وسط ملايين القصص المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، برزت قصة “علي” الطفل المصري الصغير، كوميض أمل وسط ظلام مرض نادر يُدعى “ضمور العضلات الشوكي” — أحد أكثر الأمراض تكلفة وتعقيدًا في العلاج على مستوى العالم.
في مقاطع مؤثرة انتشرت خلال الأيام الماضية، ظهرت والدته “إسراء الجارحي” تستغيث من أجل جرعة واحدة قد تُنقذ حياة ابنها، وتمنحه فرصة جديدة للعيش، بينما تجاوزت تكلفة تلك الحقنة حاجز الـ2 مليون دولار!
القصة التي بدأت بنداء إنساني مؤلم، تحوّلت خلال أيام إلى ملحمة تضامن ومشاركة مجتمعية نادرة، وانتهت بلحظة طال انتظارها: اكتمال التبرعات لعلاج “علي”، وعودة الابتسامة لوجهه الصغير، بعد أن كادت تخطفها قسوة المرض.
ما هو مرض ضمور العضلات الشوكي؟ ولماذا يُعد من أكثر الأمراض تكلفة في العالم؟ وكيف واجهت عائلة “علي” هذا الشبح للمرة الثانية بعد تجربة شقيقته “ليلى”؟
لا تفوّت قراءة: افتتاح المتحف المصري الكبير رسميا في نوفمبر 2025.. وإجازة للقطاعين العام والخاص
ليلى وضمور العضلات الشوكي.. حين يأتي التشخيص متأخرًا
في البداية، لم تكن الأسرة تعلم بإصابة “ليلى” بمرض ضمور العضلات الشوكي، إذ جاء التشخيص متأخرًا، بعد فوات الأوان للعلاج.
ومع تأخر التشخيص، فقدت “ليلى” قدرتها على الحركة تدريجيًا، وأصبحت طريحة الفراش، تعاني من آثار مرض لم يُرصد مبكرًا.
انطلاقًا من هذه التجربة المؤلمة، قرر الأب، الدكتور معتز، إخضاع طفله “علي” للفحوصات الجينية فور ولادته، للاطمئنان المبكر.
لكن النتائج كانت صادمة؛ “علي” أيضًا مصاب بضمور العضلات الشوكي، تمامًا كما حدث مع شقيقته الكبرى، ولكن هذه المرة كانت الأمور مختلفة.
قال الأب: “أجرينا الفحص مبكرًا لأن أعراض المرض لا تظهر فورًا، وقد يبدو الطفل طبيعيًا في البداية، كما حدث مع ليلى.”
ورغم صدمة النتيجة، إلا أن الكشف المبكر منح “علي” فرصة حقيقية للعلاج، بشرط تلقي حقنة “Zolgensma” قبل بلوغه عامه الثاني.
هذه الحقنة تُعد من أغلى الأدوية في العالم، لكنها الأمل الوحيد لإنقاذ “علي” من مصير مشابه لما عاشته شقيقته.
سباق مع الزمن: أسرة “علي” تجمع 2.1 مليون دولار قبل فوات الأوان
في مواجهة سباق لا يعرف الرحمة، تسابق أسرة الطفل “علي” الزمن لجمع 2.1 مليون دولار، ثمن حقنة واحدة تنقذ حياته.
الدواء يُدعى “Zolgensma”، ويُعتبر الأمل الوحيد لعلاج ضمور العضلات الشوكي، وهو مرض نادر يُهاجم عضلات الأطفال ويُضعفها حتى يفقدوا القدرة على الحركة.
قالت والدة “علي” في نداء مؤثر: “أنقذوا طفلي… علي يحارب أقسى مرض في عمر الزهور، لكنه لا يزال يحلم بالحياة”.
وأضافت: “علي صغير في سنه، كبير في صبره. يبتسم رغم الألم… يحاول أن يعيش مثل أي طفل، لكن جسده لا يساعده”.
وتابعت الأم: “حقنة Zolgensma هي الأمل الوحيد، لكن ثمنها يتجاوز 2 مليون دولار… مبلغ ضخم، لكنه يعني حياة كاملة”.
ولا تقف المعاناة عند هذا الحد؛ إذ تتحمل الأسرة شهريًا 177 ألف جنيه لتوفير الرعاية اليومية لكل من “علي” و”ليلى”.
