحقق نجاحًا غير مسبوق.

تحدث كوتارجي عن التوتر الذي صاحب عملية تطوير الجهاز، خاصةً عندما واجه الفريق مشاكل تقنية كبيرة في تصميم المعالج والرسوميات.

لكن بفضل التعاون الوثيق والابتكار المستمر، نجحوا في إنتاج جهازٍ جمع بين الأداء العالي والألعاب ذات الجودة المذهلة، ليبدأ رحلة تحول البلايستيشن إلى ظاهرة ثقافية عالمية.

من أين جاءت فكرة البلايستيشن؟

قال المهندس البالغ من العمر 74 عامًا: “كانت وحدات التحكم مثل إن إي إس من نينتندو تُعتبر في أوائل التسعينات ألعابًا للأطفال”.

وفي تلك الفترة، كانت ألعاب الفيديو تعتمد على رسومات ثنائية الأبعاد، وكانت الصور المولدة بواسطة الكمبيوتر نادرة حتى في السينما، حيث كانت تستخدم في أفلام مثل توتال ريكال (1990) من بطولة أرنولد شوارزنيغر.

وأشار كوتاراجي إلى أن “إنتاج هذه الأفلام كان يستغرق عامًا أو عامين بميزانيات تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، ولم يكن من الممكن في ذلك الوقت توليد صور ثلاثية الأبعاد في الوقت الفعلي”.

ومع ذلك، كان هذا المهندس البسيط في شركة سوني، الذي سيصبح لاحقًا رمزًا في تاريخ ألعاب الفيديو، يطمح إلى “الاستفادة من التقدم في مجال تكنولوجيا المعلومات لابتكار نوع جديد من الترفيه”، حسب قوله.

من الفشل إلى النجاح: قصة خيانة نينتندو لشركة سوني

كانت البداية في الواقع تتسم بالتعاون بين شركة “سوني” وشركة “نينتندو”، حيث عملنا معًا على تطوير قارئ أقراص مضغوطة متوافق مع وحدة التحكم “سوبر فاميكوم” (التي عُرفت باسم “سوبر نينتندو” خارج اليابان).

كانت هذه الشراكة تهدف إلى إدخال تقنية جديدة لتعزيز تجربة الألعاب في تلك الفترة، وإضافة أبعاد جديدة للجهاز عبر استخدام الأقراص المضغوطة.

لكن المفاجأة الكبرى حدثت في عام 1991، عندما قررت “نينتندو” الإعلان عن تطوير نسختها الخاصة من الجهاز بالتعاون مع شركة “فيليبس” الهولندية، وذلك بعد ساعات قليلة من إعلان “سوني” عن مشروعها في معرض تجاري ضخم في لاس فيغاس.

هذا القرار كان بمثابة صدمة لشركة “سوني”، حيث وصفه كين كوتارجي، المخترع الرئيسي للبلايستيشن، بأنه “خيانة وإهانة” للشركة، مما دفعها إلى إعادة النظر في خططها وبداية فصل جديد في تاريخ صناعة الألعاب.

بدلاً من الاستسلام لهذا الموقف، قررت “سوني” تطوير جهازها الخاص الذي أطلق عليه لاحقًا اسم “بلايستيشن”، ليكون جهازًا مستقلًا وقادرًا على قراءة أشرطة وأقراص مضغوطة، ويشكل نقطة تحول في صناعة الألعاب.

تخوف سوني من صناعة البلايستيشن

وللحصول على الضوء الأخضر داخل سوني، كان على كوتاراجي أن يخوض معارك داخلية شديدة، حيث واجه معارضة قوية من معظم المسؤولين.

كان الكثير منهم يعارضون بشدة دخول الشركة في هذا المجال الجديد، خشية أن تؤدي هذه المغامرة إلى تشويه سمعتها كشركة مصنعة للأجهزة المتطورة.

هذه الخطوة كانت بداية لرحلة تحققت فيها “سوني” نجاحًا ساحقًا، وأصبحت البلايستيشن واحدة من أشهر العلامات التجارية في العالم، وتغيرت معها صناعة الألعاب إلى الأبد.

في حواره، قال “كوتاراجي” متحدثًا عن التحديات التي واجهها خلال تطوير البلايستيشن: “الجميع أخبرنا بأننا سنفشل”.

ورغم ذلك، وبعد إطلاق الجهاز في منتصف التسعينات، حقق البلايستيشن نجاحًا هائلًا وانتشر بسرعة كبيرة، حتى أصبح موجودًا في معظم الدول حول العالم وأصبح أيقونة في عالم الألعاب الإلكترونية.

من البلايستيشن إلى الذكاء الاصطناعي

وبفضل هذا النجاح الباهر، ارتقى “كوتاراجي” ليصبح نائب رئيس شركة سوني في عام 2007، ولكن بعد فترة قرر الاستقالة، وتزامن هذا مع إطلاق جهاز البلايستيشن 3، الذي كان مرحلة جديدة ومثيرة في مسيرة الشركة.

