خريطة أشهر المباني التاريخية في مصر: كنوز معمارية لا يعرفها الكثيرون

في شوارع مصر القديمة والحديثة، تتناثر تحف معمارية صامتة، تنطق بتاريخٍ طويل من الإبداع والهوية.

مبانٍ شاهدة على عصورٍ مرّت، تعكس في تفاصيلها مزيجًا فريدًا من الثقافات، وتُجسّد عبقرية المعماري المصري الذي جمع بين الجمال والدقة والرسالة.

ليست هذه المباني مجرد جدران، بل صفحات حيّة من ذاكرة الوطن، تخبئ بين أحجارها حكايات ملوك وأعيان، وثوراتٍ وتحوّلات، وعصور نهضة ازدهر فيها الطراز المعماري بأبهى صوره.

والأكثر إدهاشًا، أن كثيرًا من هذه الكنوز المعمارية ما تزال قائمة حتى اليوم، تحتفظ ببريقها رغم ما مرّ عليها من عقود وربما قرون.

في هذا التقرير، نأخذك في جولة عبر خريطة أبرز هذه المباني التاريخية التي قد لا يعرفها كثيرون، لاكتشاف كنوز معمارية مخفية تنتظر من يعيد اكتشافها ويمنحها التقدير الذي تستحقه.

لا تفوّت قراءة: أشهر خرافات الحضارة المصرية: الفراعنة بين الأكاذيب الشهيرة والحقائق المغلوطة

عمارة الإيموبيليا.. ناطحة سحاب الزمن الجميل وسكن نجوم الفن

شُيّدت عمارة الإيموبيليا عام 1940 على يد رجل الأعمال المصري أحمد عبود باشا، لتصبح من أبرز معالم وسط القاهرة.

وتقع العمارة في نقطة التقاء شارعي شريف وقصر النيل، وتتميّز بموقعها الاستراتيجي في قلب العاصمة.

وفي الخمسينيات، تحولت الإيموبيليا إلى مقر إقامة لنجوم مصر، لتضم أسماء مثل نجيب الريحاني، ومحمد فوزي، وأنور وجدي.

كما سكنت فيها ليلى مراد، ومحمود المليجي، ومحمد عبد الوهاب، وماجدة الصباحي، وكاميليا اليهودية الشهيرة.

ويقال إن الملك فاروق كان يزور كاميليا سرًا في شقتها دون حراسة، في وقتٍ كان فيه الحديث عنها لا ينقطع. كذلك، أقام فيها السياسي فؤاد سراج الدين، وكانت تضم مقر شركة أفلام أنور وجدي.

تصميم هندسي ضخم وأسلوب معماري مميز

تتكوّن الإيموبيليا من برجين، يضم كل منهما ثلاثة مداخل منفصلة لتوزيع الحركة داخل المبنى. ويحتوي البرج الأول على 11 طابقًا، بينما يتكوّن البرج الثاني من 13 طابقًا سكنيًا.

بإجمالي 370 شقة سكنية، تحتوي العمارة على 27 مصعدًا، ما يجعلها من أكبر العمارات في القاهرة.

مصدر إلهام لفيلم “بين السماء والأرض”

خلال زيارة للمخرج صلاح أبو سيف إلى أحد الفنانين هناك، تعطّل به المصعد لساعات طويلة. ومن هذه الواقعة، استوحى فكرة فيلم “بين السماء والأرض” الذي دارت أحداثه داخل مصعد معطّل.

جريمة قتل وغموض يحيط بالشقة رقم 58

في عام 1996، وقعت جريمة قتل بشعة داخل الشقة رقم 58، راح ضحيتها سمسار وخادمة. ومنذ تلك الليلة، تداول السكان قصصًا عن أصوات غريبة وأشباح تظهر ليلًا في الممرات.

يتوقف المصعد أحيانًا أمام الشقة دون سبب، مما زاد من غموض هذه الواقعة لدى السكان.

عمارة الشربتلي بالزمالك.. سكن الكبار وتاريخ من الأناقة اليونانية

شُيّدت عمارة الشربتلي في أربعينيات القرن الماضي على يد الخواجة دراكيز، وهو مهندس يوناني الأصل ترك بصمته في قلب القاهرة.

لاحقًا، انتقلت ملكية العمارة إلى رجل الأعمال السعودي حسن الشربتلي، لتُعرف باسمه وتصبح إحدى أيقونات حي الزمالك الراقي.