أعباء ثقيلة لا تقدر عليها أسرة واحدة، لكن التكاتف المجتمعي قد يكون طوق النجاة في معركة الحياة والموت.
كلفة العلاج المستمر.. معركة يومية لا تقل صعوبة عن جمع ثمن الحقنة
في ظل انتظار العلاج النهائي، لم تتوقف الأسرة عن محاولات إبطاء تطور المرض لدى الطفلين “علي” و”ليلى”، عبر أدوية باهظة الثمن.
أوضح الأب أن الأسرة تعتمد على ثلاثة أدوية شهريًا: علبتان لليلى وواحدة لعلي، رغم تكاليفها التي تُثقل كاهلهم شهريًا.
“سعر العلبة الواحدة كان 200 ألف جنيه، ثم خفّضته الشركة إلى 59 ألفًا، لكنني ما زلت أدفع 177 ألف جنيه شهريًا”، قال الأب بأسى.
ورغم عدم كفاية هذه الأدوية للعلاج التام، يصر الأب على الاستمرار بتوفيرها، حفاظًا على الحد الأدنى من استقرار حالة طفليه.
هي معركة يومية تتجاوز الألم الجسدي، إلى نضال مادي ونفسي تعيشه الأسرة بصمت، في انتظار العلاج الحقيقي.
لا تفوّت قراءة: مهرجان حصاد المانجو 2025.. أماكن مُذهلة لا تفوّتها أثناء زيارتك الإسماعيلية
حسابات التبرع مفتوحة.. حلم إنقاذ “علي” يتحقق
استجابةً لظروف الأسرة، فتحت وزارة التضامن الاجتماعي حسابين بنكيين رسميين لجمع التبرعات لعلاج الطفل “علي” من ضمور العضلات الشوكي.
جاءت هذه الخطوة بعد استكمال الأسرة لكافة الأوراق القانونية المطلوبة، في محاولة لإنقاذ حياة “علي” قبل فوات الأوان.
قال الدكتور معتز، والد الطفل، في مناشدة مؤثرة: “أعلم أن التكلفة كبيرة… لكن أملي في الله، وفي قلوب المصريين والعرب، أكبر”.
وفي الوقت نفسه، ناشد الأب هيئة الشراء الموحد وهيئة التأمين الصحي بسرعة النظر في ملف علاج ابنته “ليلى” على نفقة الدولة.
وأوضح أنه حصل بالفعل على حكم قضائي لصالح “ليلى”، وينتظر تنفيذ القرار الطبي الذي قد يخفف جزءًا من المعاناة المستمرة. واختتم قائلًا: “لن نضيّع وديعة الله، سواء كان علي أو ليلى… هما أمانة في أعناقنا، وأملنا لا ينقطع”.
لا تفوت قراءة: مسلسل “كتالوج” يطرح سؤالا: هل يعرف الآباء كيف يدعمون بناتهم عندما تمر بأول “بريود”؟
تضامن النجوم مع “علي”.. حملة دعم واسعة قبل فوات الأوان

بعد انتشار نداء الاستغاثة، تفاعل عدد كبير من المشاهير مع حالة الطفل “علي” المصاب بضمور العضلات الشوكي، في حملة دعم لافتة.
كان من أبرز المتضامنين اللاعب محمود عبد الرازق “شيكابالا”، أسطورة نادي الزمالك، الذي نشر رسالة دعم على حساباته الرسمية.
كما شارك في الحملة عدد من لاعبي النادي الأهلي، من بينهم محمد مجدي “أفشة”، وياسر إبراهيم، واللاعب السابق أكرم توفيق.
انتشرت رسائل الدعم على صفحاتهم مرفقة بصور “علي”، وقصته، بهدف حشد التبرعات قبل أن يُغلق باب العلاج مع مرور الوقت.
هذا التضامن الواسع منح الحملة دفعة قوية، ورسّخ الأمل في قلوب الأسرة بأن يصل صوتهم إلى كل قلب قادر على المساعدة.
والد الطفل “علي” يعلن اكتمال تكاليف العلاج.. فرصة حياة جديدة تبدأ الآن!

في لحظة طال انتظارها، أعلن والد الطفل “علي” عبر حسابه الشخصي على “فيس بوك” اكتمال تكاليف علاج ابنه المصاب بضمور العضلات الشوكي.
كتب الأب كلماته بفرح وامتنان، مؤكدًا أن هذه الخطوة منحت “علي” فرصة جديدة للحياة، بعد سباق شاق ضد الزمن والمرض.