حالياً، يدير “كوتاراجي” شركة ناشئة تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، حيث يواصل الابتكار والتطوير في مجالات التكنولوجيا المتقدمة.

بالإضافة إلى ذلك، يتولى “كوتاراجي” التدريس في كلية علوم الكمبيوتر بجامعة كينداي، مشاركًا خبراته الواسعة في عالم التكنولوجيا مع الأجيال الجديدة من المهندسين والمطورين.

أشهر الألعاب: من اليابانية إلى FIFA

تعتبر ألعاب كرة القدم من أكثر الألعاب التي حققت شهرة عالمية وعربية، حيث شهدت إقبالًا واسعًا وتفاعلًا من المستخدمين في جميع أنحاء العالم.

وعلى الرغم من أن هناك ألعابًا أخرى مثل “كراش” و”تيكين” التي نالت شهرة أيضًا، إلا أن ألعاب كرة القدم تصدرت القائمة بلا منازع.

بدأت رحلة ألعاب كرة القدم مع لعبة Wining Eleven 3، التي كانت تعرف باسم “اليابانية” في بداياتها، وحققت شهرة كبيرة في أواخر التسعينات وبداية الألفية الجديدة.

وهذه اللعبة كانت الأكثر رواجًا في تلك الفترة، وأحبها اللاعبون بفضل أسلوب لعبها الواقعي والممتع.

ثم جاء دور لعبة Pro Evolution Soccer، والتي عُرفت باسم “Pro Evolution Soccer” في العالم العربي.

وهذه اللعبة حققت شهرة واسعة في أواخر التسعينيات وبداية الألفية الثانية، وكانت الأكثر رواجًا خلال فترة الانتقال من جيل أجهزة PS2 إلى PS3.

واستمرت لعبة “Pro Evolution Soccer” في التأثير على ساحة الألعاب حتى عام 2013، حيث قدمت تجارب لعب مميزة وأثرت في طريقة استمتاع اللاعبين بعالم كرة القدم الافتراضي.

وبينما كانت لعبة “Pro Evolution Soccer” تتربع على عرش الألعاب في هذه الفترة، بدأت لعبة FIFA تتقدم شيئًا فشيئًا لتصبح المنافس الأكبر في عالم ألعاب كرة القدم، محققة شهرة واسعة بفضل رسوماتها المتطورة وتجربتها الغنية بالمحتوى.

لعبة FIFA هي الخيار الأول بين عشاق ألعاب كرة القدم

منذ عام 2014، أصبحت لعبة FIFA هي الخيار الأول بين عشاق ألعاب كرة القدم، متفوقةً على Pro Evolution Soccer (بيس) التي كانت تهيمن في السابق.

ويرجع ذلك إلى اهتمام شركة Electronic Arts، صانعة لعبة FIFA، بتطوير اللعبة بشكل مستمر وتقديم تحسينات كبيرة مع كل إصدار جديد.

جرى التركيز على جعل اللعبة أكثر واقعية من حيث الرسوميات، تحركات اللاعبين، والأسلوب العام للعب، مما عزز من تجربة المستخدم وجعلها أقرب إلى الواقع.

تضمنت التحديثات الجديدة في كل عام عناصر مثل تحسين الذكاء الاصطناعي، إضافة أساليب لعب جديدة، وتحديثات دوريّة للفرق واللاعبين، مما جعل FIFA تظل في الصدارة وتحافظ على مكانتها كأكثر ألعاب كرة القدم رواجًا واستخدامًا على مستوى العالم.

ماذا عن سوق المبيعات؟

توقعت شركة سوني أن تنخفض مبيعات جهاز PlayStation 5 إلى 18 مليون وحدة، مقارنةً بـ 20.8 مليون وحدة جرى بيعها في العام الماضي، مما يعكس تراجعًا طفيفًا عن هدفها المعدل البالغ 21 مليون وحدة الذي أُعلن في فبراير، بعد أداء أضعف من المتوقع خلال موسم التسوق في نهاية العام.

مع ذلك، تتوقع سوني أن تشهد أرباح قطاع الألعاب ارتفاعًا بنسبة 7% هذا العام، بفضل انخفاض الخسائر في بيع الأجهزة نتيجة العدد الأقل من الوحدات المباعة، وزيادة الإيرادات من خدمة الاشتراك PlayStation Plus.

كما أعلنت سوني في فبراير عن خطة لتسريح 900 عامل في قطاع الألعاب وإغلاق أحد استوديوهاتها في لندن، في خطوة تهدف إلى إعادة هيكلة عملياتها وخفض التكاليف.

آخر كلمة ماتفوتوش قراءة: أيهما أفضل: شريحة eSIM الذكية أم SIM التقليدية؟

تعليقات
Loading...