عمارة الشربتلي بالزمالك.. مقر إقامة النجوم والعقول اللامعة

كانت عمارة الشربتلي عنوانًا للعديد من مشاهير مصر، إذ سكنت فيها الفنانة نجاة الصغيرة، والمخرج الراحل عز الدين ذو الفقار.

كما عاش فيها الفنان محمود المليجي، إلى جانب نجلة العالم الكبير مصطفى مشرفة، ما يعكس مكانة العمارة الاجتماعية والثقافية.

عمارة الشربتلي بالزمالك.. تصميم معماري أنيق وتوزيع ذكي

تتكوّن العمارة من جزئين مميزين: الجزء الأول يطل على شارع البرازيل ويضم 12 طابقًا و37 وحدة سكنية أنيقة.

أما الجزء الثاني، فيقع على شارع عزيز أباظة، ويضم 11 طابقًا و33 وحدة سكنية، بتصميم يوازن بين الفخامة والعملية.

عمارة صيدناوي في الموسكي.. تحفة تجارية مستوحاة من باريس

في قلب ميدان الخازندار بحي الموسكي، تأسست عمارة صيدناوي عام 1913 على يد الأخوين سليم وسمعان صيدناوي من طائفة الروم الكاثوليك.

وبدأت قصة العمارة كمحل صغير لبيع الخردوات في حي الأزهر، قبل أن تتحوّل إلى مبنى تجاري ضخم يعمل في بيع الأقمشة والمنسوجات.

واستُلهم تصميم عمارة صيدناوي من مبنى “لافاييت” في باريس، الذي أُنشئ عام 1894، لتعكس العمارة روح الفخامة الأوروبية في قلب القاهرة.

وتبلغ مساحة المبنى 8530 مترًا مربعًا، وهو من تصميم المهندس الفرنسي جورج باروك، وضمّ 6 طوابق كاملة بتصميم يحاكي الفن الراقي.

وتميز المبنى بواجهة تضم 14 شرفة في كل طابق، تتيح رؤية كاملة لميدان الخازندار من أي زاوية داخل العمارة.

لا تفوّت قراءة: 9 هوايات رياضية للشيخ حمدان بن راشد: فزاع يُلهم العالم بمغامراته الرياضية

عمارة سوارس في وسط البلد.. مزيج من الفخامة الأوروبية والتاريخ اليهودي

تطل عمارة سوارس، المعروفة أيضًا باسم نادي ريسوتو، على ميدان مصطفى كامل في قلب القاهرة، وتُعد من رموز الحقبة اليهودية في مصر.

وأسس العمارة رجل الأعمال اليهودي روفائيل سوارس، الذي كان مديرًا لأحد البنوك، لتكون معلمًا معماريًا وسكنيًا فريدًا من نوعه.

وشيدت العمارة عام 1897، على طراز يمزج بين عصر النهضة الإيطالي والقصور الفرنسية، مع أعمدة جرانيتية تضفي فخامة نادرة.

وضمّت العمارة ناديًا شهيرًا في ذلك الوقت يُدعى “رينو وتو”، وكان من أبرز الوجهات الاجتماعية للأجانب والنخبة القاهرية.

تميّزت العمارة بجدرانها الحمراء اللامعة، التي احتفظت ببريقها حتى اليوم، لتبقى واحدة من أجمل واجهات وسط البلد وأكثرها سحرًا.

عمارة يعقوبيان في وسط البلد.. مرآة التحولات الطبقية في مصر

تُعد عمارة يعقوبيان من أشهر المباني السكنية التاريخية وسط القاهرة، وشاهدة صامتة على تحولات مصر الاجتماعية منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

وبُنيت العمارة عام 1937 على يد المليونير الأرمني هاغوب يعقوبيان، عميد الجالية الأرمنية، على طراز الآرت ديكو الأوروبي الأنيق.

وكانت وجهة للنخبة الراقية، ثم تحوّلت بعد ثورة يوليو 1952 إلى مساكن لضباط الجيش ضمن قرارات التأميم وتغيّرات الخريطة الاجتماعية.

وتحوّل سطح المبنى، الذي كان مخصّصًا للخدم، إلى وحدات سكنية للفقراء، ليعكس واقعًا جديدًا وتحولًا جذريًا في تركيبة المجتمع.

وجسّدت رواية “عمارة يعقوبيان” للكاتب علاء الأسواني الصادرة عام 2002 هذه التحوّلات، وتحولت لاحقًا إلى فيلم سينمائي ومسلسل تلفزيوني شهير.

لا تفوّت قراءة: مقاهي مصرية تاريخية عليك زيارتها في “الويك إند”: رحلة بين التاريخ والثرثرة

تعليقات
Loading...