وأشار إلى أن قصة “علي” لم تمنح الأمل لأسرته فقط، بل أصبحت مصدر إلهام لكل طفل يواجه نفس المصير القاسي مع هذا المرض النادر.
أول تعليق من والد “علي” بعد اكتمال التبرعات: “كان حلمًا مستحيلًا… واليوم تحقق”
في تصريحات خاصة، عبّر والد الطفل “علي” عن سعادته البالغة بعد اكتمال تكاليف علاج ابنه المصاب بضمور العضلات الشوكي، واصفًا ما حدث بـ”المعجزة”.
قال الأب: “كان حلمًا مستحيلًا بالنسبة لنا، ولا نصدق حتى الآن أن المبلغ اكتمل… الحمد لله أولًا، ثم بفضل الناس وقلوبهم الرحيمة”.
وتابع: “منذ شهر يونيو، بدأنا نناشد الجميع لمساعدة علي، والحمد لله، وصل صوتنا بفضل الله وكرم المصريين والعرب في كل مكان”.
وأضاف: “كما تبرع الناس لعلي، هناك وجوه خير أخرى كثيرة بحاجة إلى الدعم… ومصر ما زالت بخير بأهلها وسندها الحقيقي”.
وأشار إلى أن “50 مليون جنيه كانت ناقصة أمس، لكن في ساعات قليلة تم استكمال المبلغ… لا أستطيع تحديد أسماء المتبرعين بدقة”.
وأكد أن التبرعات جاءت من داخل مصر وخارجها، من أشخاص وجهات متعددة، موضحًا أن المبالغ كانت كبيرة ومؤثرة بشكل مباشر.
واختتم حديثه قائلًا: “تأمين المبلغ كان أمرًا غير متوقع… والآن، سيتم استقبال علي في المستشفى قريبًا لبدء رحلة العلاج بالحقن الجيني”.
للرجال بعد الأربعين: 10 عادات لصحة أقوى وحياة أطول وتدعمها الأبحاث العلمية
ما هو ضمور العضلات الشوكي (SMA)؟
ضمور العضلات الشوكي (Spinal Muscular Atrophy – SMA) هو مرض وراثي نادر يؤثر على الخلايا العصبية الحركية المسؤولة عن التحكم في حركة العضلات الإرادية.
تشمل العضلات المتأثرة: عضلات الجذع، الأطراف السفلية والعلوية، وفي بعض الحالات عضلات الوجه والحلق، ما ينعكس على القدرة على المشي، البلع، وحتى التنفس.
ينتج المرض غالبًا عن طفرة في جين SMN1، وهو الجين المسؤول عن إنتاج بروتين ضروري لبقاء الخلايا العصبية الحركية في النخاع الشوكي.
نقص هذا البروتين يؤدي إلى تلف تدريجي في تلك الخلايا، مما يسبب ضعفًا عضليًا متفاقمًا وفقدانًا للقدرة الحركية بمرور الوقت.
في بعض الحالات، قد يمتلك المريض نسخًا إضافية من جين مشابه يُعرف بـSMN2، مما يساهم في إنتاج كميات ضئيلة من البروتين، ويُخفف من شدة الأعراض.
تشمل مضاعفات المرض: التهابات الجهاز التنفسي المتكررة، انحناء العمود الفقري (scoliosis)، وتيبّس المفاصل بسبب ضعف العضلات وعدم الحركة.
من الأكثر عرضة للإصابة بضمور العضلات الشوكي؟
يُعد ضمور العضلات الشوكي (SMA) مرضًا وراثيًا متنحيًا، ما يعني أن إصابة الطفل تتطلب وراثة جين معطوب من كلا الوالدين.
إذا كان كلا الوالدين حاملين للطفرة الجينية، فإن هناك احتمالًا بنسبة 25% لإصابة الطفل بالمرض في كل حمل.
الحاملون للمرض يمتلكون نسخة واحدة من الجين المعطوب، ولا تظهر عليهم أي أعراض، لكن بإمكانهم نقل الطفرة لأبنائهم.
يتوفر فحص وراثي خاص يمكنه الكشف عن الأشخاص الحاملين للجين المسبب للمرض، حتى في غياب التاريخ العائلي.
ورغم أن غالبية الحالات ناتجة عن طفرات في جين SMN1، فإن هناك أنواعًا نادرة من SMA مرتبطة بجينات أخرى.
من بين هذه الجينات: IGHMBP2، MORC2، UBA1، DYNC1H1، BICD2، TRPV4، وكل منها مرتبط بأشكال مختلفة من ضمور العضلات العصبي الحركي.
كيف يشخص ضمور العضلات الشوكي (SMA)؟
يبدأ تشخيص ضمور العضلات الشوكي من خلال مراجعة التاريخ الطبي العائلي، إلى جانب إجراء فحص بدني دقيق لتقييم قوة العضلات وردود الأفعال العصبية.
الخطوة الحاسمة في التشخيص هي الفحوصات الجينية، والتي تكشف وجود طفرات في جين SMN1، المسؤول الرئيسي عن معظم حالات SMA.
يُمكن لهذا الفحص تأكيد التشخيص في نحو 95% من الحالات، خاصة في الأنواع الأكثر شيوعًا (النوع الأول إلى الثالث).
في بعض الحالات، قد يُجري الطبيب فحوصات إضافية لتأكيد التشخيص أو استبعاد أمراض أخرى ذات أعراض مشابهة.
تشمل هذه الفحوصات:
- تخطيط كهربائي للعضلات (EMG) لقياس النشاط العضلي.
- دراسات التوصيل العصبي لتقييم فعالية الإشارات العصبية.
- خزعة عضلية في الحالات غير النموذجية أو النادرة، لفحص النسيج العضلي مباشرة.
ما هي العلاجات المتوفرة لـ SMA؟
رغم عدم وجود علاج نهائي، فإن هناك أدوية موافق عليها من FDA تحسن الأعراض وتزيد فرص البقاء، ومنها الحقنة التي تحدثت عنها والدة الطفل علي المصاب بالمرض:
- Nusinersen (Spinraza)
- يحقن عبر الحبل الشوكي، يزيد إنتاج بروتين SMN.
- مناسب للأطفال والبالغين.
- Onasemnogene abeparvovec (Zolgensma)
- علاج جيني يعطى مرة واحدة فقط، مخصص للأطفال أقل من سنتين.
- يضيف نسخة سليمة من جين SMN1.
- يُحسن الحركة والبقاء.
- Risdiplam (Evrysdi)
- دواء فموي للأطفال من عمر شهرين فما فوق.
- يزيد مستويات بروتين SMN.
أنواع ضمور العضلات الشوكي:
- النوع الأول يظهر في الرضع ويعد الأشد، إذ يسبب ضعفًا شديدًا ويؤثر على التنفس.
- النوع الثاني يبدأ في الطفولة، ويمنع الطفل من المشي لكنه يستطيع الجلوس.
- النوع الثالث يظهر لاحقًا ويُسبب ضعفًا تدريجيًا، مع قدرة مبدئية على المشي.
- النوع الرابع يصيب البالغين ويُعد الأخف، مع أعراض تدريجية لا تؤثر على العمر المتوقع
لا تفوّت قراءة: أفضل 5 وضعيات يوجا لحرق الدهون بسرعة في 10 دقائق فقط
لماذا تُعد حقنة Zolgensma من أغلى العلاجات في العالم؟

حقنة Zolgensma هي علاج جيني يُعطى مرة واحدة فقط للأطفال المصابين بضمور العضلات الشوكي (SMA) من النوع الأول قبل عمر عامين.
تُعد من أغلى الأدوية عالميًا، حيث يصل سعرها إلى 2.125 مليون دولار، نظرًا لتقنيتها المتقدمة وتأثيرها العلاجي العميق من جرعة واحدة.
توفر زولجينسما تحسنًا كبيرًا في الوظائف الحركية مثل التحكم في الرأس والجلوس، وأحيانًا المشي، مقارنة بعلاجات تتطلب جرعات مستمرة.
على عكس Spinraza، الذي يحتاج لحقن دورية مدى الحياة، تقدم Zolgensma نتائج أسرع وأكثر استدامة بجرعة واحدة فقط.
تشير التقييمات الاقتصادية إلى أن السعر العادل للحقنة يتراوح بين 185 ألف و1.1 مليون دولار، وفقًا لتحسّن جودة الحياة.
ارتفاع سعر Zolgensma يُعزى إلى ندرة المرض، وتكاليف البحث والتطوير، وعدد المرضى المحدود على مستوى العالم.